يشكل الوجود الإسلامي في الغرب جزء مهما من نسيج المجتمع الأوروبي بعد تصاعد الهجرة من العالم الإسلامي إلى مختلف البلدان الأوروبية بداية القرن العشرين و يغلب على هذه الهجرة البحث عن موارد الرزق فمنها من تحصل على جنسية البلد ومنها من يقيم بصفة دائمة، و منها من هو من أهل البلاد الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام، وأجيال أخرى ولدت وعاشت وتربت في أوروبا . هؤلاء جميعا يشكلون الأقليات الإسلامية في الغرب التي تشكلت في كيانات ثقافية واجتماعية وتربوية قانونية من مؤسسات ومنظمات ومراكز ومساجد , تعمل على الحفاظ على هويتها الثقافية والدينية . ولم يعد الوجود مجرد مجموعات مهاجرة للعمل لا تلبث حتى تعود إلى بلدها الأصلي بل انتقل الوجود إلى استقرار وتوطين في المجتمع ينسحب عليه ما ينسحب على مواطني تلك الدولة من حقوق وواجبات, وتتفاوت الإحصاءات حول العدد الحقيقي إلا أن بعض التقديرات تنص على وجود خمسين مليوناً منهم 25 مليوناً في روسيا والبقية ينتشرون في القارة الأوروبية وغالبيتهم من جيل الشباب ، ويتزايدون بمعدلات تفوق المعدلات الأوروبيية.. ما من شك في أن أحداث 11 سبتمبر 2001 قد أفرزت تداعيات خطيرة على الأقلية المسلمة تتفاوت من بلد أوروبي إلى آخر, ومن أبرز تلك الصعوبات والمشاكل بروز روح الكراهية وممارسة مضايقات استفزازية ضد العرب والمسلمين بدعوى أن الإسلام يحرض على التطرف والعنف ضد الحضارة الغربية.. ورغم هذه الأجواء المشحونة بحمى "الإسلاموفوبيا" و التشويه والتحريض ضد المسلمين من القوى اليمينية, يعيش المسلمون في الغرب على قدر كبير من الأمن والحرية التي تضمنها حقوق المواطنة وتكفلها القوانين المحلية والدولية والتي بمقتضاها تمكنت للأقلية المسلمة بفاعلية واقتدرا أن تساهم في تصحيح ما يروج من مغالطات وافتراءات على الإسلام ، لتعزز مكانتها في المجتمع ، فأصبحت تتفاعل مع ما يسود المجتمع من أفكار ومواقف سياسية ، وتستوعب كلَّ ما يجري من حولها وتحاول ان تجعل من المسلم عضواً فاعلاً ومؤثّراً في دائرته وفي محيطه على قاعدة راسخة ن الاحترام المتبادل على أساس متين من التصور الإسلامي عقيدة وثقافة وحضارة . و للوقوف على حقيقة الوجود الإسلامي في أوروبا في بعده التاريخي وكيفية الاستجابة لمتطلبات الواقع الراهن بمختلف إشكالته ومراحله ، وتحليل وتشخيص مشكلاته توصلت الأقلية المسلمة إلى تقديم تصور عن التوجهات والبدائل المستقبلية بعين فاحصة وعقل مدبّر، و انطلاقا من هذا الغرض وتحقيقا لهذا الهدف ينتظم المخيم الأوروبي الثامن بهولندا تحت عنوان "المسلمون في الغرب بين الواقع والطموح"بمشاركة وفود أروبية لتتبادل الخبرات والتجارب فيما بينها في مسعى لإكساب جملة من المهارات والآليات والوسائل اللازمة للفعل والإنجاز حتى توفر لها الإمكانات القانونية والمادية والاجتماعية والسياسية في هذا الوطن , ضمن برنامج متنوع, من ندوات وورشات عمل مفتوحة لمناقشة بعض الملفات علاوة على الفقرات التربوية والثقافية والترفيهية المتعددة.. وينظم هذا الملتقى المركز الثقافي الاجتماعي بهولندا بالتعاون مع اتحاد المنظمات الإسلامية بهولندا والرابطة الإسلامية ببلجيكا برعاية اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا أواسط شهر "يوليوا" القادم بمدينة "اندهوفن" جنوبهولندا بمشاركة مفكرين وعلماء ومربين و شيوخ أفاضل من هولندا وارويا والعالم الإسلامي .