صفاقس الصباح: انطلق مهرجان صفاقس الدولي في دورته الثلاثين كأبهى ما يكون في سهرة الاثنين الماضي بفضاء مسرح الهواء الطلق بسيدي منصور بحفل أحيته الفنانة صوفية صادق التي تمّ الاتفاق معها بعد إلغاء جميع عروض الفنان الكبير وديع الصافي بسبب وعكة صحية لتعوّضه في حفل الافتتاح.. وقد واكب جمهور محترم العدد فقرات هذه السهرة، ناهز سبعة آلاف متفرّج معظمهم من المدعويّن باعتبارها سهرة افتتاح، أعضاء هيئة هذه الدورة يعوّلون على الحضور في هذه السهرة ولا يبحثون كثيرا عن المداخيل، فهي بمثابة القاطرة التي تجرّ بقية القاطرات أي أنّ نجاحها قد يساهم في نجاح بقية السهرات الاخرى. بدأ الحفل في العاشرة وخمس وثلاثين دقيقة ودام ساعتين وثلاث عشرة دقيقة غنّت خلالها صوفية صادق أغانيها المعروفة لدى الجمهور والعديد من الاغاني من العتيق لصليحة وغيرها، هذه الاغاني تجاوب معها الجمهور كثيرا وصفّق لها طويلا وغنّى معها ورقص على إيقاعاتها إلى حدود الواحدة بعد منتصف الليل فقضّى وقتا ممتعا ومنعشا تمنّى لوطال إلى ساعة متأخّرة من الليل، فمعظم المتفرّجين في هذه السهرة لم يبارحوا مقاعدهم إلاّ بعد أن تمّ الاعلان عن نهاية الحفل مودّعين صوفية بالتصفيق والهتاف، عموما كان الحفل ناجحا جماهيريا وتنظيميا وفنّيا وإن كان البعض يعيب على صوفية صادق عدم تقديم إنتاج جديد باستثناء أغنية واحدة ويعيب عليها أيضا دوما قلّة الحركة على الركح وثبوتها في مكان واحد، وإن كان هي فنّانة تتميّز بحضور ركحي متميّز وحضور ذهني جيّد ممّا يدلّ على النضج واكتمال التجربة، بعيدا عن التذبذب وعدم الثبات على المبدإ، صوفية صادق كانت في هندامها محترمة وكذلك في تعاملها مع جمهورها الذي بقي وفيا لفنّها ولما تقدّمه له من نوعية كان دوما توّاقا لسماعها وهذا يدلّ على احترامها لهذا الجمهور الذي جاء ليسهر معها بالرغم من أنّه مقدم من الغد الثلاثاء على يوم عمل جديد، المهمّ أنّ صوفية صادق لم تخيّب ظنّ الجمهور وقد سجّلنا في حفل افتتاح هذه الدورة نقاوة الصّوت التي غابت سنوات عديدة إلاّ في سهرات تعدّ على الاصابع إذ أنّ التجهيزات الصّوتية كانت من المشاكل التي تعترض سبيل إدارة المهرجان، في هذا السياق نذكر أنّ الفنّانة الكبيرة ماجدة الرومي قد استأجرت التجهيزات الصوتية لفرقة فنّان"الرّاي" فضيل الذي قدّم عرضا على نفس الركح قبلها بليلتين لتأمين حفل ناجح في المستوى وهوما حصل فعلا، نرجوأن يتواصل نقاء الصّوت في مختلف سهرات هذه الدّورة سواء في المسرح الصيفي بسيدي منصور أوبفضاء القصبة أو ببقية الفضاءات الاخرى، في سهرة الثلاثاء المقبل الثاني والعشرين من هذا الشهر سيكون عشّاق المسرح على موعد مع سهرة حدث على ركح هذا الفضاء وهي مسرحية "خمسون" من تأليف جليلة بكار وإخراج فاضل الجعايبي الذي اعتبرها عملا تمّ إنجازه دفاعا عن قيم الحداثة في المجتمع التّونسي، هذا العمل المسرحي اعتبرته مؤّلفته جليلة بكار صرخة مدوية في وجه كلّ أشكال التطرّف والممنوعات السياسية والاجتماعية والدينية خلال نصف القرن الاخير، هذا العمل أثار الكثير من الجدل وما زال يثير ذلك ويبيّن أنّ هناك تباينا كبيرا في الآراء والمواقف والتّوجّهات والايديولوجيات، المنتظر أن تشهد هذه المسرحية إقبالا جماهيريا محترما بالرغم من تراجع الاقبال على المسرح في السنوات الاخيرة ولكنّ كلّ عمل فنّي جيّد يفرض نفسه على السّاحة.