يعاني عدد من النساء في البلقان من تركة ثقيلة، تركها العرب لهن وهي الأبناء. بعد أن انقطعت أخبار آبائهم منذ بداية الحرب البلقانية، في تسعينات القرن الماضي. ولم يكن أولئك الأطفال مجرد ذكرى بين أطلال الشباب فحسب، بل أثقال تنوء بها كواهل نساء ارتبطن بعرب، اختفوا من حياتهن بعد سالف الوصل.. قدمت صحيفة «الشرق الأوسط» لتحقيق أجرته في الغرض، جاء فيه كذلك حكاية شاب يبحث عن عائلة والده التونسي.. وفيما يلي كل الحكاية كما أوردتها الصحيفة. نرمين شاب في الواحدة والثلاثين من عمره (31 سنة) صاحب محل لبيع المأكولات السريعة من أب تونسي كان مقيما في البوسنة أبدى رغبة شديدة عبر وسائل الإعلام في البحث عن عائلة والده بعد أن قتل والده المدعو عبد الرحمن الزعبي من تونس العاصمة. يقول نرمين بان والده كان قد شارك في الحرب حيث قتل في سنة 1992: «في أثناء الحرب كنت صغيرا، وجاء أناس إلى أمي وطلبوا جميع وثائق والدي على أساس أنهم سيسلمونها للسلطات التونسية، ويخبرون أسرته بمقتله، ولكني الآن أشك في ذلك، فمن جاء لاستلام الوثائق بما فيها جواز السفر ربما استخدموا تلك الوثائق لأغراض خاصة أو باعوها». وأكد في أنه يشك في أن عائلة الزعبي تعرف أن ابنهم قتل في البوسنة التي قدم إليها وعمره 21 سنة. وعما إذا كان يحتفظ بجواز سفر والده أو وثائق تثبت هويته، وحول ما إذا بذل أي جهد في البحث الفردي عن أسرة والده، قال: «التقيت أناسا كثيرين، وبعضهم وعدني بالمساعدة، ولكن من دون جدوى»، واستطرد قائلا: «خطأ أمي أنها صدقت الذين أخذوا منا تلك الوثائق، إلا أنّه لنا اليوم سند يمكن أن يساعدنا في معرفة أسرة والدي». وأعرب نرمين عن رغبته في معرفة أسرته في تونس لكنه لا يملك أي وثائق أو معلومات عنهم. وعن كيفية قضائه فترة صباه بعد مقتل والده، قال: «قضيت طفولتي داخل ملجأ حتى بلغت 18 سنة، ولم أستطع إنهاء تعليمي الجامعي فاتجهت للتجارة، وأنا بخير اليوم والحمد لله». وعبر عن رغبة كبيرة في معرفة أسرة والده والاتصال بهم، على رقمه الخلوي)0038761950949( . وأكد على أنه لا يريد من أسرة والده شيئا فهو بخير، وظروفه المادية جيدة: «لا أريد منهم شيئا، أرجو معرفتهم والتواصل معهم فقط». وقصص أبناء العرب من البلقانيات كثيرة، وهي مختلفة من مكان لآخر، فليس كل الزوجات السابقات يرغبن في تواصل أبنائهن مع آبائهم، أو أسرهم. وإنما هناك حالات كثيرة، تم فيها طرد الأب كما حصل مع أحدهم في صربيا، حيث اتهمته زوجته السابقة زورا بمحاولة تجنيد أبنائه للقيام بعمليات انتحارية في العراق، للاحتفاظ بأبنائها، وذلك لإبعاده من حياتهم بطرده من صربيا. وهناك من رفضت تغيير أسماء أبنائها العربية، وحاولت البحث عمن يحتضنهم من العرب ويحافظ على هوية والدهم من دون جدوى، كما هو الأمر في عدد من الحالات في كرواتيا. وإن كانت هذه حالات قليلة، فإن معظم النساء والأبناء يرغبون في التواصل مع الأب أو أسرته في حال موته و حالة نرمين قد تؤكد هذا الإصرار على التواصل مع الآباء وعائلاتهم.