رئاسية 2024: تسجيل 13 مخالفة منذ إنطلاق الحملة الانتخابية    غارة إسرائيلية تستهدف القيادي بحزب الله إبراهيم عقيل تهخلّف شهداء بينهم 5 أطفال وجرحى    إستعدادا لمواجهة النادي الإفريقي .. شبيبة العمران تعزز صفوفها بتعاقدات جديدة    تنبيه/ اضطراب في توزيع مياه الشرب بهذه المناطق..    صلاحيات رئيس الجمهورية في دساتير 1959 و2014 و2022    رئيس غرفة تجار الدواجن: عمليات تزويد السوق باللحوم البيضاء والبيض عادت إلى وتيرتها    أي كلفة لمجابهة تحدي التصرف في المياه؟    إحالة العياشي زمال على المجلس الجناحي بالقيروان    منحة قدرها 350 دينار لهؤولاء: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يكشف ويوضح..    تأجيل الجلسة العامة الانتخابية لجامعة كرة السلة إلى موفى أكتوبر القادم    إنتقالات: مهاجم إيفواري يعزز صفوف مستقبل سليمان    عاجل/ المدير الفني لجامعة رفع الأثقال يكشف تفاصيل هروب 3 رباعين تونسيين في بطولة العالم بإسبانيا..    '' براكاج '' لسيارة تاكسي في الزهروني: الاطاحة بمنفذي العملية..    إيقاف شخصين بهذه الجهة بتهمة الاتجار بالقطع الأثرية..    أكثر من 25 ألف جمعية تنشط في تونس    سقوط بالون محمل بالقمامة أطلقته كوريا الشمالية بمجمع حكومي في سيئول    فتح باب الترشح لجائزة الألكسو للإبداع والإبتكار التقني للباحثين الشبان في الوطن العربي    كأس الاتحاد الافريقي: النادي الصفاقسي والملعب التونسي من أجل بلوغ دور المجموعات    عاجل: هروب ثلاثة رياضيين تونسيين إلى إسبانيا    قرار بحل الجامعة التونسية للمصارعة والجامعة التونسية للأشرعة.    قبلي: استبشار مربو الماشية بتهاطل الامطار لدورها في ري الغطاء النباتي بالمراعي الصحراوية    قبل نهاية ولاية بايدن.. واشنطن لا تتوقع اتفاقاً بين إسرائيل وحماس    فاقت 40% من مدخرات العملة الأجنبية: عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين تدعم القطاع الخارجي    يهدد علم الفلك.. تسرب راديوي غير مسبوق من أقمار "ستارلينك"    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    سعر الذهب يتجه نحو مستويات قياسية..هل يستمر الإرتفاع في الأشهر القادمة ؟    السيرة الذاتية للرئيس المدير العام الجديد لمؤسسة التلفزة التونسية شكري بن نصير    المنستير: قاتلة صديقها تعترف وتكشف الأسباب    علماء يُطورون جهازا لعلاج مرض الزهايمر    ابتداءً من اليوم: الدواجن تعود للأسواق وأسعار اللحوم البيضاء في تراجع    عاجل/ عملية طعن في مدينة روتردام..وهذه حصيلة الضحايا..    الحماية المدنية تسجيل 368 تدخلّ وعدد366 مصاب    المنستير: إعترافات إمرأة قتلت صديقها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    Xiaomi تطلق واحدا من أفضل هواتف أندرويد    رفض الإفراج عن الموقوفين على ذمة حادثة رفع علم تركيا فوق مبنى للشيمينو    ثامر حسني يفتتح مطعمه الجديد...هذا عنوانه    كأس إفريقيا لكرة اليد للسيدات: تونس في المجموعة الثانية    تونس تشتري 225 ألف طن من القمح في مناقصة دولية    تحذير طبي: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في إفريقيا    الصيدلية المركزية : تونس تستعد لدخول مجال الأدوية البيولوجية    مصادر أمريكية: إسرائيل خططت على مدى 15 عاما لعملية تفجير أجهزة ال"بيجر"    توزر: وضع حجر الأساس لانجاز المحطة الفولطوضوئية الجديدة بطاقة انتاج قدرها 50 "مغواط" بجانب المحطة الأولى    ارتفاع عائدات تونس من صادرات التمور    علٌمتني الحياة ...الفنانة العصامية ضحى قارة القرقني...أعشق التلاعب بالألوان... وتشخيص نبضات المجتمع    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(1 /2)...العاشق الولهان... والحبّ من أول نظرة !    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    والدك هو الأفضل    كلام من ذهب...مهم لكل الفئات العمرية ... !    الليلة.. أمطار مؤقتا رعدية وغزيرة بالجنوب والجهات الشرقية    هام/ المتحور الجديد لكورونا: د. دغفوس يوضّح ويكشف    إنقاذ مركب تعطل قبالة سواحل المنستير وإجلاء 28 مجتازا    رحلة 404 المرشح الرسمي في سباق الأوسكار    سلمى بكار رئيسة للمكتب التنفيذي الجديد للنقابة المستقلة للمخرجين المنتجين    التمديد في آجال استقبال الأفلام المرشحة للمشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة    "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"...الفة يوسف    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هي حركة احتجاجية جماهيرية.. أم ثورة شعب؟
ماهية الثورة التونسية في ندوة فكرية ل«أطروحات»
نشر في الصباح يوم 13 - 05 - 2011

نظمت مجلة "أطروحات"، المتوقف إصدارها منذ 20 سنة، يومي 6 و7 ماي الجاري ندوة فكرية حول "ماهية الثورة التونسية" ردا على سؤال أرق الكثير حول ما حدث يوم 14 جانفي 2011، ولا يعني بهذا الطرح نقل الملابسات التي حفت بفرار الطاغية وإنما التساؤل "هل أن ما حدث هي حركة احتجاجية جماهيرية أي ما يسميه البعض انتفاضة أم أنها ثورة شعب بالمعنى التام للكلمة؟".
وتفرعت الندوة الفكرية حول "ماهية الثورة التونسية" إلى جلسات علمية تناولت عدة محاور من بينها "الثورة :بعض المرجعيات النظرية"، "طبيعة الثورة التونسية:عناصر أساسية"، "منزلة الشباب في الثورة"، " البعد الاقتصادي والاجتماعي للثورة"، "الثورة والثقافة"، "الثورة التونسية وسياقها الدولي" وتضمنت هذه الجلسات عدة مداخلات أثذذثها أساتذة جامعيون وباحثون.
وقد تضاربت الآراء واختلفت حول "ماهية " ما حدث منذ 17 ديسمبر 2010 وخاصة يوم 14 جانفي 2011، وتساءل المحللون هل أن ما شهدته تونس انتفاضة أم ثورة شعبية. وقد عرف لطفي بن عيسى مدير مجلة "أطروحات" من خلال مداخلته تحت عنوان "جدلية التمرد والتأسيس في الثورة التونسية" الثورة على أنها "ظاهرة اجتماعية تحمل في طياتها مسارين متلازمين :مسار تمردي شعبي ومسار تأسيسي إذا غاب أحدهما انتفى معنى الثورة"
ويضيف أنه في غياب المسار التأسيسي لا تعد وأن تكون الظاهرة سوى حالة هيجان وغضب واحتجاج تسكن بمجرد الإستجابة للمطالب التي قامت من اجلها وإزالة الأسباب التي ولدتها ولنا في ذلك مثال صارخ في تاريخ تونس القريب وهي ثورة الخبز في جانفي 1984 حيث أنه وقع امتصاص غضب الشارع بمجرد تراجع السلطة عن الترفيع في سعر الخبز أ وبالمنع والمحاصرة كما حصل ذلك في الحوض المنجمي منذ سنتين وإلى حد ما الأزمات النقايبة المتتالية وخاصة قمع قيادة الإتحاد التونسي للشغل اثر الإعلان عن الإضراب العام في 26 جانفي 1978.
أما في غياب المسار التمردي الشعبي لن تكون الظاهرة سوى انقلاب سياسي الغاية منه إعادة ترتيب البيت والحفاظ على النظام القائم مقابل بعض الإصلاحات التي لا تمس بالجوهر كما حصل ذلك في 7 نوفمبر 1987.
وبين بن عيسى في مداخلته أنه "إذا توفر المساران معا حصل التغيير الجوهري ليشمل المنظومة السياسية والمنظومة الإجتماعية والمنظومة الإقتصادية ومنظومة القيم بدعم من الشعب وبتدبر سليم من قبل نخبه، عندئذ يجوز الحديث عن قيام ثورة".
وفي سياق تحليل ماهية الثورة رصد لطفي بن عيسى محطات المسار التمردي ومعرفة إلى أي مدى استطاع المسار التأسيسي نيابته وتأمين الإنتقال الديمقراطي، فقد "انفجر الشباب العاطل والمهمش والمقهور بكل تلقائية أي في غياب ميداني للنخب السياسية والثقافية، وانفجرت الثورة في غياب أية مرجعية إيديولوجية كانت ماركسية أ وقومية عربية أ وإسلامية أ وليبرالية ثم سقط الطاغية ولكن في غياب الأفق السياسي القريب وجاهزية البديل الديمقراطي بقي نظامه وطالما أن الطبيعة تأبى الفراغ كان الأفق التأسيسي الوحيد حكومة الغنوشي الأولى المتكونة من أغلبية تجمعية دستورية لم يتمكن المسار التمردي اقتلاع منها سوى قانون العف والتشريعي العام على خلفية انفجار مطلبي غير معهود" ثم اعتصامي القصبة الأول والثاني والإطاحة بحكومتي الغنوشي والسماح "بتأسيس مرحلة توافقية بدفع الوزير الأول الجديد شهد المسار التأسيسي في ظلها الإقرار بانتخاب مجلس تأسيسي توكل له مهمة صياغة دستور جديد وانفجار للمشهد السياسي والإعلامي والمدني بتنامي عدد الأحزاب وعناوين الصحف والجمعيات وخاصة تأسيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي رغم الجدل الكبير القائم حولها ومن أهم انجازاتها وضع قانون انتخابي توافقي".

أخلاقية الثورة التونسية

لا يمكن -حسب رأي الأستاذ محسن الخولي مختص في الفلسفة الأخلاقية والسياسية -أن لا يقع التطرق إلى المسألة الأخلاقية في الحديث عن ماهية الثورة والذي يُعد بدوره مسألة محرجة "لأن عادة فرسان التأمل والتفكير يقومون بعملهم هذا بعد أن تهدأ الأحداث".
فالحديث عن العمل الثوري وعلى حد قول الخولي "يجعلنا نتساءل ماه والعمل الذي نعتبره ثوريا وماه والعمل الذي لا يُعد كذلك؟" مضيفا أن "موضوع التفكير ه والمجتمع الذي يُنظر إليه منذ القديم كجسم له خصائصه باعتباره يمر بحالتين أساسيتين:حالة المرض وحالة الصحة وه وما ينسحب على المجتمع التونسي الذي قام بهذه "الهبة" وقام أفراده بهذا التمرد كجسم مريض للخروج من حالة المرض إلى حالة الصحة" وللحديث عن ماهية الثورة من منطلق أخلاقي يجسد حالة المجتمع التونسي المرضية، تطرق محسن الخولي إلى ثلاثة جوانب في مقاربته أولها البعد العاطفي والبعد المجتمعي المدني والبعد الأخلاقي تجسيدا للمجتمع ككل، حيث بين أن "علاقة الفرد بهذا الكل مرتبطة بوجوده الإجتماعي كتعبيرة أخلاقية في بعدها السياسي، وبالتالي فان الفرد في دائرة علاقته الضيقة بمحيطه مشخصة في علاقة الحب بين الفرد ومجتمعه لتبدأ حالة مرضية بما أن هذا الحب قد تشيأ "موضحا هذه الفلسفة الأخلاقية في ارتباطها بماهية الثورة من خلال" انتشار هذه الحالة المرضية العاطفية المشيئة وه وما ظهر من خلال صدى المحاكم الذي أصبح وسيلة له وفي وسائل الإعلام، كما تبرز تبعات هذه العلاقة الأخلاقية من خلال كثرة حالات الطلاق التي قد تكون لها أبعاد اقتصادية ولكنها قد تبرهن على علاقة حب مشيئة والتي قد تكون جد واضحة في علاقة المخلوع بزوجته".
وأضاف الخولي أن القيم الأخلاقية في المجتمع لها مرجعيات تتحول بالضرورة إلى مثل، ففي مجتمعنا المريض لا تخفى صيحات الفزع المتعلقة بتكاثر حالات الدعارة والتي حولت سياحتها إلى سياحة جنسية، كما يظهر وعلى حد تعبيره "مرض المجتمع في إهتراء العلاقات العائلية وتفككها بين الآباء والأبناء وردة فعل جيل الشباب على الآباء من خلال شعار ثورة الشباب"، كما تبرز ماهية الثورة في بعدها الأخلاقي من خلال علاقة الصداقة التي "شيئت" بدورها فأصبح هناك منطق "استعمال الصديق كمجرد وسيلة لا كذات إنسانية لها استقلاليتها ومبادئها"
وبالتالي بين محسن الخولي "إذا شخصنا بُعد الأزمة فيمكن القول أن المجتمع الذي قام بهذه الانتفاضة ه ومجتمع مريض ولا يمكن أن يكون المسار مسارا ثوريا إلا بتصحيح هذه العلاقات وهذه الأدوار للانتقال من حالة المرض"
وتطرق الخولي في مداخلته إلى المستوى الحقوقي المتعلق بالمجتمع وه وليس مستوى عاطفي وجسدي كالأول، بل "ه ومستوى شهد حالة أزمة تترجمها حالة الاغتراب تكون فيها الحقوق كقيمة مغتربة كالحق النقابي بضرب النقابات التي تمثل العمال وحقوق الشغل التي أصبحت جسما مريضا بانتشار الظلم والاستغلال وتقهقر الحقوق الجماعية وخصخصة المؤسسات وظهور ظروف جديدة أقرب إلى العبودية إلى جانب إشكالية المعطلين عن العمل، إلى جانب المس بأهم المعايير الإنسانية والأخلاقية ألا وه ومعيار التضامن، فانتهكت الكلمة ووقع التلاعب بقيمتها" وبالتالي فان الأخلاق تتعلق بفلسفة اجتماعية ليست معزولة عن علوم الاجتماع وإنما تتغذى منها ولذا هل يمكن للثورة التونسية أن تحقق تقدما أخلاقيا لتجنب إعادة بناء نفس المجتمع؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.