من المعلوم ان العمل الخيري هو كل عمل ينفع الآخرين، وهو قيمة إنسانية كبرى تتمثل في العطاء والبذل بكل أشكاله، وهو سلوك حضاري حي, كتعليم العلم ، والمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي ويتضمن أعمال الإغاثة بشتى أنواعها التي يشمل أثرها شرائح كثيرة من المجتمع وقد أكدت عليه ودعت إليه العديد من النصوص الشرعية ، من مثل قول الله عز وجل : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الحج77)، فكما أن المسلم مطالب بالركوع والسجود والعبادة لله , فهو مُطالَب كذلك بفعل الخير الذي يصل نفعه للغير ، بدءاً من إدخال السرور إلى نفوسهم وانتهاءً بتفريج كربهم وقضاء حوائجهم. ويعتبر العمل الخيري جزء من عقيدة الأمة ، ولا يمكن للأمم أو الدول او المؤسسات أو الأفراد أن يهمشوا هذا العمل الجليل أو يستغنوا عنه او ينقصوا من اهميته . ولقد شرفت بالعمل في المجال الخيري خلال هذه السنوات وتيسر لنا التواصل بالعديد من الهيئات الخيرية الأهلية والدولية ولمسنا تجاوبا وترحيبا كبيرا بالعاملين في هذا المجال فتسهل لهم كل الإجرءات وتفتح لهم الأبواب وهم محل ترحيب أينما حلوا , وعادة ما يتم تكريمهم من المسؤلين تقديرا لتضحياتهم و جهودهم الخيرة , وقد تعلمنا من العمل الخيري الكثير خاصة خلال تنفيذ بعض المشاريع التي تدعم الفقراء والأيتام وتساعد المرضى و ذوي الاحتياجات الخاصة وتدعم الأسر الفقيرة وترعى الشباب وتهدف إلى تأهيل الأحداث ، حيث يتجرد الفرد من الاعتبارات الحزبية الضيقة إلى بعده الإنساني بقطع النظر عن اللون أو الجنس أو الديانة لأن للنفس البشرية ميلا فطريا لحب الخير لا يحده زمان ولا مكان ولا جنس ولا دين منذ بداية الإنسانية إلى يوم الناس هذا. و لان حب الوطن من الايمان، فعلى ترابه ولدنا، وفي أكنافه ترعرعنا، ومن ثماره تغذينا، وفيه تعلمنا، فلا شيء يشغلنا عن وطاننا، وكلنا رغبة في خدمة بلادنا , خاصة إن جميع المجتمعات مهما كان درجة ثرائها وتطورها تعاني من مشكلة الفقر, ولا تخلو تونس من الفقراء و المحتاجين والمعوزين وهم في حاجة ماسة لمن يقدم لهم العون ويسد حاجتهم , فهل تتاح للقائمين على العمل الخيري داخل المجتمع التونسي وخارجه الفرصة للمساهمة في القيام بدور ايجابي مع الجهات الرسمية و المؤسسات الدولية والأهلية في أوروبة والعالم الإسلامي التي تربطنا بهم علاقات طيبة لرعاية العمل الخيري في تونس حيث تعود ثماره على الفئات المحتاجة في المجتمع , وهوهدف تتلاقى من أجله الأيدي المخلصة والنوايا الحسنة ، فنمارس من خلاله دورنا الطبيعي في رقي بلدنا وتقدمها ضمن قوانين وقواعد واضحة تضبط العمل الخيري وبرامجه المتنوعة، بعيدا عن السياسة لان الخلط بينهما غير محمود وغير مقبول وطبيعة العمل الإغاثي عمل إنساني فطري ثابت اما السياسة فمتغيرة دائما فلا يصح الدمج بينهما في كل الأحوال. كلنا امل ان تجد هذه الرغبة الجادة الصادقة قبولا في بلادنا بتقديم الدعم المعنوي للمهتمين بالعمل الإغاثي التطوعي إفادة واستفادة وخدمة لتونس التي لا ينقصها الأُطر الإدارية والتنظيمية من ذوي الخبرات والمهارات من الرجال والنساء القادرين على التفاعل بقوة واقتدار في شأن العمل الخيري لما ينعم به المجتمع التونسي بمستويات متقدمة من الثقافة والوعي والمسؤولية..