أوغلو: الأزمة في ليبيا شارفت على نهايتها أستانا كازاخستان من مبعوثة الصباح آسيا العتروس اسم جديد وشعار جديد اعتمدتهما منظمة المؤتمر الاسلامي أمس في الدورة الثامنة والثلاثين لوزراء خارجيتها اضافة الى الاعلان عن لجنة مستقلة لحقوق الانسان، كشف الامين العام للمنظمة كمال الدين أوغلو أنها ستكون الحجر الاساس لعمل فريق مستقل من رجال القانون وأخصائيين وخبراء في مجال حقوق الانسان من مختلف الدول المعنية وهو المجال الذي طالما سقط من اهتمامات المنظمة وسيتم الكشف عنهم في خضم المؤتمر. كان هذا أبرز ما أعلن عنه في اليوم الأول لأشغال وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الاسلامي في انتظار أن يؤول تغيير الاسم والشعار الى نتائج عملية ملموسة. ... انطلقت أمس الأشغال في العاصمة الكازاخستانية - أستانا - على وقع الملفات الشائكة انطلاقا من الازمة المتفاقمة في ليبيا، مرورا بالوضع في اليمن ومنه في أفغانستان والمشهد السوري المعقد، وصولا الى التحديات المصيرية التي تستبق موعد سبتمبر القادم عندما يحين موعد اعلان الدولة الفلسطينية، تحت شعار «السلام والتعاون والتطور» وقد أحيلت اليه مختلف الملفات التي كانت مقررة في قمة المؤتمر الاسلامي التي كان يفترض انعقادها في شرم الشيخ والتي تم تأجيلها الى وقت لاحق بطلب من مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من جانفي التي أطاحت بنظام مبارك. أكثر من ثمانين ملفا من الملفات المعقدة الى الاكثر تعقيدا ستكون على جدول الأعمال انطلاقا من الوضع المتفجر في أكثر من نقطة في العالم العربي، الى تفاقم ظاهرة «الاسلاموفوبيا» ومسألة التمويل الاسلامي، ومنها الى القضايا الامنية والبيئية والاقتصادية، الى جانب انتخاب هيئة دائمة مستقلة لحقوق الانسان، على أن يكون الخامس من أوت يوما لحقوق الانسان وكرامته الانسانية في الاسلام، حيث من المنتظر أن يبحث وزراء خارجية العالم الاسلامي على مدى ثلاثة أيام امكانية الخروج ببعض الحلول للكثير من القضايا العالقة. أوغلو: أزمة ليبيا شارفت على الانتهاء وفي افتتاح أشغال المؤتمرالمنعقدة في قصر الاستقلال رمز الانفصال عن مظلة الاتحاد السوفياتي سابقا، أشاد الامين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو بالتغييرات الديموقراطية في تونس ومصر وشدد على ضرورة تعزيز آمال الشعوب في الحكم الرشيد وسيادة القانون والديموقراطية. ودعا في كلمته المطولة التي استعرض فيها مختلف التحديات الامنية والاقتصادية والسياسية والثقافية في العالم الاسلامي الى توخي حل سلمي للازمة في ليبيا كاشفا في رده على أسئلة «الصباح» حول موقفه من اصدار المحكمة الجنائية الدولية قرارا بملاحقة القذافي أن الامر لا يتعلق بقرار اتهام حاصل ولكنه اعتبر أنه من الضروري أن يقف الجميع موقفا جديا منه وأن يقع احترام القانون وحقوق الانسان. وبشأن تردد المنظمة في الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي والحال أن دولا غربية عديدة اعترفت بالثوار واعتبرت أن نظام القذافي لم يعد شرعيا، قال اوغلو ان الازمة الليبية تقترب من نهايتها وأنه من الضروري الاستعداد للمرحلة اللاحقة - أي مرحلة ما بعد الازمة - بما في ذلك وقف اطلاق النار والتحول السياسي والحفاظ على وحدة التراب الليبي والتحول الى نظام ديموقراطي يضمن تمثيل مختلف مكونات المجتمع الليبي ويلبي طموحاته. وأوضح أوغلو أن المنظمة تجري اتصالات على أعلى مستوى مع المجلس الانتقالي ديبلوماسيا وتقنيا كما تبقي قنوات قائمة مع طرابلس بحثا عن حل سياسي. أما الاعتراف بالمجلس الانتقالي فهو من شؤون كل دولة على حدة معتبرا أن هناك دولا في المنظمة تعترف بالمجلس الانتقالي الليبي وأخرى لم تقرر بعد مثل هذه الخطوة. وشدد أوغلو على أن الديبلوماسية الهادئة أفضل أسلوب في مثل هذا الوضع وأن الحيطة والتروي في التعامل مع الاحداث مطلوبان لوقف سفك الدماء وتحقيق الحوار المطلوب. وأوضح أن مهمة الوفد الرفيع الذي عاد من ليبيا أول أمس كانت تتعلق ببحث مسألة المساعدات الانسانية والحوار مع طرابلس والمجلس الانتقالي أيضا، من دون أن يكشف عما آلت اليه المحادثات.
وأعرب الامين العام عن القلق المتزايد ازاء الاحداث الجارية في عدد من المدن السورية ودعا الى الحوار الوطني وإلى ضرورة تنفيذ القيادة السورية الوعود التي أعلنتها. وفي الشأن اليمني دعا أوغلو الى ضمان أمن وسيادة اليمن وتحقيق الانتقال للسلطة كما دعا الى مساندة الحوار في البحرين وفق المصلحة العليا للبحرين ونفى الامين العام أية ازدواجية في التعامل مع القضايا الراهنة في الدول العربية. وخلص الامين العام الى أن اعلان الدولة الفلسطينية يظل الاولوية في اهتمامات المؤتمر مشيرا الى أن الممارسات الاسرائيلية تظل تهديدا خطيرا لمقدسات ومصالح الامة وقال ان انشطة بناء المستوطنات وتهويد القدس ومصادرة منازل الفلسطينيين زادت ووصلت الى معدلات مفزعة، واعتبر أن رفض اسرائيل احترام اتفاقاتها مع الفلسطينيين وتجاوزها للقانون الدولي يعد تهديدا للسلام. وأعلن أوغلو دعم المنظمة لقرار فلسطين اللجوء الى الاممالمتحدة بمساندة 116 دولة في العالم بينها 55 من الدول الاسلامية، للاعتراف بدولة فلسطين على حدود ال67 وعاصمتها القدس. وقال في هذا الشأن في ردوده على أسئلة «الصباح» أنه لا يريد استباق الاحداث ولكنه يعتبر أن الدول التي قد تصوت ضد قرار اعلان الدولة الفلسطينية ستتحمل مسؤوليتها التاريخية، مضيفا ان تاريخ فلسطين كان دوما ضياعا لقرارات عادلة وتثبيت لقرارات ظالمة. وخلص الامين العام الى أن المرصد الخاص بالاسلاموفوبيا أو الخوف من الاسلام ما انفك يرصد يوميا تفاقم هذه الظاهرة في أوروبا كما عبر الاطلنطي.
انطلاقة بلا مفاجآت
اليوم الأول من المؤتمر كان خاليا من المفاجآت وكما كان مقررا تخلت المنظمة بإجماع أعضائها عن الاسم الذي طالما لازمها منذ تأسيسها قبل 42 عاما لتصبح منظمة التعاون الاسلامي كما تخلت عن الشعار القديم الذي لازمها لتثير بذلك في الاذهان أكثر من سؤال حول ما اذا كان تغيير الاسم والشعار سيؤدي عمليا الى تغيير في النتائج والافعال للمنظمة التي تجمع 57 بلدا تمثل نحو 20 بالمائة من سكان العالم. وقد حضر الوفد الفلسطيني برئاسة وزير خارجيته رياض المالكي الذي يعول على دعم فعلي للمنظمة قبل التوجه الى الاممالمتحدة لاعلان الدولة الفلسطينية في سبتمبر القادم. وفي المقابل سقطت مختلف التوقعات داخل الكواليس بشأن مشاركة كانت متوقعة للمجلس الانتقالي الليبي في أشغال المؤتمر اذ يبدو أن تدخلات اللحظات الاخيرة حالت دون حصول الوفد على تأشيرة الدخول الى كازاخستان واقتصر الحضور بدلا من ذلك على وفد ممثل لنظام العقيد معمر القذافي بما يمكن أن يثير أكثر من تساؤل حول موقف المنظمة من الثوار الليبيين خاصة بعد اقدام عديد الاطراف في الغرب على الاعتراف بالمجلس واسقاط الشرعية عن القذافي. ولا تتوقف قائمة الملفات التي تنتظر وزراء خارجية المؤتمر الاسلامي عند هذا الحد بل تشمل كذلك الملف النووي الايراني والمشهد في الصومال وقضية الاسلاموفوبيا الى جانب القضايا الاقتصادية وغيرها. بين كل هذه التحديات تقف المنظمة في مفترق طرق في البحث عن تغيير بات أكثر من ضروري ليس لشعار المنظمة ورمزها فحسب ولكن لآلياتها واستراتيجياتها وهذا الاهم من أجل مواكبة التغييرات المتسارعة التي يعيشها العالم الاسلامي وبالتالي الارتقاء الى مستوى مطالب وتطلعات شعوبها. والارجح أن اختيار كازاخستان الجمهورية السوفياتية السابقة التي انضمت الى المنظمة في 1995 لاحتضان هذا المؤتمر له أسباب استراتيجية تتعلق أساسا بالبحث عن تعزيز سبل التعاون مع منطقة آسيا الوسطى كجزء لا يتجزأ من الفضاء الحضاري الاسلامي. والمعروف أن كازاخستان عضو كذلك في منظمة الامن والتعاون في أوروبا كما أن لهذا البلد حدودا مع روسيا والصين وقرقيزستان وأوزبكستان وتركمستان، كما أنها تعد من بين المصدرين العشرة الاوائل للوقود وهي تزخر باحتياطات هائلة من الغاز الطبيعي والنفط والموارد المعدنية الاخرى.
إصلاحات مطلوبة
كما يتوقع أن تطغى القضية الافغانية على أشغال المؤتمر خلال اليومين القادمين بعدما كشف الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن اتصالات مع حركة «طالبان» واعلانه بدء الانسحاب من أفغانستان بعد أحد عشرعاما من الحرب على الارهاب. وبعد 42 عاما على تأسيسها في أعقاب الحريق الذي تعرض له المسجد الاقصى في أوت 1969 تجد منظمة المؤتمر الاسلامي اليوم نفسها مدعوة الى عديد الاصلاحات المصيرية التي بدونها لا يمكن للمنظمة أن تدعي تحقيق الاهداف التي نشأت من أجلها. ويبقى رفع المبادلات التجارية بين دول المؤتمر بنسبة عشرين في المائة بحلول سنة 2015 هدفا اخر ينتظر التحقيق على أرض الواقع.