انطلقت بالأمس الفترة الانتخابية بالنسبة للانتخابات البلدية التي من المقرّر إجراؤها يوم 6 ماي المقبل، هذه الانتخابات غير المسبوقة والتي تعدّ لبنة أساسية في استكمال مسار الانتقال الديمقراطي باعتبارها تكرس مبدأ اللامركزية والحكم المحلي الذي نصّ عليهما الدستور الجديد، وتسمح للمواطنين بإدارة شأنهم العام ووضع حدّ للحكم المركزي الذي كان مجحفا خلال العقود الماضية في حقّ الجهات وخاصة الداخلية منها بما أنتج تفاوتا بين الجهات. وتستوجب الفترة الانتخابية الالتزام ببعض الضوابط التي تهم القائمات المترشّحة للانتخابات البلدية وتهمّ كذلك الوسائل الاعلامية في علاقة بالمواد الاعلامية التي تتعلّق بعمليات سبر الآراء المحجّر نشرها خلال هذه الفترة والممنوعة من البث ومن التعليق عليها عبر مختلف وسائل الاعلام استنادا الى الفصل 172 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 مؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء «إلى حين صدور قانون ينظم سبر الآراء، يحجر خلال الفترة الانتخابية بثّ ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والاستفتاء والدراسات والتعاليق الصحفيّة المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام». والى جانب التعاطي مع عمليات سبر الآراء تطرح اليوم جملة من الاشكالات في علاقة بالانتخابات البلدية بعضها يتعلّق بتشكيل القائمات الانتخابية التي واجهتها أغلب الأحزاب وكذلك في علاقة بالمناخ الانتخابي من خلال المخاطر الكبرى المحدقة بنزاهة الانتخابات والمتعلّقة أساسا ب»الرشوة الانتخابية» وفي تصريح ل»الصباح» وضّح عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر كل التباس يحيط بالمسائل المذكورة أنفا. عمليات سبر الآراء لم يعد خافيا أن عمليات سبر الآراء تدفع في أغلب الأحيان الى صناعة رأي عام يصب في مصلحة بعض الأحزاب والقوى السياسية لذلك حجّر القانون الانتخابي عملية نشر عمليات سبر الآراء من بداية آجال الفترة الانتخابية وفي هذا السياق يقول فاروق بوعسكر :»كما يعلم الجميع انطلقت الفترة الانتخابية بالنسبة للانتخابات البلدية منذ تاريخ يوم امس 13 فيفري وخلال هذه الفترة الانتخابية هناك جملة من الضوابط يجب الالتزام بها وهي ثلاثة ضوابط اثنان منها على علاقة بالقائمات المترشّحة وتصل عقوبة خرق هذه الضوابط الى عقوبات جزائية وهي منع الاشهار السياسي بداية من تاريخ انطلاق الحملة وفي صورة المخالفة هناك عقوبات مالية وخطايا تتراوح بين 5 و10 آلاف دينار». ويضيف محدثنا: «وكذلك منع تخصيص أرقام هواتف مجانية للدعاية السياسية والعقوبة في صورة المخالفة بخطية تناهز 3 آلاف دينار. أمّا بالنسبة للتحجير الثالث التي يجب أن يتم هو الالتزام بها خلال الفترة الانتخابية ويتعلّق بعمليات «سبر الآراء» حيث حجّر الفصل 172 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014، خلال الفترة الانتخابية «بثّ ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والاستفتاء والدراسات والتعاليق الصحفيّة المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام» ومع انطلاق الفترة الانتخابية ستنطلق هيئة الانتخابات في مراقبة كل ما له علاقة بالاشهار السياسي أو بالرقم المجاني وبعمليات سبر الآراء وفي رصد كل هذه الاخلالات هناك أيضا «الهايكا» المخوّلة لمراقبة مثل هذه الاخلالات في الاعلام السمعي والبصري». والإشهار السياسي هو كل عملية إشهار لجهة سياسية أو حزبية من خلال تقنيات التسويق الاشهاري أو من خلال توظيف وسائل الاعلام لخدمة الأجندات الحزبية طوال الفترة الانتخابية أو من خلال وسائط اشهار ثابتة ومتنقّلة أو حتى وسائل الدعاية الالكترونية. وبسؤال محدّثنا عن الخروقات و الاخلالات التي يمكن أن ترتكبها الصحافة المكتوبة والتي هي ليس مرجع نظر بالنسبة ل»الهايكا»، قال فاروق بوعسكر «صحيح لا يوجد هيكل تعديلي بالنسبة للصحافة المكتوبة ولكن هيئة الانتخابات يمكنها أن تتدخّل بطرق مختلفة ولا أعتقد أن هناك وسيلة اعلام يمكنها أن تعرّض نفسها للنقد والتشهير». وحول عمليات سبر الآراء في حدّ ذاتها فقد قال عضو هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر أن اجراء عمليات سبر الآراء في حدّ ذاتها ليست ممنوعة ولكن ما هو ممنوع هو نشر عمليات سبر الآراء في وسائل الاعلام والتعليق عليها مشيرا الى أنه في اطار غياب قانون ينظّم عمليات سبر الآراء يكون مجال تدخّل هيئة الانتخابات مبتورا باعتبار غياب القانون مضيفا «نحن كهيئة انتخابات نتوجّه الى السلطة التشريعية ونطالبها بالتعجيل في سنّ هذا القانون ليكون جاهزا قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة..» ويذكر أن الهيئة ستفتح باب الترشّحات للبلديات بداية من يوم 15 فيفري الجاري الى تاريخ 22 من نفس الشهر وبعد أسبوع من قبول الترشّحات للبتّ في مطالب الترشّحات وفرز القائمات المقبولة أوّليا والأسبوع الثالث سيكون للطعن في القائمات المترشّحة وستنتهي الفترة الانتخابية يوم 14 أفريل حيث تنطلق الحملات الانتخابية وبداية الصمت الانتخابي سيكون بداية من يوم 5 ماي القادم. حاملو الإعاقة واجهت أغلب الأحزاب صعوبات جمّة عند تشكيل قائماتها الانتخابية أبرزها التناصف وكذلك ايجاد مرشّح حامل لبطاقة اعاقة صلب القائمة كما نصّ على ذلك الفصل 49 من القانون الانتخابي الذي أكّد أنه يتعيّن على كل قائمة مترشّحة أن تضع من بين العشرة الأوائل فيها مترشّحة أو مترشّحا ذا اعاقة جسدية وحاملا لبطاقة اعاقة وتحرم كل قائمة لا تحترم هذه القواعد من المنحة العمومية» فأغلب الأحزاب وجدت صعوبة في ايجاد مرشّح من حاملي اعاقة جسدية وليست ذهنية باعتبار أن الاعاقة الذهنية تسلب صاحبها في الغالب حقوقه المدنية والسياسية وهو ما جعل بعض المهتمين بالشأن الانتخابي أن هذا الشرط الانتخابي كان من بين الشروط التعجيزية التي ستحرم عشرات القائمات من المنحة العمومية التي هي تتفاوت حسب الدوائر الانتخابية. وحول الصعوبات التي واجهتها الأحزاب والمستقلون في تشكيل القائمات الانتخابية من حيث التناصف ومن حيث ضرورة أن يكون من بين العشرة الأوائل مترشّح من حاملي بطاقة أو تُحرم القائمة من المنحة العمومية، قال فاروق بوعسكر أن الفصل 49 من القانون الانتخابي ينصّ على هذه النقطة وان الهيئة مدعوة لتطبيق القانون قائلا «رغم أن هذه المسألة يمكن أن تُناقش أو تنقد ولكن في انتظار تعديل القانون ان كانت هناك رغبة في تعديله نحن كهيئة ملتزمون به». الرشوة الانتخابية أبدى عدد من المهتمين بالشأن الانتخابي، مخاوف جدّية من ظاهرة «الرشوة الانتخابية» التي قد تصبح «أسهل» في الانتخابات البلدية باعتبار خصوصية هذه الانتخابات، قال محدّثنا أن ظاهرة الرشوة الانتخابية موجودة مضيفا «تصدّي الهيئة لهذه الظاهرة يدخل في نطاق مراقبة تمويل الحملات الانتخابية ويمكن لظاهرة الرشوة الانتخابية أن تكون أكثر حدّة بالنظر لكثرة وتقارب المتنافسين في الانتخابات البلدية ولكن مراقبة هذه الظاهرة لا تلزم هيئة الانتخابات فقط بل دائرة المحاسبات ولو أن رقابتها تكون رقابة بعدية وكذلك البنك المركزي ووزارة المالية في علاقة بالتحويلات البنكية وهيئة الانتخابات مدعوة لمراقبة الشكليات في تمويل الحملة والاجراءات اللازمة لفرض احترام الشكليات في الانفاق الانتخابي والتحقّق من مصادر التمويل من خلال أعوان الرقابة الذين ستكلّفهم الهيئة بمراقبة الحملات الانتخابية والاجتماعات الحزبية وكل ما يتعلّق بهذه الحملات.»