بعد الارتفاع الكبير الذي عرفه سعر برميل النفط العالمي ليصل إلى حدود ال79 دولارا خلال اليومين الأخيرين، بات من الضروري على الحكومة التفكير في القيام بتعديلات في بعض إجراءات قانون المالية للسنة الحالية على خلفية تباين تقديراتها التي جاءت في فصول القانون الأصلي كفرضية ب54 دولارا وهي فرضية تبقى مستبعدة إن لم تكن مستحيلة في ظل النسق التصاعدي الذي يشهده سعر النفط في الآونة الأخيرة مع توقعات أن يتخطى عتبة 80 دولارا. ويرى العديد من الخبراء في الشأن المالي أن الحكومة اليوم مطالبة بإيجاد موارد تعبئة جديدة لتغطية النقص الذي ستخلفه الفرضيات «المغلوطة» و«الخاطئة»، خاصة أن الفرضيات المتعلقة بسعر الصرف وسعر برميل النفط من أهم الفرضيات التي من المفروض أن تكون دقيقة وصحيحة لان كل اختلال فيها له تداعيات وخيمة على بقية الفرضيات وعلى الموازنة العامة برمتها. وكان وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة خالد قدور قد بين في وقت سابق أن تسجيل ارتفاع بنسبة 10 دولارات في سعر البرميل في ما بين شهرين سينعكس سلبا على ميزانية الدولة، حيث أن ارتفاع برميل النفط بدولار واحد له كلفة على ميزانية الدولة بحوالي مائة مليون دينار، فضلا عن انخفاض قيمة الدينار التونسي حيث أن انزلاق الدينار ب10 مليمات فقط له انعكاس سلبي على ميزانية الدولة بحوالي 30 مليون دينار. كما حذر البنك المركزي التونسي مؤخرا من مزيد تفاقم عجز الميزان الطاقي خلال الأشهر القادمة بفعل تجاوز ارتفاع سعر البترول وتجاوز البرميل عتبة 75 دولارا في الأسواق الدولية وتراجع الإنتاج الوطني تزامنا مع تواصل توسع عجز الميزان التجاري، خلال الربع الأول من العام الجاري، رغم تسجيل الصادرات لارتفاع في بعض المواد على غرار زيت الزيتون والصناعات المعملية. وتزامنا مع هذا الوضع، من المنتظر أن تشهد أسعار المحروقات في تونس ارتفاعا على مرحلتين جديدتين بعد أن رفعت الحكومة في مرحلة أولى في بداية العام الجاري يليها ترفيع ثان في غرة أفريل المنقضي ب50 مليما، وعللت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة هذا الترفيع بأن مرده تفعيل آلية التعديل الآلي التي تحتم الزيادة في أسعار المحروقات كل ثلاثية من سنة 2018.