من أجل أن يكون أول قرار للمجلس التأسيسي هو الاعتراف بالمجلس الوطني للثورة السورية لقد كانت ثورة الشعب التونسي أم الثورات العربية، ولا شك أن على الأم واجب الرعاية والعناية "ببناتها". وإن كان لنا كل العذر في الفترة السابقة، فإنه لا عذر لنا اليوم البتة إن لم نقف مع شلال الدم السوري دون تردد ولا مواربة ولا مداراة لأي كان.
لقد أنعم الله علينا بثورة لا مثيل لها في التاريخ من حيث سلميتها و نهجها الحضاري وهروب الدكتاتور بسرعة ثم خلاصنا من الدكتاتورية من خلال صناديق الاقتراع، فلا محاكم ثورية، ولا مشانق ولا مقصلة ولا انتقام في الشوارع.... ثم كانت ثورتنا مصدر إلهام لما تلاها من الثورات العربية، ومن بعدها لكل الغاضبين من جشع النظام العالمي القائم على رأسمالية السلب والنهب، مما شد من عضد قوى الثورة وكان له أبلغ الأثر في حسم المعركة النفسية ضد قوى الردة والتزوير قبل الوصول إلي المحطة الانتخابية الفاصلة.
والآن، وقد رست سفينة ثورتنا في ميناء الإرادة الشعبية الحرة، فإن أول واجباتنا وأوكدها هو أن نقف بكل ما أوتينا من قوة مع الشعوب التي اقتفت أثرنا وكتبت عليها الأقدار أن تدفع للحرية ثمنا أعلي وأبهض من الثمن الذي دفعناه.
ولا شك أن الشعب السوري الذي يستبيحه المجرمون دون رادع ولا يرعون فيه إلا ولا ذمة بحاجة شديدة لهذا القرار التاريخي الذي لن يكون منه مفر في النهاية لحتمية سقوط هذا النظام.
فما أجمل أن يبادر مجلس الإرادة الشعبية التونسية فيكون أول من يعترف بالشرعية للمجلس الوطني للثورة السورية، ضاربا عرض الحائط بتهديدات عصابة الإجرام، وبكل الحسابات الضيقة ...