تفكيك العبوات التي تستهدف جيش الاحتلال..السلطة الفلسطينية في خدمة إسرائيل!؟    قابس: إحباط تهريب مواد طبية..وهذه التفاصيل..    مهرجان الإسكندرية المسرحي : تتويج مسرحية تونسية    بنزرت: انصار المترشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيد يكثفون من انشطتهم الانتخابية    السعودية تعلن عن "تحالف دولي" لإقامة الدولة الفلسطينية    قابس: تقدير صابة الزيتون لهذا الموسم ب70 ألف طن    الحماية المدنية 471 تدخل منها إطفاء 40 حريق    القطاع البنكي التونسي: تماسك مالي يعزز الاستقرار الاقتصادي    سعد لمجرد يحتفل بتخطي أغنيته مع إليسا نصف مليار مشاهدة    في السعودية: وزارة الصحة تقدّم تلقيح ''القريب'' في المنازل    إطلاق سيارة "فيات دوبلو" الجديدة بتونس    صفاقس : حادث مرور يُسفر عن إصابة 5 ركاب    الرابطة الأولى: برنامج وحكام الجولة الثالثة    الأولمبي الباجي: قائمة المدعوين لمواجهة إتحاد بن قردان    الحفاظ على الأمن الطاقي أولوية قصوى لسلط الإشراف    7 مؤسسات جامعية عمومية متحصلة على الاعتماد الدولي لجودة التعليم.    عام 2100: وضع المناخ مخيف وهذا ما ينتظر البشرية...    360 مليون دينار اعتمادات لتأهيل المنظومات الغابية وتطويرها    إعلان ضياع...الى كل من يُشاهدها: ''يسرى'' تغادر منزلها ولم تعد    محرز الغنوشي: الّي يحبّ يبحّر يُقصد ربّي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 27 سبتمبر    الرابطة الثانية: مستقبل المرسى يعزز صفوفه ب 12 لاعبا    عاجل : صاحب أغنية ''كأس العالم 2010 '' الشهيرة متهم بالاعتداء الجنسي    كأس السوبر الإفريقي: الأهلي يبحث عن لقبه التاسع .. والزمالك يلاحق لقبه الخامس    مجلس الوزراء يوافق على عدد من مشاريع المراسيم والقوانين والاوامر    تفاصيل : الشركة التونسية للشحن والترصيف تتسلم معدات جديدة    قربة: العثور على شخصين سقطا في حفرة عميقة...أحدهما على قيد الحياة    انقاذ بقرة سقطت في بئر عمقه 17 متر ببوسالم..    تونس تعاني نقصا في أدوية السرطان    وزير خارجية لبنان يدعو لتطبيق المقترح الأمريكي الأوروبي لوقف إطلاق النار بشكل فوري    اليوم: جلسة عامة بالبرلمان للتصويت على تنقيح القانون الانتخابي    وزير الشؤون الخارجية يلتقي نظيره اللبناني ونظيرته الجامايكية    الحمامات: إحياء الذكرى الخمسين لوفاة جورج سيباستيان    رغم الانتقادات اللاذعة.. تنفيذ ثاني إعدام بالنيتروجين في تاريخ الولايات المتحدة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    هذا موعد انطلاق حملة التلقيح ضد 'القريب'    بلينكن: تصعيد الصراع مع لبنان يعقد عودة المدنيين    في قضية تتعلق بتبييض الأموال: الإفراج عن رضا شرف الدين بضمان ماليّ    كلام من ذهب .. جميل راتب وثلاثة أشخاص أثروا في حياته !    مدينة مساكن .. أجيال أسسوا تاريخها وشيدوا حاضرها    خطبة الجمعة...المسؤولية أمانة عظمى    اسألوني    على حساب مصر.. تونس تخسر نهائي بطولة إفريقيا للأصاغر لكرة اليد    حدث غير حياتي ...الممثلة سميّة السعيدي .. المسرح غيّر نظرتي إلى الحياة !    لثقافتك الشخصية .. خصائص الكلاسيكية... !    بن عروس: حجز طن من اللحوم البيضاء تعمد صاحبها الترفيع في أسعار البيع    إنجاز طبي لافت في المستشفى الجامعي الرابطة    تطاوين: ندوة في تطاوين حول "الهيدروجين الاخضر دعم التحول الطاقيِ"    البنك الأوروبي لإعادة التعمير يتوقع أن يظل النمو في تونس عند 1.2 بالمائة    الرابطة1 : الملعب التونسي يضمد جراحه الافريقية بالفوز على نجم المتلوي 1-صفر    عاجل/ الجزائر تفرض تأشيرة دخول على المغاربة    وزارة الرياضة تعلن عن هذا القرار بخصوص ملعب رادس    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    معرض الرياض الدولي للكتاب ينطلق اليوم ودور نشر تونسية في الموعد    يهم النادي الصفاقسي والترجي تأجيل انطلاق دوري ابطال افريقيا وكأس الكونفدراليه دور المجموعات لموعد جديد    مدير عام وكالة الدواء: سحب كميات من المضاد الحيوي "Augmentin" اجراء احتياطي ومتبع في كل دول    مسؤولون أمريكيون: وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" قد يدخل حيز التنفيذ خلال ساعات    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنتخابات مختبر الشرعيات
نشر في الحوار نت يوم 31 - 10 - 2009

أُسدل الستار على الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس ليُفسح المجال للتعاليق والتحاليل والاستشراف والتخمينات، كما تتجه الأنظار إلى العراق وأفغانستان اللتين تتهيئان لانتخابات مُثيرة للجدل على وقع الانفجارات والمواجهات المسلحة الدامية.
يُراد من الانتخابات في بعض البلدان الدخول بها في مرحلة سياسية جديدة، فهي جسر بين عهدين أو وضعين، والأسوأ أن تكون حلقة بين أزمتين. الانتخابات امتحان للشرعية بها تتعزز وتتجدد دماء السلطة الحاكمة ولو كانت مُستبدة وعلى محكها تهتز وتهترئ ولو كانت ذات مشروع واعد، فالانتخابات بها يتم تشبيب الاستبداد ومن بوابتها يخرج فريق من الحكم ليلجه ويرتقي إليه منها فريق آخر في عملية تداول حضارية سلمية تضع حدا لعهود من الصراعات الدموية العبثية على السلطة.
لانفجارات بغداد وكابول المرعبة التي خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى علاقة وثيقة بالعملية السياسية في البلدين، ولدعوة عباس من جهة واحدة بمرسوم رئاسي مطعون في شرعيته لانتخابات يناير المقبل صلة مباشرة بالأزمة السياسية والمصالحة الفلسطينية المعلقة والمؤجلة. فالانتخابات هي ذروة العملية السياسية ومحطتها الحاسمة في كل من العراق وأفغانستان وهي طريق الهروب إلى الأمام والتفصي من المسؤولية في الحالة الفلسطينية. فلا المقاومة بأشكالها العنيفة والعسكرية إرهاب كلها كما يزعم خصومها ولا العملية السياسية في ظل الاحتلال سلام خالص.
يوشك استهداف المدنيين من طرف القوى الأطلسية في أفغانستان أن يقتل العملية السياسية وتعجز هذه الأخيرة أن توفر للاحتلال مبررا للبقاء أو منفذا للهروب المشرف. وحين تعجز الانتخابات عن أن تكون حلاً في العراق أو فلسطين فهي يمكن أن تذهب بما تبقى للسلطة من شرعية، أما المقاومة فهي إن لم تحقق إفشال العملية السياسية فلا أقل من توجيه مسارها والتأثير في نتائجها، والعملية السياسية في المقابل إذا لم تسحب البساط من تحت المقاومة فلا أقل من أن تقلص قاعدتها الشعبية والاجتماعية وتفرق صفوفها مع خصوصية للحالة الفلسطينية، إذ يتداخل البُعدان فيها فالخيار السياسي ينبغي أن يكون خيار المقاومة، والمقاومة تكون خيار الشعب بكل فصائله أو لا تكون. ولعله لهذا السبب اعتبر الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني دعوة عباس إلى انتخابات يناير دعوة خطيرة تزيد في تعقيد الأوضاع، ولم يجد عباس بُدا من التذكير بتمسكه بالمصالحة الوطنية كي لا يقطع خط الرجعة ولا يفقد ما تبقى له من حظوظ في أن يكون مخاطبا باسم الشعب الفلسطيني في ظل دعوات وضغوط أميركية وعربية وأوروبية بالتعجيل بالدخول في مفاوضات الحل النهائي.
الاحتلال في العراق وأفغانستان يرعى عملية سياسية ويوفر شروطها الأمنية والقانونية ويكاد يصنعها من عدم ويريدها أن تفرز أغلبية من داخل الأقلية إذا اعتبرنا أن المقاومة هي المعبر السياسي عن الغالبية الواسعة، أو كانت الأغلبية موضوعة خارج المعادلة. فالانتخابات الأفغانية المقرر عقد دورتها الثانية المعادة في السابع من نوفمبر القادم لا تعدو أن تكون وسيلة لمعرفة الفائز بالأغلبية من صُلب الأقلية الموالية للغرب (كرزاي وعبدالله معا) ويُراد بها تجديد الشرعية للسلطة الحاكمة. فالاحتلال داعم للعملية السياسية بمجملها وحاضن أغلبيتها وأقليتها معا، ولكنه يريد أغلبية تُمنح حق التصرف في مُقدرات شعب لا تُمثله بأكمله بل تمثل أغلبيته أو الأغلبية النسبية داخل تلك الأقلية التي يُقال إنها داعمة للعملية السياسية. فمن المفارقات أن الناخب الأفغاني الافتراضي لا يدري لماذا ينتخب وما جدوى أن يفوز كرزاي أو عبدالله ومع ذلك تعالت أصوات الاستنكار وشجب التزييف. فهل ثمة معنى حقا لأن يسأل السائل أين ذهب صوتي؟ مثل هذا السؤال لا يمكن أن يُطرح حتى في بلد مثل تونس لا لأن السلطة توعدت بتتبع كل من يشكك في نزاهة الانتخابات دون دليل، بل لأن نتيجتها نتيجة منطقية اقتضتها شروطها المتمثلة في تراجع تأثير المعارضة المسموح لها بالمشاركة وفي إصرار الحزب الحاكم على الحفاظ على هيمنته على مجلس النواب مُبقيا على سؤال المستقبل السياسي للنظام محتفظا بكامل حُرقته. فما ميز الانتخابات التونسية الأخيرة ليس نتيجتها وإنما ما بعدها لأن الأزمة يمكن أن لا تكون فقط أزمة حكم بل أزمة بديل.
ولنعد إلى العراق وأفغانستان وفلسطين حيث تدفع المقاومة عبر المزيد من تدهور الوضع الأمني واستهدافها لوجود الاحتلال وحلفائه إلى إفشال العملية السياسية، وإن لم يكن ذلك أقصى أهدافها إذ إنها هي الأخرى تُدافع عن أغلبية صامتة أو مُغيبة ومُحيدة ومُبعدة عن العملية السياسية أو لا تقبل بشروطها أو تُؤجلها إلى ما بعد الاحتلال وهي موضوعياً تمثل القاعدة الشعبية والاجتماعية للمقاومة وللقوى السياسية التي تلتقي معها في الأهداف الوطنية. فالمقاومة تصدر عن شرعية غير مترجمة إلى اقتراع واستفتاء وسلطة. ولعل في اقتحام حركة المقاومة الإسلامية «حماس» للعملية السياسية وللمعترك الانتخابي إدراكاً مبكراً بأن هدف التحرير مفصولا عن المشروع السياسي قد يصبح بندقية عمياء فالمعركة معركة شرعيات والشرعية خيارات: شرعية تخرج من رحم عملية سياسية بمساعدة احتلال يسمي نفسه تحريرا وإعمارا وديمقراطية وقد يأتي المولود مشوها والأرجح بعملية قيصرية، وشرعية على النقيض منها إشرافا ورحما وأهدافا تريد تخليق مولود شرعي ووضعه بثمن نزيف من الدماء وولادة دون تخدير تصحبها زغاريد ممزوجة بالعويل وبالصراخ. ففي العراق وأفغانستان اليوم عملية تاريخية طابعها الاستثناء وعنوانها البارود والدماء.
إن المنطقة كلها تبدو عاجزة عن حسم قضية النهضة والتحرير والاستقلال والتنمية والسلطة والديمقراطية. هذا العجز تترجمه الشرعيات المغشوشة والمنقوصة: شرعية الانتخاب وشرعية الانقلاب وشرعية الإرهاب.. جميعها يستدعي بعضها البعض تتجاور وتتناوب وتتعاقب وتتصارع، وليست المقاومة والعملية السياسية إلا أسماءها العلنية وصيغها العملية.
v فالشرعية الكاملة والحقيقية ربما لن تأتي إلا من التأسيس الوطني ومن الثورة الشعبية فهما الأمل الذي طال انتظاره ولعل كل ما يجري في المنطقة من مناورات ومشاريع هو من أجل تأجيل ولادة ذلك الأمل حتى يكون التكوين الحديث للأمة مشوها مؤجل الاكتمال كلما سعت في إتمامه أيادي البناء عجلت بهدمه أيادي التخريب حتى غدا واقعنا المعاصر فوضى عارمة لا تهتدي النخب والجماهير إلى مخرج منها، وليل دامس لا تدري كيف تحدد في ظلماته اتجاه الخلاص. فمصير شعوبنا إما تحدده العواصم الغربية نيابة عنا دون تفويض من أحد وواقعنا المستعصي تُستدعى له الحلول الجاهزة مثل أي منتوج نستورده محكم التعليب حسن الشكل جميل الطلاء لكنه قاتل كالسم، أو تستهوينا الحلول السهلة كالقول بأن العلمانية هي الحل أو الديمقراطية أو الإسلام دون تقديم أي حجة على صحة ذلك أو دليل عمل يحولها من عناوين في سماء أحلامنا إلى حقائق في حاضر أيامنا ومستقبلها.
فترجمة الحل الديمقراطي إلى حل أمني وإلى انتخابات شكلية مزيفة مشكوك في صدقها ونزاهتها وجدواها أو ترجمة الحل الإسلامي إلى جدل لا ينتهي حول الحجاب والنقاب والسفور أو ترجمة الحل العلماني إلى استنفار ضد كل ما هو دين واحتقار للغالبية العُظمى والاستقواء عليها بالولي الغربي والاستعماري وترجمة المقاومة إلى حرب أهلية أو طائفية تجتذب المقاتل ولا تحتكم إلى العالم الرشيد والفقيه الأمين والسياسي الحكيم فتحتقر النخبة المجاهدة مثلما يحتقر العلمانيون الشعب المحروم والمظلوم.. هذه الترجمات كلها بما هي اختزال وتحريف لا تُفضي إلا إلى الإخفاق وإلى مزيد الشقاق فهي مزارع للشك ومحاضن للعزلة والكراهية. وكما صار لدينا متخصصون في إجهاض البدائل صار لدينا متخصصون أدلاء يضعوننا في طريق الخطأ يحذروننا من المصالحة الفلسطينية ويُفشلون مساعي توحيد العراق ومحاولات التطبيع بين إيران والعرب وينفروننا من التقارب مع تركيا ودائما يجدون في أدراج التاريخ القديم فتاوى لإذكاء الفتن الطائفية وفي أرشيفات العهد الاستعماري حُججا للتشكيك والطعن في كل مساعي النهوض والتوحيد والتجاوز.فقد تسرب العقل الاستعماري والصهيوني إلى تجاويف أدمغتنا يُكيف نظرتنا للوجود وللأوضاع الدولية بل تسرب إلى دوائر صنع القرار وإلى المؤسسة البحثية الأكاديمية حيث مختبر الحلول.
فهل من صحوة تؤذن بالفرج القريب؟

http://ajmilourimi.maktoobblog.com/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.