تبرأت الحكومة الهولندية من التصريحات المسيئة لعضو البرلمان التي طالب فيها المسلمين الذين يريدون البقاء في بتمزيق ورمي نصف القرآن وتطاول فيها على النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، وعبرت عن أسفها و قامت باستدعاء زعيم حزب الحرية"`فلدرس" الذي تجاوز بانتقاداته المثيرة للجدل زملاءه السابقين من منتقدي الإسلام مثل هرسي علي والمستشرق "هانس يانسن" اللذين اعتبرا من المنظرين لليمين المتطرف حسب بعض المراقبين..في خطوة ايجابية لتخفيف حالة الاحتقان بين الأقلية المسلمة . وقد عبر أغلب المسلمين ب عن رفضهم التام لهذه التصريحات المهينة إلا أنهم لم يكترثوا كثيرا، لأنهم تعودوا عليها مع مرور الزمن فأصبحوا لا يلقون بالا ولا اهتماما كبيرا لمثل هؤلاء الذين تفاقم عندهم التمييز الديني والعنصري تجاه الثقافات الوافدة، و بالمقابل أثارت هذه التصريحات غضب العالم الإسلامي و خلفت ردود أفعال شعبية ورسمية قوية بإصدار بيانات الاستنكار والشجب، مطالبة البرلماني بسحب تصريحاته والاعتذار للمسلمين عما بدر منه ودعت الحكومة بأن تضع حدا لمثل هذه التصريحات الاستفزازية المسيئة إلى المقدسات، عبر رسائل لوزارة الخارجية الهولندية وسفارتها في بعض الدول العربية والإسلامية. وبفهم عميق من طرف الحكومة لهذه المواقف والاحتجاجات وإدراك واضح لأفضل السبل التي تمكنها من معالجة هذا الموضوع بادرت بدعوة "فيلدرز" مبدية له قلقها من تدهور العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع البلدان الإسلامية ومعربة عن خوفها الحقيقي الذي يهدد مصالحها وسلامة مواطنيها في تلك البلدان، و في نفس السياق قدم له المنسق الوطني لمكافحة الإرهاب " تيب يا وسترا" ملخصا حول ردود الأفعال في العالم الإسلامي شارحا له المواقف الغاضبة و تخوف أجهزة الأمن من مخاطر تعرض لأعمال إرهابية جراء هذه التصريحات ودعته إلى التخفيف من حدتها وبينت له أنها نجحت في احتواء ضجة كبيرة كادت أن تعصف ب كتلك التي عرفتها الدانمرك السنة الماضية حول الرسوم الكاريكاتورية. وحسب تقارير أمنية وصحفية سربت مؤخرا تكشف وجود علاقات وطيدة سرية و علنية بين "فلدرس" و إسرائيل عن طرق السفارة بلاهاي التي تقوم بتزويده بمعلومات ووثائق وتقارير تساعده في حملاته وإعلاناته المسيئة للإسلام والمسلمين..وذكرت المخابرات العامة أنها تحصلت مؤخرا على معلومات تفيد بذلك تحتفظ بها حاليا وستعلنها في الوقت المناسب.. وفي مقابل ذلك اعتبر "فلدرس" أنه تعرض للترهيب والضغوط وخاصة عندما ابلغه احد الموظفين تعديل لهجته وسلوكه تجاه الإسلام، و طلب مع بعض أعضاء البرلمان توضيحات من وزير العدل "هيرس بالين" حول تدخل المكتب الوطني لتنسيق مكافحة الإرهاب، واعتبر أن الاستخبارات الهولندية تجاوزت حدود عملها، بمعاملتها برلمانيا هولنديا بهذا الشكل، و أثاروا تساؤلات حول حرية الإعلام و التعبير... وقد لقي إجراء الحكومة الهولندية الأخير ارتياحا لدى المسلمين بعدما مرت علاقة الحكومات المتتالية بهم بحركة مد وجزر حتى بلغت أشدها بعد أحداث سبتمبر بتنامي فضيع للتيار المعادي للإسلام محرضا على الكراهية مما جعلهم عرضةً لأشكال وأنواع من العنصرية والظلم الاجتماعي، مع تمرير خطط وسياسات ضدهم.. وتأمل الأقلية المسلمة ب البالغ عددها أكثر من مليون مسلم، يشكلون قرابة 10 % من السكان ، أن يكون هذا الموقف بداية عهد جديد يعيد للمسلمين مكانتهم واعتبارهم و يضع حدا لتلك السياسات المعادية و تلجم المتعصبين المقوضين لمبادئ التسامح بين والحضارات. * مدير المركز الثقافي الاجتماعي ب