بعد مشاركته على طريقته الخاصة في قمة كوبنهاجن قرر الجنرال أن يكون قاسيا هذه الأيام على الأوروبيين والأمريكيين وعلى ضيوف القارتين ليذكرهم بأنه لايزال القائد الأعلى لدرجات الحرارة وبأنه القادر على قلب الطاولة في قمة الاحتباس الحراري... عاد بعض قادة 120 دولة بسياسييهم وجنرالاتهم بحيرتهم وخيبتهم الى عواصمهم عبر العالم .., لكن الجنرال ثلج قرر اثبات جدارته على الصعيد الدولي... هب الجنرال بعواصفه البيضاء على القارتين وجمد دم البعض في العروق , وعطل حركة الملاحة والطيران وخطوط السكك الحديدية وحركة السير على الطرقات السريعة وبعثر أوراق الكثيرين حين كانوا يخططون لقضاء عطلة نهاية السنة بين كرواتيا والنمسا وجبال التيرول وبين أعالي جبال الألب... الجنرال ثلج أرسل ببرقيات عاجلة وتحذيرية الى دول شمال افريقيا حين خفض درجات الحرارة في بعض مدنها الداخلية الى مستويات دنيا فتحركت قوافل 26 26 لرد اثار الهجمة بالبطانيات والمقرونة وعلب الطماطم ..., قال بأنه قادر على الضرب بقوة وعلى قلب مناخهم المعتدل وعلى تعطيل انتظاراتهم السياحية وعلى اشاعة انفلونزا المكسيك في محيط أوسع بكثير... الجنرال تحدى الجميع وقرر بأن يكون صوته الاخباري في النشرات الرئيسية وألا تكون أخباره حكرا على النشرات الجوية , فك الحصار الاعلامي وضرب طوقا على محطات التلفزة والاذاعات والصحف بأهم قارتين عبر العالم , وطلب من الجميع تعديل النشرات وفق ارادته التي علت ارادة القادة المنتخبين وأطلال الجنرالات القادمين من ذكريات حروب الاستقلال وتقسيم العالم الى جبهتين , واحدة باردة وأخرى تنتمي الى العالم الدافئ... أعلى الجنرال صوته وفك الصدارة في القيادة من أوباما وميدفاديف بل بوتين وساراكو , وتراجع مقام رئيس وزراء بريطانيا وباتت خرجة الملكة اليزابيث خبرا ثانويا أمام أخبار الزربية التي فرشها في شوارع لندن وقصر بيرمنغهام ... الجنرال كان بوشاحه الأبيض وقيادته السرية وتوقيت الانقلاب على قمة كوبنهاجن , حمالا لرسائل كونية أثبتت ضعف البشرية وتقنيتها الصناعية في مواجهة استحقاقاته في الاحتجاب أو الظهور... انه الجنرال , قاهر الجيوش ومسقط الحكومات والمنتصر لارادة الشعوب برغم قساوة زمهريره حين يستبعد الخطر المحدق بالانسانية في ضربات جوية تجمد مياه القطبين وتثبت كتل الجليد في قاع أطراف الكرة الأرضية ... عاد صاحب المهابة والسمو الأبيض ليقول لنا جميعا ديمقراطيين وديكتاتوريين , حكومات ومجتمعات مدنية بأنه أقوى منا جميعا , أقوى من ظلمنا وعدلنا وخرابنا وعمراننا وفقرنا وغنانا وصحتنا ومرضنا , وسقمنا أوعافيتنا في تسيير شؤون مااستخلفنا على أمانته جميعا... الجنرال الأبيض صفى قلوب الأوروبيين والأمريكيين وجعلهم يتناغمون دفئا ومودة مع نهايات السنة الميلادية , برغم تعطيله لقطاراتهم وطائراتهم وطرقاتهم السريعة..., وافساده لمخططات عطلهم في سالزبورغ وكرواتيا ومرتفعات جبال التيرول على تخوم انسبروخ والنمسا .. أعفى الجنرال رحيم أو الجنرال الأبيض رسميا ومؤقتا طلاب المدارس والمعاهد والجامعات , وكانت أولى قراراته مصدر استبشار من الدارسين في صروح العلم ..اذ ساعة فساعة ..فعلوم أوربا وأمريكا لن تتوقف عند اكتشافات المريخ واعادة استكشاف المياه على كوكب القمر ... اذ ثمة له أشقاء ضربوا هناك على مساحات واسعة من كواكب مجرتنا الشمسية ...وقد تركوا اثار الجليد لمباحث النازا ومنطاد ألمانيا باتجاه كوكب المريخ ... حل الجنرال الأبيض بهيبته ومهابته , فلا بيانات شجب أو تنديد , ولابيانات مساندة أو مؤازرة أو تملق , فقد ترك هذه العادات الى التلفزيونات العربية وجامعتهم الموقرة والى كتاب النخبة الفاسدة من تخمة العطايا .., انه جنرال أبيض ناصع ونقي لايقبل بغير البياض والصفاء والشفافية في التعامل مع طبيعة الموقف الحازم ... الجنرال رحيم الأبيض أعفى العجز والمسنين من مكابدات النقل خارج منازل اقامتهم , فالطعام والدواء يأتيهم على عجلات أربع , والطواقم الصحية أعلنت شد الأحزمة من أجل توفير الخدمات الاضافية ... الجنرال له تقاليد عظيمة من المحبة والمودة , فهو في قلوب الناس وأذهانهم مصدر خير ونماء , فالألسنة تدل عليه كما يدل التونسيون على الفحم الأسود بالبياض وعلى الملح بالادام أو ماطاب سمعه من ألفاظ يتخير الناس لها بحسب جهاتهم كل جميل من العبارة ... جنرال بلاتماثيل بحجم بوذا وباميان , ولامعلقات شعرية بحجم معلقات سوق عكاظ , ولاصور عملاقة بحجم صور الحملات الانتخابية العربية .., وحتى الأطفال يسارعون الى هدم مجسماته حال الاستمتاع بتجسيده في عرائس ثلجية...انهم يحولون مجسماته الرمزية الى قذائف بيضاء سلمية تغنينا عن لهيب النار والحروب والدمار الذي أثقل كاهل الانسانية ... جنرال ألفته الأرض والأشجار وسكان أكثر القارات تقدما صناعيا , حتى غدى الجنرال عرسا سياحيا تشد اليه الرحال في جبال سويسرا وأعماق الألب ... جنرال لايحتاج الى اصطفاف منظم على ضفاف الطرقات والشوارع ولا الى حافلات خاصة ولاالى رشى وحوافز كي يصفق ويهلل البعض الاخر بمقدم الأبيض على الأسود ..., انه يحل وفق قواميس الهية منظمة ويرحل حين يقع الاحتفال بالتداول على السلطة في شهر فبراير أومارس من كل سنة ميلادية ... جنرال رومانسي , علم فتيات الروس كيف يكن شقراوات حتى تغزل بهن أكثر مبدعي أوربا ونهضتها الفكرية والسياسية والصناعية المعاصرة , فاقترن اسمه بالنهضة وأرسل الينا بقايا القياصرة على ضفاف بنزرت حين قامت الثورة البلشفية, فتغزل الشابي حين عشق احداهن بارادة الحياة ... جنرال يعرف فنون الحرب , حين هزم هتلر وأنقذ البشرية من دمار كوني شامل , ولكن الروس اختطفوا الانتصار ونسبوه الى الذات البلشفية العلية حين طاوعوا الجسد لالهة عشق الثلج في ربوع سيبيريا ... الجنرال الأبيض أو الجنرال الأرحم , أو لنقل جنرال العدل حمى جيوشا وكسر أخرى وأنصف مقهورين في بلادهم , حين باتت الشمس الحارقة وبعض حكومات الملك الجبري وجهان لعملة واحدة ... انه بمثابة سور الصين العظيم , الذي حمى النهضة الصناعية الأوروبية من مصائب الثروة الباطنية التي لا تثمر عقلا ولاتنبت زرعا بل تلد في بعض بلاد المنطقة أجيالا من الخاملين والمتقاعسين الذين يعيشون على ثقافة الريع والاستمتاع والاستهلاك دون التفكير في أسرار كلمة اقرأ التي أخرجت المنطقة من الظلمات الى النور ومن جور الأرض الى عدل السماء... جنرال ليته كان عربيا بسحنة كونية , لتتحول صحارينا الى واحات , ومزارعنا الى شروط الاكتفاء الغذائي .., وصناعتنا الى طور الثورة البخارية ولا أقول الى طور استكشاف بعض أسرار مجرتنا الشمسية ... جنرال بلون الصفاء والنقاء , وليس ذلك عبثا حتما ..., فوراء ذلك حكمة الهية ...لأنه جنرال يقف في مواجهة بعض جنرالات اللون الأحمر من الذين عرفتهم افريقيا وأمريكا اللاتينية أو حتى بعض بلاد أوربا في لحظات الغفلة التاريخية حين أصابت الغيبوبة شعوبا لم تفهم رسالة جنرال الثلج ... الجنرال الأبيض حافظ على تاريخ علم الأحياء وعلى الذاكرة الانسانية لملايين السنوات حين احتضن في أرحامه كائنات العصر الحجري ومابعد هذا العصر من أسرار ..ولكن جنرالات اللون الأحمر غيبوا بعضا من ضحاياهم وراء أقبية ودهاليز أو ربما تحت الأرض ... جنرال أبيض لم يتعلم منه الكثيرون من أبناء جلدتنا غير احصاء عدد الموتى تجمدا أو المغادرين لعالم الحياة بسبب التقلب المناخي , والحال أن الجنرال الأبيض أمد العالم بأسرار الهية تدفقت معه روعة الحياة حين جعل نصيب كل واحد منا من المياه بحجم لايقل عن بئر لاينضب ماؤه ... جنرال علمني مواطن سيلان الحرف من ينبوع الضمير , حين يصبح الحرف مبيعا بدينار ودولار في سوق نخاسة الأفئدة من أجل تزكية اثار الدم الأحمر ..أو اسكات الأصوات الحرة في مواضع الحر الناسف .. جنرال أبيض ورحيم تعلمت منه سيلان الحبر في أودية وشعاب لم يكن من السهل أن تقبل بي قلما ينطق بهموم الناس من وراء البحار ... جنرال أبيض أتمنى عليه أن يتمطط ويزحف عربيا ليعلم المدنيين والمتمدنين والمتمدينين - أي المتصنعين للمدنية - أصول التواضع والقرب من قلوب الناس والمساهمة في دورة الحياة وجمالها المتجدد بعيدا عن ثقافة الدمار والحبس وتعذيب الاخر والاحتباس ... حفظ الله الجنرال الأبيض من شرور الاحتباس الحراري وماكسبته أيدي الناس...