من الضروري تطوير مراكز تجميع الحبوب ومراجعة صيغ استغلالها وتوزيعها الجغرافي ورقمنة حلقة التجميع    تصفيات كاس امم افريقي: طاقم تحكيم نيجيري للقاء تونس و جزر القمر    'لا تعقدوا اجتماعا!': رئيس الوزراء القطري الأسبق يوجه رسالة إلى جامعة الدول العربية    القصرين : المنسقون الجهويون والمحليون للحملة الإنتخابية الرئاسية لقيس سعيد وأنصاره يواصلون تعليق المعلقات والتواصل مع المواطنين    المهدية.. الاطاحة بمروج مخدرات مصنف خطير    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الليبي؟    إسبانيا.. القبض على 5 متهمين بالاحتيال على النساء بشخصية "براد بيت "    بعث برنامج تعاون مشترك في مجال الترويج الإعلامي للسياحة التونسية محور لقاء وزير السياحة مع المدير العام لاتحاد اذاعات الدول العربية    السبت المقبل.. أعوان كل المساحات التجارية في إضراب    منوبة: انطلاق أولى أنشطة المترشح زهير المغزاوي الميدانية من وادي الليل    أردوغان: الأمم المتحدة باتت قاصرة عن الاضطلاع بمهمتها وتتحول مع الوقت إلى كيان عقيم    كأسا رابطة الأبطال والكونفدرالية الافريقية : تأجيل انطلاق مباريات مرحلة المجموعات الى نوفمبر المقبل    رئيس الحكومة: تنظيم النسخة الاولى للمنتدى المتوسطي لازالة الكربون في تونس يعد محطة هامة من اجل تحقيق التنمية المستديمة    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل/ مصابون في حادث اصطدام "لواج" بسيارة جزائرية    في حادث مزدوج بغار الدماء.. سيارة تدهس دراجة نارية و تتسبب في وفاة شاب واقف على جانب الطريق    الاستثمارات في قطاع السيارات بتونس: نحو خلق 3000 فرصة عمل بحلول عام 2028    مطار رفيق الحريري الدولي يعلن إلغاء أكثر من 43 رحلة جوية من وإلى بيروت    حادثة قتل حلّاق بزغوان: الأمن يحتفظ بصديقه    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة السادسة لأيام قرطاج لفنون العرائس    كسوف حلقي للشمس الاربعاء المقبل    كسوف حلقي للشمس يوم 2 أكتوبر 2024 : هل سيشاهده التونسيون ؟    فيروس كورونا قد يستمر لدى الأطفال لمدة تصل إلى 3 سنوات...ما القصة .؟    شان 2024: الاتّحاد الإفريقي يعلن عن نظام التصفيات    سحب هذا المضاد الحيوي: هيئة الصيادلة توضّح    39 مليون شخص معرضّون للموت بسبب المضادات الحيوية    التونسيون يستهلكون 36 مليون طن من الحبوب سنويا    رئيس الحكومة: تونس مستعدة للتعاون المثمر والبناء مع جميع شركائها في مجال التحكم في الطاقة    نحو تعزيز التعاون بين تونس والصين في مجال التراث    سوسة: إيقاف شخصين بتهمة سرقة أسلاك نحاسية    عاجل/ جريمة مروعة: تونسية تلقى حتفها على يد طليقها في إيطاليا    "أيام المسرح التونسي" بداية من اليوم بدار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة    عاجل - تونسية تستغيث من لبنان :'' داخلة بعضها ...روحوا بينا رانا في خطر''    تونس تسجل سنويا ما لا يقل عن 1000 إصابة بداء السلّ.    بشرى سارة للتونسيين بخصوص هذه المواد الاستهلاكية..    سرقة ''ألماس'' أحمد سعد في ايطاليا    ضحى العريبي :'' يا تلافز و يا اذاعات تونس معادش تكلموني ...و نظهر وقت نحب أنا ''    متحور جديد من كورونا ينتشر بسرعة في 15 دولة    وزارة الصحة تجدد على ضرورة إتخاذ التدابير الوقائية لحماية الأطفال من البرونكيوليت.    أكثر دول العالم امتلاكا للنقد الأجنبي والذهب!    سليانة: برمجة زراعة 155 ألف و 500 هكتار من الحبوب    رفض تأخير توقيت هذه المباراة: التلفزة الوطنية توضح..#خبر_عاجل    الجامعة التونسية لكرة القدم تتظلم مما حدث للاتحاد المنستيري في الجزائر    بطولة كرة اليد: برنامج المباريات المتأخرة لحساب الجولة الثالثة ذهابا    كأس السوبر الإفريقي: برنامج النقل التلفزي لمواجهة الأهلي والزمالك    عاجل/ فرنسا تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول لبنان..    الرابطة الأولى: الكشف عن هوية حكم ديربي الساحل بين الإتحاد المنستيري والنجم الساحلي    إعادة فتح التسجيل عن بعد لأقسام السنة التحضيرية بداية من اليوم    إيقاف أفارقة وتونسي بتهمة الاتّجار بالأشخاص ومسك سلاح ناري    500 قتيل بلبنان خلال يوم.. وحزب الله يقصف قواعد ومطارات إسرائيلية    المتحف الوطني بباردو: افتتاح معرض "صلامبو من فلوبار إلى قرطاج"    استشهاد 10 لبنانيين من أسرة واحدة في غارة إسرائيلية    مجلس وزاري ينظر في مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025    الفلاسفة والحب ..«كانط» و«شوبنهاور»... والعزوبية !    قصة مثل : «أكرم من حاتم الطائي»... !    قصة وعبرة ...بكم تبيع أخاك...؟    علمتني الحياة...ردينة هنشيري أصغر فارسة في قفصة .. غرامي بالفروسية لا حدود له    ثقافة : الإسراع في انجاز البرامج والمشاريع ذات العلاقة وخاصة مشروع ترميم سور القيروان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا لو فكر الاتحاد العام التونسي للشغل في مصلحة تونس أولا؟
بدل امتحان قدرته في التحكم في قواعد اللعبة السياسية
نشر في الصباح يوم 01 - 03 - 2011

حياة السايب شارك الإتحاد العام التونسي للشغل في أول حكومة مؤقتة تكونت بعد انتصار ثورة 14 جانفي ثم سرعان ما تراجع وسحب وزراءه منها. وتمكنت المنظمة الشغيلة بهذا الإجراء السريع من تحقيق أكثر من مكسب لعل أهمها الظهور في مظهر المنحاز تماما للشعب الذي أعلن عن رفضه للحكومة بمجرد التعرف على تركيبتها. كانت الحكومة المؤقتة الأولى قد أبقت على عدد هام من الوزراء المنتمين للعهد السابق وهو ما جعل الشارع التونسي يقابلها بالرفض التام وهو ما يدفعنا للتساؤل إن كان الإتحاد لم يكن يعرف ردة فعل الشارع قبل المشاركة في الحكومة وماذا دعاه للقبول بها ثم التملص منها وإن كان الأمر يتعلق بتكتيك حقيقي أم هو مجرد زلة قدم. المكسب الثاني الهام الذي حققه الإتحاد من خلال انسحابه العاجل من الحكومة وهو في اعتقادنا يجيب عن التساؤل الذي سبق يتمثل في امتحان مدى قدرة المنظمة الشغيلة على فرض نفسها كأحد المشاركين الأساسيين في رسم الخارطة السياسية في تونس ما بعد انتصار الثورة الأمر الذي مهد لها لتكريس فكرة أن الإتحاد هو العنصر الأكثر قدرة على الحسم في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وذلك مقارنة مع السلطة التنفيذية وباقي الأطراف المشاركة في العملية السياسية. لقد تمكن الإتحاد بفضل ذلك من تلميع صورته أمام جحافل الغاضبين وصناع الثورة بعد أن برزت المركزية الشغيلة بغيابها الملحوظ عن المشاركة في الثورة في مقابل السماح للإتحادات الجهوية باتخاذ ما كانت تراه ملائما لنصرة الثورة كما أنه وجه رسالة لمن يهمه الأمر بأنه لا مجال لتجاوز المنظمة الشغيلة أو إسقاطها من أي عملية سياسية.
وإن كان الإتحاد العام التونسي للشغل لم يصدر عنه لا سيما على لسان أمينه العام أو نائبه ما من شأنه أن يفيد بأنه عارض الحكومة المؤقتة الثانية أو اعترض على رئيس الحكومة السابق السيد محمد الغنوشي اعتراضا صريحا فإنه حرص على الظهور كالعادة كأحد المتسببين في دفع الغنوشي على تقديم استقالته من الحكومة المؤقتة الثانية (يوم الأحد) وذلك استجابة لمطالب المعتصمين بساحة القصبة بالعاصمة أو ترضية للمتظاهرين الذين خرجوا يوم الجمعة في مسيرات حاشدة وضخمة تطالب بإسقاط الحكومة والحال أن المركزية النقابية لم تعلن عن معارضتها الصريحة للحكومة ما عدى ما كان يقوله السيد عبيد البريكي في كل ظهور له (ظهورا مكثفا) بوسائل الإعلام بمختلف أشكالها من أن المنظمة الشغيلة لديها احترازات على الحكومة المؤقتة الثانية. احترازات على ما يبدو لم تكن لتصل إلى حد مناقشة وجود الحكومة.

رئيس وزراء بلا مشاورات مع الإتحاد

لكن لم تكد تمضي لحظات بعد تقديم الوزير الأول محمد الغنوشي لإستقالته حتى صرح المسؤول الأول بالإتحاد السيد عبد السلام جراد لوسائل إعلام تونسية بأنه لم تقع مشاورة المنظمة قبل الإعلان عن تعيين السيد الباجي قايد السبسي وزيرا أولا جديدا خلفا للسيد محمد الغنوشي وأعرب الأمين العام للإتحاد عن احترازه على تعيين السيد الباجي قايد السبسي مشيرا بذلك إلى امكانية عدم تزكية الوزير الأول الجديد وعدم مساندة أي خطوة يقوم بها سواء اعتمد نفس التشكيلة الحكومية أو فضل تكوين حكومة جديدة. الإتحاد يشير من خلال مسارعته بالإعلان عن موقفه بمجرد الكشف عن اسم الوزير الأول الجديد إلى أنه لن يقبل بالأمر الواقع وبالتالي لن يزكي اختيارا لم يشارك في تحديده.
والسؤال هل ينبغي أن تحصل أي تشكيلة حكومية على مباركة الإتحاد العام التونسي للشغل حتى يتسنى لها العمل بهدوء وحتى يمكن للتونسيين أن يأملوا في عودة الإستقرار إلى تونس.
إن ملاحظة الوضع ببلادنا على مستويات عدة يدفع بنا إلى الإقرار بأن المنظمة الشغيلة باتت اللاعب الأول في الساحة وأنها تقوم بدور سياسي ربما أكثر مما هو متعارف عليه بالنسبة للمنظمات النقابية ولعل تضخم دور الإتحاد العام التونسي للشغل الذي نعرف أنه اضطلع دائما وعلى امتداد تاريخه الطويل بدور وطني بمعنى دور سياسي بالتوازي مع عمله النقابي من شأنه أن يكون هذه المرة عائقا دون اضطلاع الحكومة أي حكومة بدورها كما ينبغي في هذه الظروف الصعبة بالبلاد.
إن الثورة الشعبية العارمة التي تعيشها تونس جعلت كل الأطراف من أحزاب ومنظمات وطنية ونقابات وكل مكونات المجتمع المدني ترى أن لها من الشرعية ما يكفي للمشاركة في تسيير شؤون البلاد والقيام بدور من أجل المستقبل. ليس في هذا عيب خاصة وأن الإقصاء كان سيد الموقف خلال العهد السابق ولكن الخلل يصبح جليا عندما تتحول العملية إلى عبارة عن صراع داخل حلبة وأن البقاء للأقوى.

من بيده الحل والربط

يعول الإتحاد العام التونسي للشغل على قواعده الواسعة وعلى قدرته على تحريك الشارع وهو يمسك بيديه الحل والربط فيما يخص عدة قطاعات حيوية بالبلاد ويمكنه بسهولة أن يصيب البلاد بشلل لكن هل يعني ذلك أن الإتحاد أصبح قوة لا لا وجود لقوة تظاهيها لأن تعدد القوى في البلاد من شأنه أن يضمن التوازن ويقف ضد الديكتاتورية أي كان مأتاها. وبعيدا عن التشكيك في وطنية القيادة بالإتحاد ولا في كوادره ولا في النشطاء به ولا في القاعدة الشغيلة التي كانت ولازالت سندا لاقتصاد البلاد والتي كانت ولازالت الثروة الحقيقية بتونس فإن الإتحاد اليوم وبحكم ممارسة قيادته لخطاب لا يسمح للملاحظ بفك شفراته بسهولة يجد نفسه في عمق الجدل القائم بالبلاد حول مستقبل البلاد وحول الأطراف الحقيقية التي تتحكم في العملية السياسية في تونس اليوم وحول الظاهر والخفي منها. يعتمد الإتحاد على خطة الكر والفر وهو وإذ يمارس دورا سياسيا واضحا فإنه يبدو وكأنه يوظف مرور أغلب المطالب الإجتماعية عبر المركزية النقابية ومختلف هياكلها بالبلاد في صراعه مع مختلف الأطراف التي تحاول أن تشاركه في رسم ملاحم مستقبل البلاد خاصة على المستوى السياسي.
كنا نتوقع من الإتحاد العام التونسي للشغل المنظمة العريقة أن تضطلع بدور أكبر في تهدئة الأوضاع في تونس لا أن يلوح قادته في كل مرة بما يسمونه باستعمال حقهم في ممارسة الأشكال التقليدية في النضال من إضرابات ومسيرات وغيرها كتهديد واضح لأي سلطة أو قوى سياسية أخرى تسمح لنفسها أن تقاسمه شرعية المشاركة في العملية السياسية. وعلينا أن نقر أن مطالب الإتحاد اليوم أو على الأقل من هم في الخط الأول بالقيادة غير واضحة كما أن دور المنظمة التي رأيناها طيلة السنوات المنقضية أبعد ما يكون عن استعراض قوتها مع النظام السابق غير واضح في ما يحدث في تونس اليوم.
ما أحوجنا كي نرى كل طرف في تونس وهو يكتفي بما تقتضيه منه المصلحة العامة بما في ذلك الإتحاد العام التونسي للشغل الذي أجبر الكثيرين من الملاحظين على التساؤل إن كانت قيادة المنظمة الشغيلة لديها ما تخشاه إن استتب الهدوء في تونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.