تم الإعلان رسميا عن اكتشافات أثرية بالجنوب التونسي وتحديدا بولايات قفصةوتطاوين ومدنين بما من شأنه أن يحول هذه المناطق إلى مسالك سياحية متميزة وذلك نتيجة مشروع تعاون تونسي صيني في المجال استغرق 20 شهرا وكانت تونس وتحديدا الجنوب التونسي ضمن هذا المشروع العالمي الذي يشرف عليه معهد الاستشعار عن بعد والأرض الرقمية في الأكاديمية الصينية للعلوم. والهام في هذا المشروع أنه يعتمد للمرة الأولى في تونس كجهة تمثل توجه المعهد الصيني في شمال إفريقيا. كان ذلك في ندوة صحفية عقدت للغرض صباح أمس بمقر وزارة الشؤون الثقافية وحضرها كامل الفريق البحثي بإشراف «جو هودينغ» مدير المعهد الصيني المعني بهذا المشروع إضافة إلى حضور كامل أعضاء الفريق المتركب من مختصين في المجال من الصين وإيطاليا وأفغانستان وتونس. وحضر هذه الندوة وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين والملحق الثقافي وسفير جمهورية الصين الشعبية بتونس فيما تغيبت وزارة السياحة رغم االإعلان مسبقا عن كونها طرفا أساسيا في هذا المشروع الذي يهدف لتطوير سوق السياحة الصينية في تونس فيما مثل وزارة الفلاحةحسين الختالي مدير عام معهد المناطق القاحلة بمدنين باعتبار أن هذه المؤسسة كانت شريكا في عملية التنقيب. ونزّل وزير الشؤون الثقافية مشروع التعاون هذا في سياق سياسة الدولة في بحث طرق وأساليب متطورة لدعم السياحة التونسية وتكريس تجذّر بلادنا في الحضارة والتاريخ عبر معطيات أثرية وأركيولوجية مؤكدة بما يجعل من الثقافة عامل تنمية اقتصادية وذلك بأقل التكاليف باعتبار أن هذا المشروع أكثر دقة ونجاعة في معرفة وتحديد المواقع الأثرية وأقل تكلفة مقارنة بالمشاريع التي تعتمد على الطريقة التقليدية عبر الحفريات. وهو ما أكده فوزي محفوظ مدير المعهد الوطني للتراث في نفس الندوة. وبين أن التجربة الصينية رائدة في هذا المجال نظرا لاعتمادها على أساليب علمية فضائية دقيقة باعتبار أن الدولة تخصص خمسة أقمار صناعية للتنقيب عن الآثار في العالم فضلا عن توظيف التقنيات الرقمية وطائرة بدون طيار للغرض. وبين جو هودينغ أن هذه التجربة التي تواصلت على امتداد عشرين شهرا وشارك فيها مختصون في المجال من كل من الصين وأفغانستان وايطاليا وتونس أسفرت عن اكتشاف عشرة مواقع أثرية جديدة في الجنوب التونسي تم تأكيدها من قبل المعهد الوطني للتراث وبين أن هذه الاكتشافات تمت على مرحلتين انطلقت من قفصة لتشمل بعد ذلك تطاوين فمدنين. وتم في نفس الندوة تعداد هذه الاكتشافات وتحديد مواقعها وخصوصياتها وتتوزع بين منطقتين أثريتين بقفصة وذلك باتباع خط الحصون الرومانية فيما تم اكتشاف الاماكن الثمانية المتبقية في الأسابيع الأخيرة من مدة مشروع البحث والتنقيب. ومثل المعهد الوطني للتراث في هذا المشروع عدد من المختصين في التنقيب عن الآثار ذكر مديره في نفس الندوة بعضهم وهم كل من علي المنصوري وعلي الثابتي ومنذر براهمي. أهداف متباينة لئن أجمع أغلب المتدخلين في هذه الندوة على أن الأهداف من هذا المشروع متعددة وتشمل ما هو ثقافي واقتصادي وسياسي في مستوى التعاون بين تونسوالصين، فإن فوزي محفوظ يؤكد في على أن الهدف من هذا المشروع هو تعزيز قدرات تونس التقنية والعلمية في مجال الاكتشافات الأثرية وذلك بالاستفادة من التجربة والإمكانيات الصينية باعتبار أن الاعتماد على التقنيات في التنقيب عن الآثار تعد أقل تكلفة مقارنة بما تتطلبه الطرق التقليدية فضلا عما تخلفه من أضرار. فضلا عن تكوين إطارات تونسية مختصة تعتمد على الطرق العصرية وتثمين التراث التونسي. من جهته أكد حسين الختالي مدير عام معهد المناطق القاحلة بمدنين في نفس الندوة أن الهدف هو تكوين خارطة أثرية يكون لها تأثير مباشر في تنشيط الحركة السياحية بالجنوب التونسية بما يعزز السياحة الصحراوية ويبين جانبا من المميزات الأركيولوجية والطبيعية لتونس. تشابه أركيولوجي أفاد جو هودينغ أنه بعد التجربة التي خاضعها مع فريق البحث في تونس تبين مدى التشابه الأركيولوجي والطبيعي الكبير بين تونس وشمال غرب الصين في مستوى التضاريس تحديدا بما يجعل من تونس قبلة سياحية هامة للصينيين. من جانبه أكد فوزي محفوظ أن المعهد الوطني للتراث سيعمل على تثمين هذا المنجز الأثري وحفظه وتطويره بما يجعل منه آلية هامة لتعزيز السياحة الثقافية بدرجة أولى فضلا عن استثمار التعاون التونسيالصيني هذا في سياق المساعي للمحافظة على المواقع الأثرية في تونس لاسيما في ظل ما يعرفه القطاع من صعوبات.