تجربة رائدة لا بدّ من إثرائها ودعمها ورعايتها نتيجة لتراجع نتائج المنتخبات الوطنية في السنوات الأخيرة وخاصة الموالية لسنة 1990 وتردي مستوى البطولة الوطنية للأكابر والشبان، ارتأت سلطة الاشراف بالتعاون مع الادارة الفنية الوطنية وضع استراتيجية تهدف إلى تكوين الشبان على أسس علمية تتماشى والمقاييس العالمية المعتمدة من طرف الدول ذات التقاليد العريقة. بعد التجربة الرائدة في مجال كشف وانتقاء المواهب في الجهات عن طريق بعث المنتخبات الاقليمية سنة 1997 والتي يرجع الفضل إليها بنسبة مائوية كبيرة في تكوين المنتخب الوطني 2001 المحرز على الميدالية الذهبية في الألعاب المتوسطية (تونس 2001) وتألق عدة لاعبين مثل علي الزيتوني وأيمن اللطيفي وسيف غزال الخ... كان ولا بد من المضي قدما بوضع استراتيجية فنية تهدف إلى تكوين الشبان منذ سن مبكرة أي انطلاقا من 12 سنة وهو ما يعرف في الميدان البيداغوجي بالتكوين القاعدي (Prés formation 12-15 ans) وهي المرحلة الثانية الذهبية لتكوين الشاب تكوينا فنيا سليما. تعبيد طريق الاحتراف الحقيقي لذلك تم اعداد مشروع بعث مركز وطني لتكوين النخبة سنة 2002 وذلك بإيعاز ودعم من الوزارة. كان الهدف من بعث هذا المركز الذي رأى النور يوم 14 سبتمبر 2002 جعل الشاب قادر على أن يصبح لاعب نخبة ثم لاعبا محترفا تتوفر لديه كل الخصوصيات والمواصفات ذلك أن الاحتراف الحقيقي هو الذي يبدأ من مراكز التكوين وهي التجربة التي قامت بها عدة دول عريقة في ميدان التكوين مثل فرنسا وأنجبت العديد من النجوم كان لا بد من وضع برنامج يتماشى والمعايير الفنية العالمية لتكوين النخبة. والجدير بالتذكير العمل الجبار الذي قام به الفنيون الساهرون على القطاع وخاصة المدربين الاقليميين ومؤطري المركز الوطني لتكوين الشبان ببرج السدرية وتم تسجيل أحسن اللاعبين المنتقين من المنتخبات الاقليمية لمواليد سنة 1988 وذلك حسب مقاييس فنية علمية للالتحاق بالمركز ومواصلة التكوين لمدة 3 سنوات بداية من 2002. كما تم قبول دفعة اللاعبين من مواليد 1990 في السنة الموالية أي سنة 2003 بمعدل 23 لاعبا بكل مجموعة ووقع الاعتماد على مؤطرين تونسيين وهم عادل الختالي مدير فني، وحيد بن عبد الرزاق وفاخر الطريقي مدربين ومؤطرين ورضا الجدي مسؤول على التقييم والتكوين البدني الى جانب خلية طبية.هدف بعث هذا المركز هو تكوين نخبة قادرة على التألق في المحافل الدولية بتوفير أحسن الظروف للتدريب والمحافظة على التوازن الرياضي والدراسي. رغم النتائج المتواضعة لمجموعة لاعبين مواليد 1988 فإنه لا يمكن أن نتناسى بروز عدة لاعبين مثل زهير الذوادي من الافريقي (شبيبة القيروان سابقا) معز علولو وحمود بن صالح (النادي الصفاقسي) أمير الصباحي (الترجي) وغيرهم الذين كانوا انتموا الى مركز برج السدرية. وما تألق المنتخب الوطني لمواليد سنة 1990 في نهائيات كأس افريقيا للأصاغر (الطوغو 2007) بقيادة المدرب ماهر الكنزاري الذي التحق بالمركز سنة 2004 إلا دليل قاطع على حسن التمشي.فكل لاعبي المنتخب انتموا للمركز الوطني ببرج السدرية بنسبة 100% ومنهم من التحق تحت نظام نصف اقامة كنور حضرية وسليم الرزقي ويوسف المساكني. وبخصوص النخبة الجهوية ارتأت الادارة الفنية بالتنسيق مع سلطة الاشراف بعث مراكز اقليمية (14-12 سنة) مثل المركز الاقليمي بقابس (سنة 2004) المركز الاقليمي بالكاف (سنة 2004) المركز الاقليمي بقفصة (سنة 2005 وأخيرا لا آخرا المركز الاقليمي بباجة (سنة 2006) ويدوم التكوين سنتين يتحول اثرها اللاعبون المتألقون الى المركز الوطني ببرج السدرية لمواصلة التكوين في عامهم الثالث، وما تواجد الحارس عاطف الدخيلي في المجموع النهائية لمنتخب الاصاغر والذي انتمى سابقا لمركز تكوين الشبان بالكاف الا دليل على ذلك.انطلاق من سنة 2005 تم التركيز على مشروع بعث مدارس فيدرالية تهدف الى رعاية وتكوين لاعبين في سن مبكرة (9-6 سنوات) والمعروفة بالفترة الذهبية الاولى للتكوين الفني للاعب. وقد تم فعلا بعث 14 مدرسة . عرفت هذه التجربة نجاحا كبيرا داخل الجمهورية وخاصة في الجهات التي لا تتواجد بها فرق مدنية ومازال التركيز عليها لاثرائها من المشاغل الشاغلة للادارة الفنية الوطنية. هذا الى جانب دعم نشاط مراكز النهوض بكرة القدم وذلك بالتنسيق مع ادارة التربية البدنية بالوزارة فبعد وضع مراكز فنية لها انكب المشرفون لتمكينها من معدات بيداغوجية ومدرسيين مختصين في الميدان مع تشجيع عدة نوادي لبعث هذه المراكز والاهتمام أكثر فأكثر بها. تضمنت هذ الاستراتيجية الرفع من مستوى المدربين لذلك وبعد دراسة معمقة تم اعداد برامج تكوينية لكل سلم تدريب يتماشى والمعمول به من طرف ال«الفيفا» والاتحاد الأوروبي كضبط مقاييس التسجيل في هذه الدورات ، ساعات التكوين الاجبارية، حصر المواد النظرية والعملية مع الزام المترشحين باجراء تربصات بعد نجاحهم. أفرز هذا النظام تخرج عدة مدربين تونسيين (درجة ثالثة) نذكر منهم فريد بن بلقاسم، نبيل معلول، خالد بن ساسي، الشاذلي مليك (شفاه اللّه)، قيس اليعقوبي، طارق ثابت، المهدي بن سليمان، عادل السليمي، سمير وفوزي الرويسي، نبيل الكوكي (درجة ثانية) الخ... كما تم التركيز على بعث دورات لمدربين مختصين في الاعداد البدني بالتعاون مع ال«الفيفا» ووفرت هذه التجربة معدين تونسيين متألقين نذكر منهم كريم الشمالي المعد الحالي للافريقي، جلال الهرقلي المعد البدني للنجم الخ... وفي اختصاص مدربي حراس المرمى الذين انتفعوا بالتكوين نذكر سليم بن عثمان، سيف الله الخروبي، الزرقة، جون جاك تيزيي، لنقليز، عادل زويتة، الشاذلي المبروكي، بوبكر الزيتوني.اضافة الى ذلك وبالتعاون مع ال«الفيفا» تم تكوين وتأهيل مؤطري مدربيين دوليين منذ سنة 2004 هذه الاستراتيجية ما كانت لتنجح لولا العناية الفائقة لسلطة الاشراف ودعم المكاتب الجامعية التي توالت على الجامعة بين 1997 و2007.