تونس الصباح أكثر من 3.6 مليون قنطار من الحبوب تمّ تجميعها إلى غاية أمس في وقت تقدّم فيه موسم الحصاد بنسبة تناهز 60% ورغم إيجابيّة هذا المؤشّر في الاقتراب من الأهداف المرسومة والرّامية إلى بلوغ نسبة تجميع معتبرة تقطع مع الأرقام السابقة باستهداف جمع أكثر من 60% من الصّابة هذا العام، فإنّ الرياح لم تسر بما تشتهي سفن الموسم في بعض الجوانب التنظيميّة التي أزعجت الفلاّحين خلال الأسابيع الأولى من انطلاقته قبل أن تتخذ التدابير الكفيلة بتطويق بعض الصّعوبات مثل إشكاليّة رفع المحاصيل جرّاء الضغط المسلط على وسائل النقل وصعوبة حصول بعض المنتجين على الآلات الحاصدة في بعض المناطق ممّا أربك عمليّة الحصاد في فترة ما. ويبدو أنّ الجهات المشرفة سارعت إلى تذليل الإشكاليّات وتوفير أسطول النقل اللازم لتغطية عمليات رفع المحاصيل من المخازن لتجنّب ضغط تراكم الحبوب بها وما يترتّب عنه من ترقّب ممل ومنهك للمزارعين في انتظار تفريغ المخازن وتهيئتها لاستيعاب الإنتاج الجديد.. هذه الشّواغل وغيرها اعتبرها السيّد مبروك البحري رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصّيد البحري «من مظاهر الوفرة ومن الصعوبات التي تبرز في زمن الوفرة والخير» مشدّدًا على أهميّة تدخل الأطراف المعنيّة بالسّهر على حسن سير الموسم لتطويقها ومعالجتها... وللوقوف مباشرة على أوضاع سير الموسم والمعاينة الميدانيّة لتقدّم عمليّة الحصاد في مختلف حلقاتها تجميعًا ونقلاً وتخزينًا وتعييرًا، شرعت المنظمة الفلاحيّة منذ الأمس في زيارات ميدانيّة شملت في محطّتها الأولى ولايتي بنزرت وباجة. وكان خلالها رئيس الاتحاد مرفوقًا بإطارات ديوان الحبوب والبنك الفلاحي لمتابعة الوضع عن كثب، وسجّل البحري بارتياح «تجاوز إشكال الآلات الحاصدة وتجنّد مختلف المصالح لتجاوز إشكال الرّفع والنقل والاستعانة بالجيش الوطني وشاحناته للإسهام الفاعل في هذه العمليّة...» لكنّه في المقابل أثار في تصريح ل«الصباح» في أعقاب المحطّة الأولى من زياراته الميدانيّة شاغلاً آخر يثير امتعاض وتشكيات جانب من الفلاحين يتعلق بسلّم التعيير للحبوب الذي يبدو أنّ مقاييسه المعتمدة حاليّا هضمت حقّ الفلاح عند تعيير جودة الحبوب المسلمة في النقطة المتعلقة بمستوى التفرقع في الحبوب وهي نتيجة تخرج عن نطاق المنتج وتعود لأسباب مناخية مردّها كثرة الأمطار التي تسبّبت في ظهور التفرقع وتؤثر في جودة السنبلة بتفاوت حسب درجة الضرر. ولأنّ مستوى التفرقع المسجل في بعض المحاصيل يعدّ خفيفًا، فقد أبدى البحري أملاً في تجاوب الجهات المعنيّة وتحديدًا ديوان الحبوب مع مطلب الفلاحين حتى لا يؤثر معيار التفرقع على سعر القبول وحتى لا تنغص فرحة المزارعين بالأسعار المشجعة والمنصفة التي أقرّها رئيس الدولة بالنسبة إلى الحبوب عند الإنتاج التي شكلت حافزًا لهم لمزيد التوسّع في الزراعات الكبرى هذا الموسم... للتذكير نشير إلى أنّ أمرًا رئاسيًّا استثنائيًّا تم إقراره الموسم الماضي يقضي بمراعاة الظروف المناخية الخارجة عن نطاق المنتجين والتي كانت أثّرت على بعض معايير الجودة المحتسبة في سلّم تعيير الحبوب وأقرّت بعض المرونة في تقييم الجودة. فهل يجد هذا الشّاغل آذانًا صاغية لتكتمل فرحة الجميع في موسم يعدّ على مستوى الصابة واعدًا إن لم يكن ممتازًا ؟