تطوي اسرائيل اليوم صفحة ايهود اولمرت بكل ما حملته من خيبات واخفاقات وصفعات وفضائح سواء بسبب تبعات الحرب الاسرائيلية الهمجية على لبنان اوكذلك بسبب مسلسل الفضائح السياسية والاخلاقية والاتهامات التي ما انفكت تلاحقه وتهدده بالسجن لتفتح بذلك صفحة اخرى ترجح مختلف استطلاعات الراي ان وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ستتولى بمقتضاها رئاسة حزب "كاديما " الحاكم وبالتالي رئاسة الوزراء لتكون بذلك اول رئيسة حكومة في اسرائيل منذ غولدا مائير قبل اكثر ثلاثين عاما بكل ما يعنيه ذلك ايضا من حرص على ضرورة استمرار ضمان المصالح العليا لاسرائيل وضمان بقاء كل الاسباب التي من شانها ان تساعد على بقاء دار لقمان على حالها وعلى استمرار الاحتلال المدمر وتهيئة الارضية المناسبة والمناخ الملائم الذي يؤجج الانقسامات والاختلافات وينشر الفتن ويدفع الفلسطينيين الى الاهتمام بكل القضايا الهامشية والجانبية باستثناء القضايا المصيرية التي يفترض ان تكون على صدر كل الاولويات وفوق كل الاعتبارات. ولعل في الاحداث الدموية المؤسفة التي عاشت على وقعها غزة خلال الساعات القليلة الماضية والتي ادت الى سقوط اثني عشر ضحية في خلافات بين "اعوان امن" تابعين للحكومة المقالة وبين احدى القبائل ما يعكس حالة الفوضى وغياب التعقل والحكمة التي زادت في تفاقم حجم مآسي الشعب الفلسطيني والامه وكأن ما يخضع له من حصار خانق ومن عقوبات جماعية لم يعد يكفيه... رحيل اولمرت سيسبق رحيل الرئيس الامريكي جورج بوش الذي اخفق بدوره في تنفيذ تعهداته والتزاماته بشان تاييده قيام دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل ورحيل وزيرة خارجيته رايس التي لم تؤت جولاتها المكوكية في المنطقة ثمارا تذكر. اكثر من سبب من شانه أن يدعو للتوقف عند الانتخابات الاسرائيلية والاسراع باعادة ترتيب البيت الفلسطيني الذي يوشك ان يسقط...فليس سرا بالمرة ان منافس ليفني الاول ليس سوى وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز بكل ما يحمله من ارث ملطخ في تصفية النشطاء الفلسطينيين واطفال الانتفاضة وما يدعو اليه من عودة الى سياسة الاغتيالات لتصفية النشطاء الفلسطينيين فضلا عما يتبجح به من مواقف متشددة ازاء سوريا ومن دعوات مفتوحة لتوخي الحل العسكري مع ايران. اما في حال عدم حصول أي من المتنافسين على الاصوات المطلوبة للفوز بما يؤهله لتشكيل حكومة جديدة فان ذلك قد يمهد الى انتخابات عامة قد تنتهي بفوز زعيم الليكود بنيامين ناتنياهو برئاسة الحكومة امام ايهود باراك الذي تبقى حظوظه ضئيلة في الفوز. وبالعودة الى السباق الراهن بعيدا عن استباق الاحداث فلا شك ان المرحلة القادمة في حال فوز ليفني في الانتخابات ستكون حاسمة حيث ستسعى عميلة الموساد التي لها باع في التخطيط لاغتيالات استهدفت قيادات فلسطينية باعترافها الى تكذيب ما يروج بشان انعدام خبرتها السياسية وافتقارها للصلابة في التمسك بمواقفها وهي التي دابت على انكار حق الفلسطينيين في العودة او التزام بموعد محدد لانهاء المفاوضات او القبول بتنفذ الخطوات التي يمكن ان تمهد لاعلان الدولة الفلسطينية... انتهاء مرحلة اولمرت رغم اصرار الرجل على ابقاء حلمه بامكانية التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين قبل نهاية العام امر مفروغ منه وتصريحاته غيرالسبوقة ومحاولاته الخبيثة في التعبير عن اشفاقه على الفلسطينيين والاعتراف بالاخطاء الاسرائيلية المتراكمة لا يمكن الا ان تنبه الفلسطينيين الى مخاطر المرحلة القادمة وما تقتضيه من صحوة ضمير ومحاسبة للنفس وبدونها سوف تظل دار لقمان على حالها وسواء كان شارون او موفاز او ناتنياهو او غيره في رئاسة الوزراء فان سياسة اسرائيل لا يمكن ان تتغير طالما لم تتغير عقلية اصحاب الحق.