تونس - الحوار نت - في عددها الصادر يوم الأحد 18 أكتوبر 2009 كتبت جريدة الشروق التونسية افتتاحيتها تحت العنوان التالي: "الصحافة العالمية: برنامج بن عليّ الانتخابي تعزيز لمسيرة الإصلاح في تونس"، وباتصالنا ببعض المنابر الصحفيّة للاستفسار عن أمر هذا الإجماع استغربت هذه الأخيرة التحدّث باسم صحافة العالم وأنكرت أن تكون قد صرّحت بهذا أو صدر منها ولو مجرد إشارة لذلك، وإذا كانت كل المنابر التي اتصلنا بها قد أنكرت هذه التزكية فمن أين أتى خيال هذه الجريدة "الموقّرة" بإجماع لم ولن تحصل عليه كبرى صحف العالم ولو اجتمعت واندمجت لتشكل تكتّلا إعلاميّا عملاقا عابرا للقارات؟ وإذ نؤكّد نحن "المتطفّلون" على أجواء الانتخابات الرئاسية والتشريعية أنّه لا سبيل للمساس بحريّة التعبير فإنّنا نهيب بجريدة الشروق "المستقلة" أن لا تنصّب نفسها ناطقا رسميّا باسم الصحافة العالمية وأن لا تستمر في هذا النهج حتى لا تعرّض "مصداقيتها" للتجريح ناهيك وإنّ أغلب صحافة العالم لا تعرف بن عليّ، من هو!! ومن يكون؟؟ وبالكاد تعرف "مستعمرته"، وإذا كانت مجلة حوّاء المصرية وجريدة البلاد البحرينيّة هما من يمثلان الصحافة العالميّة بينما تمثل لوموند، نيويورك تايمز، الأوبزرفر، والصنداي تايمز... صحافة العالم الثالث الصفراء فهذه من التصنيفات الجديدة التي ابتكرتها صحافة العهد الجديد!.. ترفقوا فالأمر لا يليق بالصحافة التونسيّة التي تستحق مكانة مرموقة بعيدة كل البعد عن هذا التطبيل المجانيّ والمكشوف الذي وإن قدّم خدمة آنية ل بن عليّ فإنّه يسيء إلى سمعة الإعلام في بلادنا التي هي أصلا ترزح تحت وطأة صورة نمطيّة مشوّهة.
كان يسعنا السكوت عن هذا الخبر لو كان عابرا، لكن جريدة الشروق عادت في عددها ليوم 21 أكتوبر لتتمادى في الاستخفاف بالقرّاء ولتعنون مرّة أخرى افتتاحيتها بالخبر التالي "الصحافة العالميّة: إنجازات بن عليّ وراء إجماع التونسيّين عليه" ولا ندري كيف اكتشفت صحافة البراغواي والبيرو وزائير وكمبوديا.. أنّ التونسيّين قد أجمعوا على بن عليّ، ثم لا ندري كيف انتبهت صحافة الصومال وكولومبيا وكوريا ودارفور إلى إنجازات بن عليّ وتركت حروبها الأهليّة وبرامجها النوويّة ونزاعاتها الانفصاليّة، وإذا كانت لكسبريسيون الجزائريّة المقرّبة من الجيش والناطقة بالفرنسيّة والبائرة في سوق صحافة بلادها هي من اكتشفت هذا الإجماع التونسي حول بن عليّ فعلى "الصحافة" السلام.
وبما أنّه لا ينعدم الخير من أيّ مكان ومهما كان فإنّنا نهيب بصحفيي الشروق وخاصة الأحرار منهم أن يستنكروا هذا التردي الكبير وأن يقفوا في وجه هذا الإسفاف حفاظا على مصداقيتهم ومصداقية المنبر المحسوب عليهم وعلى إعلام بلادهم.