السياسة النقديّة هي جزء من السياسة الاقتصادية العامة يقع تنفيذها من طرف البنك المركزي من خلال تأثيره على حجم الكتلة النقدية وعلى بقية المتغيرات النقديّة من أجل تحقيق الاستقرار النقدي والمالي. وللوصول الى انجاز أهدافه، يطبق البنك المركزي اما سياسة نقدية تقييدية وهدفها مقاومة التضخم أو سياسة نقدية توسعية الغاية منها تقليص البطالة والحد من الركود الاقتصادي. وتتوفر للبنوك المركزيّة، بشكل عام، العديد من الأدوات في ممارسة سياستها النقدية، وأهمها عملياّت السوق النقدية المفتوحة حيث يتدخل البنك المركزي في السوق النقدية للزيادة أو التخفيض من السيولة المتوفرة في السوق. ففي حالة وجود نقص في السيولة، يقوم البنك المركزي بشراء كمية من السندات وببيع السندات في صورة تواجد فائض في السيولة. تطور لافت للإيرادات هذا الاطار، ووفقا لمعطيات تقرير مراقبي حسابات البنك المركزي التونسي الصادرة يوم امس الأربعاء 3 جويلية 2024، فقد سجلت الإيرادات المتأتية من عمليات التدخل في السوق النقدية والتي لا تزال تمثل البند الأهم في قائمة نتائج البنك بنسبة 54% من مجموع الإيرادات، ارتفاعا ب 439,6 مليون دينار أو بنسبة 54,4% لتبلغ 1.247,6 مليون دينار في نهاية سنة 2023 مقابل808 مليون دينار قبل سنة خلت. ويعزى هذا الارتفاع أساسا الى ازدياد الفوائد المسجلة بعنوان الإيرادات على السندات المشتراة بصفة باتة والتي ارتفعت ب 232,3 مليون دينار أو بنسبة 77,1% حيث انتقلت من 301,4 مليون دينار إلى 533,7 مليون دينار من سنة إلى أخرى. علاوة على ذلك، سجلت فوائد التدخل على السوق النقدية في شكل شراء على طلبات العروض ارتفاعا ب 225,2 مليون دينار في نهاية سنة 2023 لتصل إلى 599,4 مليون دينار مقابل 374,2 مليون دينار قبل سنة خلت، أي بارتفاع يقدر بنسبة 60,2 .% ومن جانبها، ارتفعت الايرادات الناتجة عن عمليات التدخل في شكل تسهيلات القروض لمدة 24 ساعة ب 5,5 مليون دينار، حيث انتقلت من 38,9 مليون دينار إلى44,4 مليون دينار ، من سنة إلى أخرى. بالتوازي مع ما سبق، انخفضت الفوائد على عمليات إعادة التمويل لمدة شهر ب 0,7 مليون دينار لتصل إلى 66,4 مليون دينار في نهاية سنة 2023 مقابل 67,1 مليون دينار قبل سنة. وتقلصت، في نفس السياق، الإيرادات الناتجة عن الفوارق الايجابية على عمليات مقايضة الصرف وفوائد عمليات التدخل الظرفي على التوالي ب 21,6 مليون دينار و0,2 مليون دينار، لتتراجع من 24 مليون دينار إلى 2,4 مليون دينار ومن 1 مليون دينار إلى 0,8 مليون دينار، من نهاية سنة إلى أخرى. نتيجة ايجابية اظهرت بيانات تقرير مراقبي حسابات مؤسسة الاصدار، تحقيقها لنتيجة إيجابية تبلغ 1472 مليون دينار في نهاية سنة 2023، لتعرف، على هذا الاساس، تطورا نسبته 105 بالمائة، مقارنة بالنتيجة المسجلة لكامل سنة 2022 والتي تقدر بحوالي 715 مليون دينار. وبينت المعطيات المالية، تسجيل البنك المركزي لإجمالي صاف موازنة يناهز 48455 مليون دينار بينما كانت قيمة الأموال الذاتية إيجابية وقدرت بنحو 2624 مليار دينار. وحسب المعطيات الرسمية، فان حصّة الدولة من أرباح البنك المركزي لسنة 2023 تقدر بقيمة 1056 مليون دينار، ويتم توزيعها، وفقا لأحكام الفصل 78 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلّق بضبط القانون الاساسي للبنك المركزي التونسي. وجرى، في هذا الصدد، رصد 205 مليون دينار في إطار التكوين التدريجي للمدخرات ما يسمح بمواجهة التأثيرات المستقبلية على الأموال الذاتية للبنك عند الانتقال الى معايير الإفصاح المالي الدولية وتخصيص 66 مليون دينار بهدف تمويل الأقساط غير المحررة من مساهمات البنك المركزي التونسي الى جانب 140 مليون دينار تعنوان تكوين احتياطي للصمود. ويتضمن تقرير مراقبي حسابات البنك المركزي القائمات المالية لسنة 2023 الموازنة وجدول التعهدات خارج الموازنة، الى غاية 31 ديسمبر 2023، وقائمة النتائج للسنة المنتهية في نفس التاريخ، والإيضاحات حول القوائم المالية المتضمنة لملخص أهم السياسات المحاسبية. كما يشمل، مختلف مهام البنك المركزي في مجال السياسة النقدية والتصرف في الاحتياطي من العملة الأجنبية وأنظمة ووسائل الدفع والرقابة البنكية الدفع والاستقرار المالي إضافة الى حماية المستفيدين من الخدمات البنكية.