أكد مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير أن سياسة الحصار على غزة «فشلت، ولم تنتج سوى حياة بائسة للفلسطينيين وآلام للإسرائيليين». ودعا إلى «استراتيجية مختلفة» في التعامل مع القطاع بهدف «تغيير الوضع في الميدان وعزل المتطرفين من خلال مساعدة السكان الفقراء»، مشدداً على «صعوبة إجراء مفاوضات السلام من دون تغيير المعطيات في الميدان، خصوصاً أن المنطقة تسابق عقارب الساعة». وقال بلير أمام اجتماع لجنة عمل الشرق الأوسط في البرلمان الأوروبي، إن الوضع «يزداد صعوبة أكثر فأكثر» منذ توليه مهمة تمثيل الرباعية. وأضاف أن «الصراع يجري بين عنصرين، أحدهما معتدل يراهن على التحول الاقتصادي للدخول إلى مرحلة الحداثة في القرن الحادي والعشرين، فيما العنصر الآخر غير معتدل ولا تعنيه الحداثة». وأشار إلى أن الأزمة «تتجاوز حدود النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، لذلك فإن حلّها يكتسب أهمية أساسية، ليس للجانبين فقط وإنما للمنطقة بأكملها». وشارك في الاجتماع، الذي دعا إلى عقده كل من مفوّضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بينتا فيريرو فالدنر ورئيس البرلمان هانز غيرت بوتيرنغ، وزير خارجية النروج جوناس غاهر ستور بصفته رئيساً للجنة الدول المانحة ووزير الشؤون الأوروبية الفرنسي جان بيير جويي الذي تترأس بلاده الدورة المقبلة للاتحاد في النصف الثاني من هذا العام، وممثلون لمختلف المجموعات السياسية في البرلمان. وبدا حديث بلير أكاديمياً غير متفائل. وقال إن المنطقة «في سباق مع عقارب الساعة، لأن الوضع لا يطاق والأمر عاجل لأسباب تتجاوز الإسرائيليين والفلسطينيين». وأوضح أن «لا وجود لخلاف بين المعتدلين من الجانبين، وكليهما يتحدث اللغة نفسها تقريباً، بل إن الغالبية من الجانبين تساند حل الدولتين. لكن المشكلة تكمن في انعدام إيمانها بأن حل الدولتين سيتحقق في الميدان». واعتبر أن «المعتدلين في الجانب الفلسطيني عجزوا عن فرض خيارهم ولم يتجاوز الرئيس (الفلسطيني محمود) عباس سقف الصدقية». وقال إن «المنطقة تقترب من منعطف، ويجب تغيير الوضع في الميدان من خلال تنفيذ مشاريع البنية التحتية وتعزيز قدرات الأمن الفلسطيني». وأشار إلى أن «برلين ستحتضن مؤتمراً في أيار (مايو) المقبل يركز على دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وننتظر إسراع وتيرة المعونات المالية لإحداث زخم لعملية السلام في الفترة المقبلة. وستكون زيارة الرئيس جورج بوش في أيار (مايو) المقبل إلى المنطقة بمثابة الحافز الدولي الكبير لدفع عملية السلام». وتعرضت الديبلوماسية الدولية، لا سيما اللجنة الرباعية، إلى انتقادات من ممثلي المجموعات السياسة في البرلمان الأوروبي. ففي وقت طالب الرئيس بوتيرنغ بأن «يسلك الاتحاد الأوروبي سياسة واضحة تجاه الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وأن يحترم كلاهما التعهدات التي قطعها في مؤتمر أنابوليس وأن يلتزم احترام حقوق السكان المدنيين والقانون الدولي»، حمّل ممثل المجموعة الاشتراكية الأطراف الدولية مسؤولية تدهور الوضع «لأننا لم نتحدث إلى ذوي النيات الحسنة في صفوف حماس». وشدد اليكس سوبودا على وجوب التدقيق في اتفاق اليمن بين حركتي «فتح» و «حماس» حتى لا تتكرر أخطاء إفشال اتفاق مكة «وعلى الاتحاد الأوروبي مساعدة الفلسطينيين للخروج من المأزق». وشددت ممثلة نواب اليسار لويزا مورغانتيني في كلمة وجهتها إلى بلير، على وجوب «النظر إلى معاناة السكان الفلسطينيين بسبب الجدار والمستوطنات والحواجز وانتهاك السيادة الفلسطينية من قبل القوات الاسرائيلية لأنها تهدد سلطة رئيس الوزراء سلام فياض والرئيس عباس». ودعا رئيس لجنة التنمية الرئيس السابق للبرلمان جوزيب بوريل إلى «رفع الحصار عن غزة وتشجيع الحوار بين فتح وحماس». وتساءل: «إذا كنت أعيش في القطاع المحاصر، فماذا سيكون رد فعلي؟ (...) إن كل ما تفعله اسرائيل يثبت رفضها القانون الدولي». وطالب وزير خارجية النروج ب «وجوب إبقاء الطرفين تحت النظر، لأن هناك سخرية كبيرة في هذه المسيرة». وشدد على أهمية التزام إسرائيل بتعهدات وقف الاستيطان وأن «يلمس الفلسطينيون التحسن في الميدان، خصوصاً أن فياض يقوم بجهود كبيرة ويحتاج إلى مساعدة نشطة». ورأى أن المنطقة «تفتقد المحرك الديموقراطي، والمجموعات الارهابية لغّمت الشرعية الفلسطينية». وتساءل عن جدوى ديبلوماسية دولية رفضت الاعتراف بإفرازات صناديق الاقتراع الفلسطينية. وقال: «ألا تمثل حماس جزءاً من الواقع الفلسطيني؟ لماذا تم إفشال حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق مكة العام الماضي؟». وزاد أن «الصلح الفلسطيني - الفلسطيني أساسي، لأنه يؤثر مباشرة في المفاوضات مع إسرائيل». ورأى وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي أن سياسة إسرائيل «تقوي المتشددين في الساحة الفلسطينية». وقال إن على الدولة العبرية أن تبادر بخطوات في الميدان «من خلال وقف الاستيطان واحترام التزاماتها وفق خريطة الطريق واحترام القانون الدولي»، ومن دون فعل ذلك «فإنها تساهم في تعزيز قوة المتطرفين». ووعد بأن تبذل بلاده كل ما في وسعها لدعم الدور الأوروبي في المنطقة خلال توليها رئاسة الاتحاد في النصف الثاني من هذا العام. وعرض بعض النقاط التي قد تشكل جدول أعمال الديبلوماسية الأوروبية، وأثار مسائل «الاعتراف بالدولة الفلسطينية وطبيعتها وحدودها». وقال: «عندما نرى توسع المستوطنات في القدس وضواحيها نعتقد أن قيام الدولة الفلسطينية لن يتحقق». وأثار أيضاً «مسألة نشر قوات دولية في المنطقة، وإنهاء الاحتلال، والدور الأوروبي في ضمان الترتيبات الأمنية بعد بلوغ الحل السلمي». وتقترح فرنسا حل مشكلة القدس من خلال «أن تكون مدينة الديانات الثلاث وعاصمة لدولتين» فلسطينية وإسرائيلية. وأكد جويي دعم فرنسا مقترح روسيا عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط في موسكو. وحذّر ممثل المفوضية الأوروبية في الاجتماع من تدهور الوضع المعيشي للسكان. وذكر بأن «تقريراً للبنك الدولي بعد وعود قطعتها الدول المانحة في مؤتمر باريس أفاد أن التنمية لا تتحقق عكس توقعات المؤتمر». وزاد أن 80 في المئة من المعونات الأوروبية ينفق في مجال دعم الموازنة، فيما تستثمر السلطة 20 في المئة فقط لأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية. بروكسيل - نورالدين الفريضي الحياة - 27/03/08