تونس الأسبوعي من المنتظر أن ينظر مجلس الوزراء في الأيام القليلة القادمة في تقرير اللجنة الوطنية للحوار حول الإنتاجية الذي عرضه الوزير الأول مؤخرًا على رئيس الجمهورية بغاية بحث سبل تطبيق المقترحات والتوصيات الصادرة عن التقرير. وحسب رئيس اللجنة الوطنية، السيد الصادق بن جمعة، فإن التقرير المذكور يتضمن الدعوة لاتخاذ إجراءات تخصّ نشر ثقافة الإنتاجية ودعم دور المؤسسة وتفعيل دور العنصر البشري وإجراءات أخرى تخصّ بعض الإصلاحات الهيكلية والقطاعية. ثقافة قبل كل شيء وأكد التقرير على أن الإنتاجية هي ثقافة في المقام الأول، وجب تبعًا لذلك إيلاؤها ما تستحقه من عناية واهتمام إضافة إلى إعداد ميثاق وطني يتم إمضاؤه من قبل ممثلي المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية والجمعيات وسائر مكوّنات المجتمع المدني ويلتزم فيه الجميع بالإسهام في إنجاح السياسات والبرامج الرامية إلى مزيد الرفع من نجاعة الاقتصاد وتحسين أداء المؤسسة وإحداث لجنة وطنية تتكفل بمتابعة الاقتراحات والتوصيات ونشر ثقافة الإنتاجية في الحقل التربوي والمهني وتشريك المجتمع المدني في ذلك عبر بعث جمعيات جهوية للتحسيس والتوعية وتكوين لجان جهوية للتفكير والحوار حول الإنتاجية فضلاً عن تنظيم أسبوع الإنتاجية على غرار أسبوع الجودة. إجراءات لدعم المؤسسة ومن التوصيات التي وردت بالتقرير والرامية إلى دعم المؤسسة نجد ضرورة اعتماد متابعة يومية وتقييم مستمر للعملية الإنتاجية وإيجاد الحلول الكفيلة لتفادي الصعوبات التي تتعرض لها المؤسسة ووضع آلية لربط جزء من الدخل بالإنتاجية، وتكثيف استعمال العلوم والتكنولوجيات الحديثة كعناصر رئيسية في عملية الإنتاج وتحسين الإنتاجية وإحداث لجنة صلب كل مؤسسة تعنى بالرفع من الإنتاجية وإنتاج أساليب التصرف الحديث والمحاسبة التحليلية لتشخيص الإخلالات على مستوى الإنتاجية وإدخال التعديلات اللازمة لبلوغ الأهداف المرسومة وتحديث منظومات الإنتاج والعناية بالجودة وتكثيف استعمال التكنولوجيات المتطورة وتحسين نسب التأطير وإحداث جوائز وطنية وجهوية لفائدة المؤسسة التي تتمكن من تحسين الإنتاجية صلبها خاصة في القطاع الصناعي من ترسيخ مبدإ «المؤسسة المواطن» و«المؤسسة المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا»، الذي تنادي به الأممالمتحدة وتنادي إلى الانخراط التطوعي فيه بالإضافة إلى إدراج مقياس اجتماعي للمؤسسة (Label Social) يرتكز على الإنتاجية على غرار ما هو معمول به في مجال الجودة (ISO). ودعا التقرير إلى تجنب اعتماد سياسة عمودية ومتصلبة في الإدارة التونسية والمؤسسات العمومية. تفعيل دور العنصر البشري ومن الإجراءات التي أوصى بها التقرير لتفعيل دور العنصر البشري، الدعوة إلى مزيد تكثيف تأطير العمال وتعميق الحوار الاجتماعي بين جميع الأطراف وتمكين الشغالين من تحصيل ثقافة العمل وتأهيل عقلية كافة المتدخلين في منظومة الإنتاج وتنمية قدراتهم لتحسين الإنتاجية والحفاظ على مواطن الشغل ومزيد العناية بمناخ العمل داخل المؤسسة والتركيز على التكوين وتيسير انتقال اليد العاملة وحركتها من نشاط أو مؤسسة إلى أخرى وتدعيم أواصر الثقة بين العامل وصاحب المؤسسة والقيام بحملات تحسيسية متواصلة وتطوير الوفاق الاجتماعي حول تشريعات العمل ومزيد ملاءمتها مع مقتضيات الحفز على الإنتاجية وعدم الاقتصار على العقويات والتحفيز الظرفي وذلك بإقرار منظومات متكاملة للغرض مع اعتماد التدقيق الاجتماعي في المؤسسات. محددات الإنتاجية وفي مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات أوصى التقرير بتطوير الابتكار في التكوين من طور التكوين على الإعلامية إلى التكوين بالإعلامية، ودعم نشاط المؤسسة في مجال البحث والتطوير والنهوض بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام في هذا المجال، ومزيد العناية بمنظومات السلامة المعلوماتية للمؤسسات وتطوير التحكم في تكنولوجيات الإعلام والاتصال ودعم المساهمة في إنتاج محتوياتها عبر آليات واضحة للتحفيز على الابتكار والتجديد ودعم السوق الوطنية في هذا المجال وتأهيل البنية الأساسية في مجال الشبكات وخاصة الشبكات ذات التدفق العالي وإقرار شراكة فاعلة بين المؤسسات ومراكز البحوث والدراسات ودعم وظائف الرصد واليقظة والاستشراف والتخطيط داخل المؤسسة وتفعيل علاقتها مع محيط البحث العلمي والجامعة وحفز المؤسسات على تركيز مخابر للبحث والتجديد صلب مؤسساتها فضلاً عن إرساء برنامج وطني للصيانة على غرار البرنامج الوطني للجودة. وينضاف إلى كل ما سبق ذكره، اعتماد استراتيجية أكثر جرأة في مجال الطاقات المتجددة وخاصة بالبناءات الجماعية، والنظر في إمكانية إنشاء مدينة متوسطية للطاقات المتجددة بتونس والعمل على تعصير البنية التحتية بما في ذلك أسطول النقل العمومي، وتبسيط إجراءات التعامل مع البنوك خاصة فيما يتعلق بالتسهيلات والقروض الموسمية ومزيد دعم رأس المال المخاطر، والعمل في مجال الخدمات الإدارية على مواصلة هندسة الإجراءات والمسالك الإدارية وتبسيطها وتوفير المعلومة الاقتصادية الداخلية والدولية. إصلاحات هيكلية وقطاعية وفي نطاق الدعوة إلى الإسراع ببعض الإصلاحات الهيكلية والقطاعية، أوصى التقرير بمزيد اندماج الاقتصاد التونسي من خلال تحرير قطاع الخدمات بما يسمح بالتخفيض في الكلفة وتحسين نوعية الخدمات على غرار المواصلات والنقل. ولدفع القطاعات الواعدة، يقترح التقرير إقرار استراتيجية للتطوير التكنولوجي بالتركيز على عدد محدود من القطاعات التي تترفر فيها إمكانات هامة وذلك استئناسًا ببعض التجارب الناجحة على غرار الهند (البرمجيات) وتايوان وماليزيا (الإلكترونيك). واقترح التقرير أن يتم التركيز في تونس على أنشطة نقل الخدمات خارج بلد المنشأ (Offshoring) والخدمات الصحية ومكونات الطائرات والبيوتكنولوجيا. وقصد دعم الإنتاجية في القطاع الفلاحي أوصى التقرير باعتماد هيكلة عصرية من خلال معالجة المسائل العقارية وتطوير أوضاعها والنهوض بالاستثمار والتمويل وتوجيه النشاط الفلاحي حسب مؤشرات السوق مع تفعيل العوامل وتأهيل مسالك توزيع المنتجات الفلاحية إضافة إلى تنمية الموارد البشرية بمزيد دعم البحث العلمي والتكوين المهني والنهوض بالمرأة الفلاحية قصد توفير يد عاملة كفأة ومتخصصة تستجيب لمتطلبات الفلاحة الحديثة وتدعيم منظومة الإنتاج البيولوجي. ولتحسين الخدمات اللوجستية والبنية الأساسية المرتبطة بها، دعا التقرير إلى استكمال إنجاز مشروع الميناء بالمياه العميقة لاستقطاب حركة الملاحة الدولية والاستفادة من اقتصاد الحجم بالنسبة إلى الصادرات والواردات التونسية. كما دعا إلى الشروع في تنفيذ مخطط تطوير مناطق الخدمات اللوجستية وإعادة هيكلة وتنظيم قطاع النقل البحري الذي يؤمّن حوالي 97% من مبادلاتنا التجارية. وفي مجال النقل الجوي، أوصى التقرير بتحرير الفضاء الجوي التونسي (Open Sky) على غرار بعض بلدان الحوض المتوسطي بما يمكّن الشركات الأجنبية وخاصة منها الشركات ذات التعريفات المنخفضة (Low Cost) من اقتحام الأجواء التونسية وبالتالي استقطاب أكبر عدد ممكن من السياح الأجانب. وختامًا، دعا التقرير في مجال التكوين المهني إلى أقلمة منظومة التكوين والتعليم مع مقومات المرحلة القادمة قصد تعزيز تنمية الموارد البشرية ومعادلة الشهائد بنظيراتها بالبلدان المنافسة والسعي إلى تكثيف الشهائد المصادق عليها (Certification). خير الدين العماري للتعليق على هذا الموضوع: