على السجاد الاحمر وسينوغرافيا المكان وبالموسيقى مررنا ومر فوق السجاد المخرج والممثل والكاتب والمنتج ظافر العابدين ليوقع بخطواته خطوات شريطه الاول والطويل " غدوة". ببداية متوسطة في الطرح والاخراج وادارة الممثل و التعامل مع التقنيات وايقاع الصورة وقدرة الموسيقى والمؤثرات على رسم خطوط القصة وحبكة اللعبة السينيمائية لفلم البداية"غدوة" … ايقاع وصمت … جري وخوف وسرعة … اغتراب … فكر شارد … الم وحيرة وامل ضائع … واقع ينتظر غدوة … بصورة تتسارع وتعود وتجول في الفضاءات وننتظر على ايقاع نسق انتقال المشاهد بكاميرا لم تكن قارة وانما متحركة … التقاط مشاهد مستمرة لا تخضع لعملية التقطيع والمزج والدمج والتركيب والتوليف وانما الصورة ترتعش جعلت من المشاهد مقلقة فهي غير ثابتة على الشاشة وتحاكي شخصية مضطربة خائفة حائرة وملاحقة …. ألم يكسوه اغتراب … غربة وغرابة تحاكي قضية وطن معلق ينتظر ويعيش على أمل غدوة …. برغم قلة المشاهد الخارجية واغلبية المشاهد في الفضاءات المغلقة وفي محاولة سجن المتلقي في ايقاع الصورة واختراق خوالجه وتحريك حواسه بالتشنج وزرع الخوف والانتظار وتحريك الزمن لانتظار غدوة … لم ينجح ظافر في كسب المتلقي وغرسه في جزئيات الفلم .. صنع الفيلم الحدث بهالة اعلامية انطلقت من مصر لتصل سماء تونس الا ان الطرح عبر المحتوى جعل المتابعة للاحداث تفقد التوازن في ضعف التعامل مع الكاميرا وغياب الاضاءة التي تساير الفكرة وتضيف للمشهد والمشهدية وتفقد كتابة الانتقال الزمني برغم تجاسر المخرج على سجن نفسية وعاطفة المتفرج في بعض المشاهد ليفقد سيطرته في البعض الآخر … حاول ظافر المخرج اغراق المستقبل في شباك لعبته السينيمائية بكامل تفاصيل الشريط في المكان والزمان … غدوة : صراع مواطن تونسي صاحب حق ضاع واضاعته الحياة والجدل السياسي ليفقد الفرد حياة افضل عاش ثورة 2011 … غدوة : حلم تونسي في اصلاح الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد في غياب عدالة قضائية وطموح في تحويل البلد الى واقع ديمقراطي حر … المشاهد في الشريط تتكرر بتكرار الآمال في واقع الشوارع وفكر المواطن … غدوة : صور المواطن في صورة انغلاق تعكسه الفضاءات … عزلة وانطواء وهلوسة نفسية لبطل الفلم سي الحبيب هذا المحامي الماسك بملفات كبرى لضحايا النظام السابق وشهداء الثورة ليرافع بالدفاع عن فكر حر وحق انسان تونسي لا يتجزا…. سي الحبيب يحلم بعودة الحق لأصحابه …. سي الحبيب يريد العدالة والمساواة ويحلم بقضاء عادل و منصف ومحاسبة ومصالحة…. حاول ظافر المخرج وظافر الممثل سي الحبيب ان يقودنا ويجرنا العابدين الى صورة نعكس فيها الوطن والمواطن ليتذكر واقع كل تونسي رقص على ايقاع نسق الانغلاق والانفتاح والايمان بقضية حتى الخوف … شقة سي الحبيب ضيقة ومفتوحة على الغرف وضيقها أفق ضيق يضيق وينصهر في العالم الخارجي الشاسع ويضيق ليصبح مزعج يتعب ويكابر ليصنع هستيرية نفسية للشخصية الأم سي الحبيب بألمه وتمسكه بقضايا الشعب في مواجهة سلطة القاضي وسلطة البوليس . غدوة يبقى امل … امل لوطن يسعى للتصالح مع نفسه ويبقى حلم مرسوم في وجه ابن سي الحبيب احمد . بداية متوسطة لمخرج يبحث عن التواجد في واقع سينما اصبحت اسيرة التقنيات الحديثة في غياب الطرح الذكي والخالي من السذاجة والحالم والذكي ليجعل من المتقبل فاعل يتفاعل مع عمق المشاهد … متقبل متفرج يساير نسق ايقاع الصورة المتنغامة مع الموسيقى والمنطوق … نجد ضعف في ادارة الصورة بعلاقتها بالاضاءة والموسيقى في علاقتها بايقاع الصورة والصوت … قدم لنا الشريط ممثل يبحث عن التجاوز ويسعى ليتخلص من شخصيات في داخله بفعل الاخراج والكتابة والانتاج وادارة الممثل ليدير التصوير ويوجه المشهد ويبحث عن من يديره …. خطوة جريئة لظافر نترقب ان تتطور وتخرج من بعض النمطية وضعف الادارة الحقيقية لخطابات سينيمائية جديدة تخلق الدهشة وتحقق الحدث وتسجن الممثل دون الخروج من ايقاع الفيلم وبمشاهد شاسعة … اراد ظافر سجن المتلقي في اطوار الخرافة ولكنه بقي اسير ادارة ذاته … رياض الحاج طيب