تسلّم أوراق اعتماد سفيرين    دعوة الدول الصناعية إلى الإيفاء بالتزاماتها    بن عروس: حجز طن من اللحوم البيضاء تعمد صاحبها الترفيع في أسعار البيع    إنجاز طبي لافت في المستشفى الجامعي الرابطة    نواب بمجلس الجهات والأقاليم يعبّرون عن تضامنهم مع نواب البرلمان "لما يتعرضون له من حملات ممنهجة"    اختتام مشروع "تراث" للكشافة التونسية: 25 ألف مشارك من الشباب استفادوا من هذا المشروع (مديرة المشروع)    وزير الخارجية يؤكد في نيويورك دعم تونس لجهود منظمة التعاون الإسلامي من أجل تحسين أوضاع المسلمين في أوروبا والإحاطة بهم    بطولة قطر - يوسف المساكني هداف مع العربي امام الريان    عاجل: لجنة التحاليل المالية بصدد إعداد قائمة ثانية في التمويلات المشبوهة لذوات معنوية وأشخاص    البنك الأوروبي لإعادة التعمير يتوقع أن يظل النمو في تونس عند 1.2 بالمائة    تونس تتّجه نحو تحيين التشريعات المتعلقة بتربية الكلاب والحيوانات الخطرة    رئيس الجمهورية يستقبل سفير مصر بتونس بمناسبة انتهاء مهامه    طقس الليلة.. بعض السحب بأغلب الجهات وضباب خفيف محلي    رئاسية 2024: توجيه 5 إشعارات للتنبيه بمخالفات في ولاية تونس    ندوة علمية بجرجيس حول التنوع البيولوجي في خليج قابس وصيد الاسفنج    الرابطة الاولى.. الملعب التونسي ينتصر على نجم المتلوي    عاجل/ الجزائر تفرض تأشيرة دخول على المغاربة    بولت تنظم لقاء تشبيك يهدف لتعزيز الشراكات مع الشركات في تونس    قبلّي: حجز كمّيات من البطاطا وتحرير محاضر من أجل الزيادة في أسعارها    عاجل : العالم سيرى قمرين بسماء واحدة    السجن مع المنع من دخول الملاعب لمشجّع أهان لاعبا في اسبانيا    المصنّع الإيطالي '' زوباس للصناعات '' يختار تونس لافتتاح وحدته الأولى في إفريقيا    الكاف يكشف عن تفاصيل منافسات "الشان"    عاجل - يهم التونسيين : جملة من الاجراءات لتخطي أزمة قطاع الدواجن    ديوان البحرية يدرس مشروع ربط السفن التجارية بالشبكة الكهربائية بميناء حلق الوادي للحد من الانبعاثات الغازية    حيّ هلال: القبض على شخص ''نطر'' هاتف تلميذ    مدير عام الحي الوطني الرياضي يكشف عن حقيقة غلق ملعب رادس    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    المنتدى المتوسطي للقضاء على الكربون: تونس ترسخ مسار التنمية المستدامة    معرض الرياض الدولي للكتاب ينطلق اليوم ودور نشر تونسية في الموعد    الزهروني القبض على نفر محل 43 منشور تفتيش ومحكوم ب 109 سنة سجن    اهلي طرابلس الليبي ينهي التعاقد بالتراضي مع التونس شكري الخطوي    تونس: إنخفاض في أسعار تلقيح ''القريب''    حمة الهمامي يصدر كتابا جديدا من تقديم ميلانشون    الطريق السريعة تونس-حلق الوادي: إصابة 7 ركاب في انقلاب سيارة نقل جماعي..#خبر_عاجل    لسبب غريب: إعدام 125 تمساحًا    حي هلال/ القبض على مرتكب عملية السرقة بالنطر لتلميذ بمحيط مدرسة إعدادية..    مدير عام وكالة الدواء: سحب كميات من المضاد الحيوي "Augmentin" اجراء احتياطي ومتبع في كل دول    العمران الاحتفاظ بنفرين أحدهما محل تفتيش من أجل ترويج المخدرات    النادي الإفريقي: إعلان فتح باب تجديد نشاط خلايا الأحباء    بالأرقام: قيمة صادرات الأدوية في تونس    ايداع المتهم بالسطو على فرع بنكي في الوردية السجن..#خبر_عاجل    انخفاض أسعار النفط وسط احتمال عودة النفط الليبي    نظارات الواقع المعزز...مؤسس الفايسبوك يعلن عن تكنولوجيا المستقبل !    وزير الشباب والرياضة يؤدّي زيارة معاينة لملعب الشاذلي زويتن.    بايدن وماكرون يطالبان إسرائيل ولبنان بتلبية الدعوة الدولية لوقف إطلاق النار    سليانة: انزلاق حافلة على متنها 25 تلميذا وتلميذة    الجزائر تسلم الرباط 39 مغربيا    المركب الثقافي بالمنستير والموسم الثقافي الجديد...استعدادات ثقافية وفنية بعد موسم حافل بمحطات وأنشطة كبرى    من منظور ميكيافيلي..حقائق مظلمة عن النفس البشرية!...    حكايات من الزمن الجميل...الفنانة زهرة العلا.. زهرة التمثيل الفيحاء !    الفنانة التشكيلية المقيمة بفرنسا ماريا كرمادي .. تجربة فنية متعددة العناوين والأمكنة !    أولا وأخيرا .. «يا بابح يا بابح»    الولايات المتحدة تمول مبادرة شبابية لإكتشاف التراث الثقافي في القصرين    رسمي: انخفض ب 10 دنانير...هذا سعر تلقيح ''القريب''    التيكتوكوز ''وحش الكون'' وبناتها في قبضة الامن    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    كسوف حلقي للشمس يوم 2 أكتوبر 2024 : هل سيشاهده التونسيون ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليارات لتصفية المقاومة :عبد الباري عطوان
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 12 - 2007

وعدت الجهات المانحة التي شاركت في اجتماع باريس يوم امس بتقديم مساعدات مالية الي السلطة الفلسطينية يصل مجمل قيمتها الي سبعة مليارات ونصف المليار دولار، اي اكثر بملياري دولار من مطالبها في طفرة كرم حاتمية تثير العديد من الشكوك وعلامات الاستفهام حولها، والثمن الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني مقابل ذلك
.
لا اعتراض علي تقديم اموال الي سلطة الرئيس محمود عباس في رام الله، شريطه ان لا تكون عبارة عن رشوة للتنازل عن بعض الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني او مقدمة لاجتياح الدبابات الاسرائيلية لقطاع غزة وارتكاب مجازر جديدة تحت ذريعة انهاء دولة حماس او وقف اطلاق الصواريخ علي بلدة سديروت.
اسرائيل ستكون المستفيد الاكبر من هذه الاموال سواء بشكل مباشر او غير مباشر. فهي تسيطر عملياً علي الضفة الغربية وتحاصر قطاع غزة. وتشكل المنطقتان سوقا خصبة لبضائعها ومنتوجاتها الصناعية، وأي ازدهار اقتصادي فيهما يعني التوسع في الاستهلاك والمزيد من الاستيراد لهذه المنتوجات.
مضافاً الي ذلك ان الدول المانحة تعفي الدولة الاسرائيلية من واجباتها القانونية باعتبارها دولة محتلة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن السكان والمناطق الخاضعة لاحتلالها بمقتضي معاهدة جنيف الرابعة بشأن اسري الحرب، بما في ذلك توفير الخدمات والأمن والوظائف.
المساعدات المالية هذه ستذهب الي الرئيس عباس ولتمويل خطة وضعها رئيس وزرائه سلام فياض الذي جاء لفترة مؤقتة واستثنائية وتحول الي رئيس وزراء دائم، بل اكثر قوة ونفوذاً من رئيس السلطة بحكم علاقاته الوثيقة مع الادارة الامريكية والدول الاوروبية، والمؤسسات المالية الدولية.
خطة السيد فياض التي تقدم بها الي مؤتمر الدول المانحة، وحملت عنوان التنمية والاصلاح تهدف الي تحقيق اربعة اهداف رئيسية، هي الحكم الرشيد، التنمية الاجتماعية (الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية)، دعم القطاع الخاص، واعادة بناء البني التحتية للاقتصاد الفلسطيني.
الحكم الرشيد يعني اقامة دولة المؤسسات علي اسس ديموقراطية، وتوسيع دائرة المشاركة في السلطة، ولا نعتقد ان ما تمارسه حكومة رام الله يجسد هذه الطموحات. فالسيد فياض تحول الي مؤسسة في حد ذاته رغم انه يمثل كتلة من عضوين من مجموع مئة وخمسة ثلاثين عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني، وحكومته لم تقر من هذا المجلس ولا اي مؤسسة شرعية فلسطينية اخري غير الرئيس عباس والادارة الامريكية، اذا اعتبرنا الاخيرة كذلك.
وكيف يكون هذا الحكم رشيدا وهو يتجاهل بالكامل قطاع غزة الذي يمثل ثلث مجموع ابناء الداخل، ويشير الي هؤلاء في خطته هذه علي انهم غزيون بينما يشير الي ابناء الضفة الغربية كمواطنين فلسطينيين، في تفرقة غير مسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني وتاريخه النضالي؟
في جميع دول العالم تقطع الحكومة رواتب الموظفين الذين يتغيبون او يضربون عن العمل، الا حكومة السيد فياض التي تفعل عكس ذلك تماما، فهي تدفع الرواتب للموظفين الذين يجلسون في بيوتهم ولا يلتحقون بوظائفهم في دوائر السلطة في قطاع غزة. واي موظف يذهب الي مقر عمله، او يطلق لحيته تبادر هذه الحكومة الي قطع راتبه فورا، حتي لو كان من ابناء تنظيم فتح . فأين الحكم الرشيد من هذه الممارسات؟
ومن المفارقة ان خطة السيد فياض طلبت من الدول المانحة رصد مبلغ مقداره 400 مليون دولار لبرامج الحكم الرشيد هذا مقابل 500 مليون دولار للبرامج الاجتماعية مثل التعليم والصحة والخدمات الاساسية.
وحتي لو افترضنا ان هذه الرشوة المالية الكبري غير ملغومة ، وخالية من اي شروط، فكيف ستعطي ثمارها في اخراج الاقتصاد الفلسطيني من كبوته الحالية في ظل القيود التي تفرضها السلطة الفلسطينية علي الفلسطينيين وتحركاتهم في الضفة الغربية، مثل وجود 500 حاجز، ومئة وثلاثين مستوطنة غير شرعية ، عدا المستوطنات الاخري الشرعية التي اقيمت بإذن من الحكومة الاسرائيلية؟
الاموال هذه ستكون من نصيب فئة محدودة جدا من حيتان القطاع الخاص، وبعض الملتفين حول مكتب الرئيس عباس، والمنتفعين من سلطته، اما باقي افراد الشعب الفلسطيني فلن تتغير اوضاعهم لان ما سيبقي لهم هو الفتات فقط.
هذه الاموال مخصصة نظريا للضفة والقطاع، وسمعنا السيد عباس يتحدث بتأثر شديد عن حصار القطاع، وكادت الآنسة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية تبكي بحرقة اثناء خطابها في المؤتمر وهي تتحدث عن معاناة ابنائه، ولكن لم يقل لنا اي منهما كيف سيتعامل مع الوضع الحالي في هذا القطاع، وكيف ستصل اليه الاموال في ظل حكومة حركة حماس المرفوضة امريكيا واسرائيليا وعباسيا؟
هناك سيناريوهان للخروج من المأزق الحالي الذي اسمه قطاع غزة، الاول ان يجري حوار بين سلطة السيد عباس وسلطة السيد اسماعيل هنية في غزة يقود الي اتفاق مصالحة، واعادة اللحمة بين المناطق المحتلة مجددا تحت حكومة وحدة وطنية قوية، والثاني هو اجتياح اسرائيلي يعتقد مهندسه ايهود باراك انه سيتمكن من خلاله من القضاء علي حماس وفصائل المقاومة الاخري، واعادة القطاع الي سلطة رام الله علي طبق من الدماء.
السيناريو الاول اي العودة الي الحوار مستبعد تماما، لان اسرائيل خيرت عباس بين الحوار معها او حماس ، فاختار الاول، وأدار ظهره للثاني تماما، ووضع بيضه في سلة مؤتمر انابوليس والمفاوضات التي ستنبثق عنه علي امل الوصول الي الدولة الفلسطينية التي يريدها، وايا كان شكلها وصورتها. ولذلك فان سيناريو الاجتياح هو الارجح، وقد هدد باراك امس بانه سينهي مسألة اطلاق الصواريخ من قطاع غزة بشكل نهائي.
الاربعون مليارا التي حصلت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة بعد اتفاقات كامب ديفيد بمعدل ملياري دولار سنويا كانت ثمنا لعزل مصر، وفك ارتباطها العسكري بالقضية الفلسطينية، والمليارات التي سيحصل عليها الرئيس عباس ورئيس وزرائه سلام فياض هي مقابل التخلي عن حق العودة ومعظم اراضي القدس المحتلة، والقبول بالمستوطنات الاسرائيلية الكبري التي تحيط بها.
نضع ايدينا علي قلوبنا، لان ما يجري حاليا هو في اطار اتفاقات سرية، وتطبيق لدراسات مفصلة اعدت مسبقا بتمويل غربي للتمهيد لحل الدولتين، احدثها اعدتها مؤسسة (AIX) التي تتحدث بالتفصيل الممل عن كيفية تطبيق هذه الاتفاقات علي الارض، اعدها فريقان احدهما اسرائيلي برئاسة البروفسور ايري ارنون من جامعة بن غوريون، والآخر فلسطيني برئاسة صائب بامية وكيل وزارة الاقتصاد في السلطة الفلسطينية، وبرعاية البروفسور جلبرت بن حيون من جامعة بول شيزان، وموّلت المجموعة وزارة الخارجية الفرنسية.
تقرير المجموعة تحت ايدينا، ويتضمن تفاصيل مرعبة عن الغاء حق العودة باعتباره غير عملي، ويرصد ثمانين مليار دولار لتوطين وتعويض اللاجئين.
مرة اخري نقول انه كرم امريكي اوروبي ملغوم ان لم يكن مسموما، قد يكون عربونا علي ثمن التنازل مقدما عن ما تبقي من فلسطين والثوابت الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.