تونس الصباح اعتبرت الدكتورة إقبال الغربي منع بناء المآذن بسويسرا حلقة من حلقات »الاسلاموفوبيا«، وأن السند الرئيسي للتصدي لمثل هذه الظواهر، هو المجتمع الدولي والمجتمع المدني في العالم. وورد هذا بمداخلتها التي تعنونت ب«الاسلالموفوبيا محنة وفرص« في ندوة فكرية سياسية احتضنها منتدى التقدم لحوار عقلاني بمقر جريدة »الوحدة«. وقالت إقبال إن »57% من الناخبين السويسريين في الاستفتاء، صوتوا بمنع بناء المآذن على التراب السويسري، وهو تحريض من اليمينين الذين اعتبروا المآذن شعارا حربيا، وهو تتمة لسلسلة من الحوادث التي تعرضت لها الجاليات المسلمة بأوروبا، هذا إضافة إلى »جرائم الملامح »خاصة في فرنسا ضد أصيلي شمال إفريقيا«. من جهة أخرى اعتبر أحد المتدخلين في النقاش، أن 47 بالمائة من الشعب السويسري طيبون، وتمنى لو وجدت نسبة ولو ضئيلة العدد من مجتمعاتنا تحترم الاديان والثقافات الاخرى، واستنجد أخر بالمركز العالمي للقران الكريم الذي قام بتوزيع بيان استنكر فيه بشدة عدم احترام اختيارات الشعب السويسري، واعتبر الهجمات العشوائية على هذا القرار مغذ أخر لانتشار كره الاسلام والمسلمين بالمجتمع الاوروبي. وتميزت المداخلة الرئيسية بتطرقها لثلاث محاور هي، محاولة تفكيك التأويلات الجوهرانية المعادية للغرب وقيمه، مسألة الاقليات في أوروبا وفي ديار الاسلام، والموقف من »الاسلاموفوبيا« والعلاقة بالاخر عندما تتنكر أوروبا لقيمها الانسانية و«الاسلاموفوبيا« أو الخوف من الاسلام حسب رأي المتحدثة،يعكس حال تراجع طلائعية البرجوازية الحاملة للافكار النيرة والمدافعة عن القيم الانسانية الكونية، وتحول هذا الانحطاط القيمي إلى تفكك، وهو ما يفسر بدوره حال الغرب الذي أصبح يعيش الارتباك والتأزم. وللتحولات العالمية على كل المستويات، وما انجر عنها من ارتباك مس من مختلف الجوانب، تأثير فادح يظهر في وجود مليار عاطل عن العمل في العالم، وفي قوانين الحرب على الارهاب، إضافة إلى ثلثي الموارد البشرية الممولة لميزانية الحروب الدائرة في العالم. وهذا التفكك الاقتصادي انعكس اجتماعيا، وصنع على المستوى النفسي جماهير هستيرية افتقدت القيم واحتضنها أقصى اليمين وتبنت المفاهيم الشعبوية للوطن والعرق والدين والثقافة. وتضيف الدكتورة أن الاقليات الموجودة بالغرب مازالت تعكس تقسيم العمل بين المركز والاطراف، والهجرة اليوم أصبحت تنتج مجتمعات مصغرة ذات خصوصيات عدة. وقالت الدكتورة »وفي رأيي الاسلام في الغرب هو فرصة تاريخية للمصالحة مع الغرب وقيم العقلانية والحداثة«. فقد استنتجت أن الاقليات انتقلت من النطاق الاقتصادي إلى الانثروبولوجي إلى السياسي. ولكن ومع رجوعها إلى الدول العربية، انتقدت الدكتورة الممارسة الشائعة في معظم هذه الدول التي لا تحترم الثقافات والاديان الاخرى، فأعطت مثال قطر التي اشترطت أن تكون أول كنيسة تبنى على ترابها دون صليب، وفي مصر يتم متابعة المتنصرين، ولا يسمح للاقليات في ديار الاسلام الترشح للوزارات أو المناصب السيادية، ويحاكم أبناء الاقليات الدينية بتهمة الاستهزاء بالشعائر، وهناك فتوى رسمية في مصر بتكفير البهائيين. التصدي ل«الاسلاموفوبيا« وفي تحليها للاتجاهات السياسية اعتبرت اتجاه الفصل بين الدين والدولة في فرنسا دعوة للاندماج الكلي مع الغرب وهو يدعو إلى التنميط المعمم للغات والخصوصيات. أما الاتجاه البريطاني فيدعو إلى اللامركزية، من شأنه أن ينتج التقوقع الذاتي ويؤدي إلى النسبوية الثقافية. وكلا الاتجاهين لن يساعدا على التقليص من ظاهرة »الاسلاموفوبيا«. وقد وصف هابرماس الحداثة »هي مشروع غير مكتمل وقابل للاكتمال«. وفي مسألة التصدي لمثل هذه الظواهر، أكدت الدكتورة أن السند الرئيسي في ذلك هو المجتمع الدولي والمجتمع المدني العالمي فهو الحارس اليوم على المبادئ الانسانية الكونية.