أعرب سياسيون ومثقفون تونسيون عن قلقهم من ردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد وتنامي حالات الانفلات الأمني وحذروا من تداعيات الاضطرابات والإعتصامات مؤكدين أن نجاح مسار الانتقال الديمقراطي يبقى مشروطا بتحقيق السلم الاجتماعية والاستقرار. وحمّلوا خلال ندوة نظمها مركز دراسة الإسلام والديمقراطية و"منتدى الجاحظ"، الحكومة الانتقالية مسؤولية تأمين الظروف اللوجستية والتقنية لإنجاح انتخابات المجلس التأسيسي المزمع إجراؤها في تشرين الاول/ أكتوبر القادم. وشدد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي على ضرورة إرساء ثقافة حوار بين الأحزاب السياسية من جهة وبين الأحزاب والحكومة من جهة ثانية وبين هذين الطرفين والشباب من جهة ثالثة مطالبا وسائل الإعلام بأن "تضطلع بدورها كاملا في ترشيد وتهذيب الأفكار التي تطرحه الأحزاب بعيدا عن كل أشكال المحاصصة السياسية". وقال حاتم الشعبوني عضو الكتابة العامة لحركة التجديد اليسارية إن إرساء مناخ سياسي ناجع بين الأحزاب السياسية يعد احد الشروط الضامنة لأجراء انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية والطريق الأمثل للخروج بالبلاد من الوضع الراهن الذي تمر به. وألقى الأمين العام لحزب العمال الشيوعي حمة الهمامي بمسؤولية الوضع الدقيق الذي تمر به تونس من إنفلات امني وارتفاع كلفة المعيشة على الحكومة الانتقالية ملاحظا أنه لا يمكن أن تعيش تونس انتخابات ديمقراطية في ظل انفلات امني وتنام متصاعد للنعرات الجهوية والعروشية ودون محاسبة رموز النظام السابق." وقال الهمامي إن "الرعب عاد ليسكن نفوس التونسيين" منددا بالتعذيب الذي يمارس في حق عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين في مراكز الأمن ودعا إلى الضغط على الحكومة لتغيير كل ما من شأنه أن يشل مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد. ومن جهته إقترح عضو المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات المولدي الرياحي وضع "مدونة للتعامل الديمقراطي بين الأحزاب" تؤسس لقواعد التنافس الانتخابي النزيه بينها خلال مختلف المحطات الانتخابية القادمة. وانتقد ممثل المؤتمر من أجل الجمهورية سمير بن عمر أداء الحكومة الانتقالية وحملها مسؤولية عدم توفيرها الشروط السياسية اللازمةلإجراء انتخابات تأسيسية ديمقراطية داعيا إياها إلى تطهير الأجهزة الأمنية والقضائية من بقايا نظام بن علي فضلا عن العمل على انهاء حالة الاحتقان التي تعيشها البلاد جراء الانفلات الأمني. وبخصوص تأثير الوضع الاجتماعي والاقتصادي على مسار الانتخابات اعتبر الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المنصف اليعقوبي أن معالجة البطالة وغلاء المعيشة والمشاكل الاجتماعية وتحقيق التوازن الجهوي هي من جوهر المسار الانتقالي في تونس . و أبرز رئيس منتدى الجاحظ الإعلامي صلاح الدين الجورشي أن المال السياسي وغياب الشفافية في تمويل الأحزاب السياسية يمثلان التحديين الأكبر اللذين تواجههما انتخابات المجلسالتأسيسي داعيا إلى الابتعاد عن الرؤى الحزبية الضيقة التي لا تخدم المصلحة الوطنية والتصدي لظاهرة العروشية التي طفت على الساحة مؤخرا. أما أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد فقد شدد على وضع شروط مسبقة لتأمين نجاح الاستحقاق الانتخابي تتمثل في ضرورة عرض كل حزب سياسي لتصوره لمشروع الدستور المرتقب وضبط مدة زمنية لعمل المجلس التأسيسي فضلا عن إرساء أخلاقيات مشتركة بين الأحزاب تنبذ العنف وتدعو إلى احترام حق الاختلاف مع تأكيده على شفافية المعاملات المالية للأحزاب السياسية. كما دعا بلعيد إلى تحديد مهام المجلس التأسيسي من الآن تتمثل في "وضع دستور جديد للبلاد فحسب لا البت فيه قبل أن يعرض على الشعب لإبداء الرأي حوله عبر استفتاء شعبي" معتبرا أن إعداد دستور جديد قد لا يتطلب أكثر من ثلاثة أشهر.