ماذا عن أسباب انتشار ظاهرة «الحجر بالكلى» في أوساط عائلية دون أخرى؟ تونس الصباح في الغذاء السليم دواء وشفاء لكن ايضا داء وعلة اذا جانب الطعام قواعد النظام الصحي المتوازن.. ومن بين ابرز العلل التي تصيب الجسم آلية باحد اعضائه الحياتية الى السقم والقصور في آداء وظيفتها مرض الكلى هذا الداء الذي يهدد صحة اكثر من 500 الف تونسي وان حكم بعد على 7500 بين شباب وكهول ومسنين على العيش بواسطة آلة لتصفية الدم والارتباط الوثيق بها في حياته اليومية فتحولها الى معاناة متواصلة. ولئن كان الطعام لا يشكل السبب الوحيد في بروز طفرة هذا المرض فانه اصبح يمثل عبئا ثقيلا جراء التخلي عن التقاليد الغذائية السليمة والصحية للآباء والاجداد وتعويضها باخرى مستوردة بعثرت هرم النظام الغذائي الاصلي رأسا على عقب وفي حوار جمعنا بالاستاذ فتحي اليونسي طبيب مختص في امراض الكلى بمستشفى شارل نيكول وعضو الجمعية التونسية لطب الكلى ثم تناول بعض السلوكيات الغذائية للتونسي ومنها اساسا كثرة استهلاك الملح كما استوضحناه عن صية ما يشاع من انتقادات واتهامات لماء الحنفية (الصوناد) في علاقته بأمراض الكلى الى جانب عديد المسائل المتعلقة بترسيخ السلوك الوقائي للحد من مخاطر الاصابة بالقصور الكلوي والامراض المزمنة عموما. ملح لا يغيب عن طعام! ولم يبخل علينا د اليونسي بالمعلومة المفيدة حيث اوضح في معرض رده عن سؤالها المتصل بتداعيات كثيرة استعمال الملح في غذائنا اليومي وخاصة بمادة الخبز الذي يكثر استهلاكه عند التونسي ان هذا المعطى حقيقة لا لبس فيها ولابد من مراجعة مقادير الملح في الخبز وكذلك بالوجبات.. بما يراعي الحاجيات اليومية للجسم من الملح.. ناهيك ان معدل الحاجيات من الملح التي يتطلبها الجسم تتراوح على الصعيد العالمي فيما بين 6 و12 غ كحد ادنى واقصى فيما تستقر عندنا في حدودها القصوى في 10 و12 غ بل وتفوق ذلك في مناطق الجنوب ولنا في «القديد المالح» خبر مثال. لذا يؤيد محدثنا الرأي الداعي الى ضرورة تدخل الهياكل المعنية من وزارات ومصنعين لاقرار وجوب التنقيص من كمية الملح المستعملة في الخبز والأجبان وضرورة ضبط مقدارها والالتزام بها عند اعداد هذه المنتجات الكثيرة الاستهلاك. مستشهدا في سياق متصل بارقام تبعث على الانشغال حول ما افرزته بعض الدراسات من ارتفاع مهول لحالات الاصابة بضغط الدم حيث تناهز نسبتها 30% لدى الشريحة العمرية بين 30 الى 60 سنة دون احتساب الفئة التي يزيد سنها عن الستين سنة ومعلوم ان السكري وارتفاع ضغط الدم المعروف في الاوساط الطبية بمرض القاتل الصامت من ابرز الامراض الشائعة التي تتسبب في حالات القصور الكلوي المزمن. ماء الصوناد.. عند التطرق الى حاجة الكلى للماء للقيام بوظيفتها بصفة طبيعية وهذه الحاجة تقدر يوميا بنحو 1.5 ل شتاء واكثر من لترين صيفا سألنا ضيفنا بحكم تجربته وخبرته في التعاطي مع امراض الكلى عن مدى تسبب نوعية مياه الحنفية في بروز امراض الكلى ولاسيما الحصيات الكلوية فنفى جواز اسقاط هذا الحكم بصفة قطعية مفيدا بان مياه الصوناد ليست رديئة وهي تخضع لمراقبة لصيقة ومنتظمة وبالتالي لا يطرح الناطق استهلاك ماء «السبالة» ذي اشكال باقليم تونس الكبرى وبعض المناطق حسب تصريح د. فتحي اليونسي لكن هذا الاقرار لم يمنعه من اضافة ملاحظة تتعلق بطبيعة مياه الشرب التي تختلف نوعيتها من الشمال الى الجنوب ما يدعو الى مراعاة هذا الجانب بالمناطق التي ترتفع نسبة ملوحة مياهها حيث ينصح بتناول الماء المعدني. غير ان ما يؤكد عليه مصدرنا الطبي في هذا المستوى ان فقدان المواطن للقدرة على استهلاك المياه المعدنية لعدم توفر الامكانيات المادية لتأمين حاجياته اليومية من هذه النوعية من المياه المعدنية لا يجب ان يكون تعلة او عذرا لعدم استهلاك المياه بالكمية اليومية اللازمة وبالتالي يرمي محدثنا انه لا وجود لاي اشكال في تناول مياه الحنفية التي تحرص الصوناد على تحسين نوعيتها كما يقول.. رد الاعتبار وبالرجوع الى موضوع النظام الغذائي ككل يتضح ان في اعادة الاعتبار للتقاليد الغذائية المهددة بالاندثار ما يشكل احد اسباب تراجع الامراض المزمنة ومنها الكلى والسكري وضغط الدم التي تكلف المجموعة الوطنية اعباء باهظة وذلك عبر تعزيز وتكثيف برامج التثقيف الصحي وتعويد الطفل منذ مرحلة الطفولة المبكرة بالمحاضن ورياض الاطفال والمدارس على استهلاك وجبات غذائية صحية ومتوازنة مع اعتماد نمط حياة سليم بتعاطي النشاط البدني عبر تخصيص 30 دقيقة يوميا للمشي وتجنب الضغوط النفسية والامتناع عن التدخين والتقصي المبكر لضغط الدم والسكري وامراض الكلى باعتبار اهمية وفاعلية العلاج في المراحل الاولى للمرض قبل استفحاله وبذلك يمكن تجنب بلوغ مرحلة القصور الكلوي المزمن والتبعية المطلقة لآلة تصفية الدم وهي عملية مرهقة لصاحبها ولمحيطه العائلي والاجتماعي ومكلفة للدولة حيث تقدر تكلفة تصفية الدم ب4% من المصاريف الجملية للصحة ويرى محدثنا انه آن الاوان للسيطرة على عدد الحالات الخاصة لآلة التصفية بل لابد من التقليص منها عبر الاجراءات الوقائية السابقة الذكر التي قد لا تعطي ثمارها بسرعة لكن نجاعتها وجدواها مضمونة على المدى المتوسط وحتى البعيد.. ولان رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة فلابد من الشروع في بلورة سياسة وقائية جديدة ديدنها التحسيس والتثقيف الصحي والتوعية للحد من افواج المصابين بالقصور المؤدي باصحابه في مرحلته النهائية الى مراكز تصفية الدم وهو مآل لا يجب ان يبقى ابديا.. علما وان عدد الحالات الجديدة المسجلة سنويا تبلغ نحو 125 حالة لكل مليون تونسي.. الحصيات الكلوية.. قبل ان نودع طبيبنا المختص في امراض الكلى سألناه عن ظاهرة «الحجر» او الحصى الذي يتزايد ظهوره عند التونسي فاورد انه من بين الاسباب او العوامل المؤدية الى ظهور مشاكل الحصيات خلل في وظيفة المجاري البولية او امراض التمثيل الغذائي لكن من العوامل التي تم رصدها والتي لا تكتسي خصوصية وراثية ما يتعلق بحصر انتشار المرض لدى فئات عائلية دون اخرى بعد ان تبين انها تخرج اكثر نسبة كلسيوم في البول لهذا يتعين على افرادها شرب كميات اكثر من الماء خاصة في الاوساط العائلية التي لها سوابق صحية مع حصيات الكلى. كما انه لا ينصح بالافراط في تناول الحليب والماما تجنب كل مظاهر الافراط في اي مادة كانت لان ما بلغ حده انقلب الى ضده.