أعتقد بكل صدق أن على النهضة أن تكون ممتنة لقناة نسمة والقطب الحداثي وللسيد أحمد نجيب الشابي الذين يعود إليهم الفضل دون شك ولا اختلاف في ارتفاع أسهم الحركة بهذا الشكل الذي فاق كل التوقعات. لقد قال أحد جهابذة الدعاية أنه لا توجد دعاية سيئة أبدا. فالذي لا يكف عن ذكرك بسوء لا يمكن إلا أن يخدمك بسلوكه ذاك: * فدعايته السيئة تساهم من جهة أولي في التعريف بك لدى من لا يعرف عنك شيئا، وأغلب هؤلاء سيسعون إليك لمزيد التعرف عليك فتكسب بعضهم بكل تأكيد نتيجة هذه الدعاية التي تكفل بها غيرك. *وهي من جهة ثانية تساهم في ضم صفوفك وشحذ همم أنصارك والمتعاطفين معك فتوفر عليك بذلك طاقات معتبرة كنت لا شك ستبذلها في هذا السبيل، فتستغلها في تصريف شؤون أخري. *وهي من جهة ثالثة لا تقدم ولا تؤخر عند من يتخذون منك موقفا سلبيا، بل ربما دفعهم الإلحاح في التشنيع عليك إلي التساؤل والمراجعة. تحضرني في هذا الصدد قصة للحسن البصري. فقد قيل له إن فلانا يذكرك بسوء ويغتابك فقال أوقد فعل؟؟ قالوا بلى! فأسرع الحسن البصري إلي السوق واشترى طبقا فخما وملأه بأفخر أنواع التمور ثم أخذه بنفسه فأهداه لذلك الرجل الذي أبدي استغرابه وسأل عن سبب الهدية، فأجاب الحسن البصري: هذا أقل ما يجب أن أكافئ به من أهدي إلي حسناته. وأنا اعتقد أن على حركة النهضة ان تهدي باقات من أجمل الورود والرياحين إلي قناة نسمة وإلي القطب الحداثي وإلي السيد أحمد نجيب الشابي، فهذا أقل ما يمكن أن تجازي به النهضة من ضاعف من حظوظ نجاحها في هذه المحطة التاريخية. وبعيدا عن كل سخرية، فإني أرجو، وبصدق، أن تتخلى كل الأحزاب الجادة، والتي لها رغبة حقيقية في المشاركة الفعالة في الشأن العام، عن أساليب التشويه المكشوف التي اعتبر الشعب أنها تواصل لنهج النظام السابق فرفضها بشدة، ولقن أصحابها درسا قاسيا، وأن نتجه جميعا لبناء حياة سياسية قوامها احترام ذكاء شعبنا وقدرته دوما على التمييز بين الغث والسمين، وبين النافع من البرامج والأحزاب وذلك الزبد الذي سوف تنثره إرادة الشعب هباء لا محالة... د نجيب عاشوري 24 أكتوبر 2011