تونس تحتضن إجتماع الشبكة الإقليمية لمسؤولي وحدات الأوزون للدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية من 7 إلى غاية 9 أكتوبر الجاري    هام/ إرتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 58 بالمائة إلى غاية 30 سبتمبر 2024..    تقرير دولي يؤكد استدامة الدين الخارجي لتونس    عاجل/ فقدان الاتصال مع الزعيم المحتمل لحزب الله هاشم صفي الدين منذ يوم أمس..    بورتريه: حسن نصر الله.. القائد والمعلم    ثنائي مستقبل قابس يعزز صفوف منتخبي جبل طارق والبينين    هذا تصنيف الفرق المتأهلة الى مجموعات كأس الكونفدرالية الإفريقية    الليغا: ريال مدريد محروم من خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الليلة    القبض على عصابة ترويج المخدرات بمحيط المعاهد الثانوية..    توقيع وتسليم اذون انطلاق انجاز الأشغال المتعلقة بالدفعة الثالثة لمشاريع الانتاج الذاتي للكهرباء    الشركات التونسية تكثف جهودها للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة    المهدية: توزيع المواد الانتخابيّة على مراكز الاقتراع    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 05 أكتوبر    عاجل/ المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف بحق 6 أشخاص..وهذه جنسياتهم..    عاجل/ مجمع الوظيفة العمومية يدعو الى تنظيم تجمع وطني بساحة القصبة وهذا موعده..    الصمت الإنتخابي    تطاوين: امطار خريفية هامة استبشر بها الفلاحون خاصة بتزامنها مع موسم البذر الجديد    المنتخب الوطني للكرة الطائرة يخوض تربصا بتركيا .. و4 مباريات ودية في البرنامج    هام/ بلغ أقصاها 39 ملم ..كميات الأمطار المسجلة خلال الساعات الأخيرة..    القصرين : تقدم موسم جني صابة الطماطم الفصلية المتأخرة بالجهة بنسبة 50 بالمائة    عاجل/ لجنة مجابهة الكوارث تتدخّل لشفط مياه الأمطار من المنازل بهذه الولاية..    الطقس اليوم/ أمطار رعدية بهذه الجهات..    تاجروين: إيقاف موظفين بشبهة فساد واختلاس من إحدي الجمعيات المالية    اليوم: أمطار غزيرة بهذه الجهات    جندوبة لقاءات بين السلط الجهوية و ممثلي المنظمات الوطنية لدفع التنمية و التشاركية    نفيسة بنت محمد العش ارملة المرحوم عامر بالحاج في ذمة الله    نسبة تقدم انجاز الطريق الرابطة بين جربة وجرجيس بلغت 67 بالمائة    استشهاد قيادي في حماس و 3 من أفراد أسرته في غارة اسرائيلية    هاريس تلتقي ممثلين للأمريكيين من أصول عربية بميشيغان لإقناعهم بالتصويت لصالحها    جيش الاحتلال: مؤشرات متزايدة على استشهاد هاشم صفي الدين    ترامب لإسرائيل: اضربوا منشآت إيران النووية    تتويج للسينما التونسية في مهرجان نامور للفيلم الفرنكوفوني ببلجيكا    سيدي بوزيد: افتتاح مركز الصحة الأساسية بالرقاب    الممثلة وجيهة الجندوبي ل«الشروق»...مسرحيّتي الجديدة اجتماعية بطابع سياسي    خاص...بمناسبة احتفال النادي الافريقي بمرور 104 سنوات على تأسيسه ..الأوركسترا السمفوني بمقرين يقدّم «سمفونية النادي الإفريقي»    أولا وأخيرا... لا عدد لدول العرب !    كيف تنجح في حياتك ؟..30 نصيحة ستغير حياتك للأفضل !    متابعة صيانة المعالم الثقافية    "الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية يُعرض في مهرجان الفرنكوفونية بباريس    سيدي بوزيد ..إصابة طفل ال 3 سنوات بجرثومة الشيغيلا    وزير الخارجية الإيراني يحدد شرطين وضعتهما إيران لإبرام هدنة بين إسرائيل وحزب الله    بالفيديو: الشركة التونسية للصناعات الصيدلية تعلن استئناف نشاطها    الدورة الأولى للمنتدى التونسي للبيولوجيا الطبية تناقش استعمال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لتطوير المهنة    خلال التسعة أشهر الأولى : ارتفاع لحركة عبور المجال الجوّي التونسي    المكنين: الإحتفاظ بمروّج مخدّرات وحجز كمية من المواد المخدّرة مخفية داخل عدّاد استهلاك الكهرباء    اتحاد الشغل يدعو للمشاركة بكثافة في مسيرة 7 أكتوبر    الفيلم التونسي '' الرجل الذي باع ظهره '' يُعرض في مهرجان الفرنكوفونية بباريس    البنزرتي: طرحت فكرة تجنيس مهاجم الترجي الرياضي رودريغو رودريغاز على رئيس لجنة التسوية للجامعة    بن قردان حادث مرور يسفر عن قتيل    الاحتياطي من العملة الصعبة يتراجع إلى ما يعادل 114 يوم توريد    الترجي الرياضي:الفيفا يعلن فترة انتقالات استثنائية للأندية المشاركة بكأس العالم للأندية 2025    عاجل - تونس : تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بالأوساط التربوية    طقس الجمعة: أمطار منتظرة بهده المناطق وانخفاض في درجات الحرارة    خطبة جمعة..مكانة المسنين في الإسلام    مفتي الجمهورية: يوم الجمعة (4 أكتوبر الجاري) مفتتح شهر ربيع الثاني 1446 ه    محمود الجمني رئيسا للجنة تحكيم مهرجان نواكشوط السينمائي في نسخته الثانية    عروض سينمائية ومعارض فنية وورشات في الدورة الخامسة من مهرجان سينما للفنون    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجارة المراكز الطبية : راسم عبيدات
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 03 - 2010

في عالم الرأسمال كل شيء يجري خصخصته،ويصبح كل شيء قابل للبيع والشراء،بدء من التعليم وانتهاء بصحة الإنسان وحتى الإنسان نفسه، ويبدو أن الاحتلال بدلاً من أن يقلص مساحة سيطرته على شعبنا الفلسطيني،فهو يشدد ويحكم من هذه السيطرة،فعدا أن الاحتلال يدمر قطاعنا الصحي من خلال وضع الكثير من القيود والموانع على إقامة مؤسسات ومستشفيات ومراكز طبية فلسطينية،فهو يحول الكثير من أطباء شعبنا الى مقاولين لمؤسساته ومراكزه الطبية،كما أن الجهد المبذول فلسطينياً وعربياً للنهوض بهذا القطاع دون المستوى المطلوب، كل ذلك مهد لأن تصبح هناك تجارة رائجة هي تجارة المراكز الطبية لصناديق المرضى بمختلف أشكالها ومسمياتها ( كلاليت ،ميوحيدت ولئومي وغيرها)، والتسابق والتنافس بين هذه المراكز ليس قائم على تقديم الخدمة الأفضل للمريض،بل الربح أولاً، ومن خلال استقطاب اكبر عدد ممكن من الناس لهذا المركز الطبي أو ذاك،عبر شبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية،أو عبر تقديم إغراءات ومحفزات عينية ومادية ومعنوية،وهناك مسوقين لهذه المراكز الصحية،بقدر ما يحضر زبائن،يتلقى مردود مادي مقابل ذلك،وحتى في الإطار التسويقي يجري استخدام طرق وأساليب غير شريفة،حتى وصل الأمر في العديد من الأحيان،أن تم سرقة أو ترحيل أعضاء من هذا المركز الطبي أو ذاك الى مراكز طبية أخرى دون علمهم ومعرفتهم،وكان السبب الأول والمباشر لذلك هو الجشع والطمع المادي،حيث أن إدارات تلك المراكز تدفع لمشغلي تلك المراكز على "الرأس"،وبذلك كل مركز طبي معني باستقدام أكبر عدد من المرضى حتى يحقق أكبر دخل أو عائد مادي،وهذه التجارة استقطبت عدد من أصحاب رؤوس الأموال،وبدؤوا في استثمار أموالهم في مثل هذه المراكز،تماماً كما هو الحال في خصخصة التعليم الثانوي الحكومي في القدس،حيث أقيمت مدارس المقاولات الخاصة،والتي تتقاضى مبلغ مقطوع عن كل طالب من البلدية،وهذا الجانب فيه الكثير ما نقوله،حيث جرى في أكثر من مرة تسجيل أسماء لطلبة على أنهم جزء من ملاك مدارس المقاولات تلك،في حين هم مسجلين على ملاك مدارس أخرى،وخصخصة التعليم تلك، شكلت ضربة مؤلمة للتعليم الحكومي في القدس،والذي أوضاعه كارثية بالأساس،وكيف بالحال بعد عملية الخصخصة وغياب الرقابة والمساءلة والمتابعة، والمسألة لم تعد قصراً على التجارة وتحقيق المنفعة من خلال المركز نفسه،بل تمتد إلى إقامة صيدليات مرتبطه بهذه المراكز،يوجه المريض الى صرف الوصفة الطبية من خلالها،ناهيك عن أن تلك المراكز وبقرار إسرائيلي لا توظف سوى الأطباء من حملة التراخيص الإسرائيلية،أما الأطباء من حملة تراخيص البورد الأردني أو الفلسطيني،فيحظر عليهم العمل في تلك المراكز،وفي اطار تلك المنافسة أيضاً،وضمن سياسة المحافظة على الزبائن واستمرار تحقيق الربح،في العديد من الأحيان يتم منح التقارير الطبية للغياب عن الوظيفة او العمل على الهاتف وبدون معاينة المريض.
والمأساة والغرابة هنا عندما يتحدث البعض عن قرب تحقيق استقلال اقتصادي،يضاف للاستقلال السياسي،ونحن نعرف أن الاحتلال يتحكم بكل مدخلات ومخرجات المجتمع الفلسطيني،فنحن لم نستطع وضع نصب تذكاري للشهيدة دلال المغربي في رام الله والتي لا تبعد عنها المقاطعة مئات الأمتار.
فأين هو الاستقلال الاقتصادي والسياسي الذي يتحدث عنه البعض؟، وكأن الحقائق والمعطيات على الأرض ليست كفيلة بجعلهم يغادرون هذا النهج وهذه العقلية وهذا التضليل؟.
وبالعودة إلى تجارة المراكز الطبية (صناديق المرضى)،والتي أضحت شكلاً من أشكال الاستثمار،حيث ترى في البلدة الواحدة أربع أو خمس مراكز طبية تابعة لصناديق مختلفة،تروج لخدماتها وتحاول استقطاب أكبر عدد من الناس لهذه المراكز،وفي العديد من الأحيان تكون عملية الاستقطاب على حساب جودة الخدمة المقدمة،فسيل الإغراءات المقدم للزبون من أجل التسجيل في هذا المركز،يبدأ بالتراجع شيئاً فشيئاً بعد تسجيل الزبون في المركز وضمان ثباته،أما إذا كان زبون دسم وقادر على الاستقطاب وجلب زبائن،فتقدم له الحوافز المادية والعينية،وتصبح في العديد من الأحيان طلباته مستجابة،حتى لا يتم خسارته هو والزبائن الآخرين الذين جلبهم للمركز الطبي،والمسألة أيضاً ليست قصراً على سرقة وإغراء الزبائن،بل يتم تقديم الإغراءات للأطباء الذين لهم اسم لامع في مهنة الطب وفي تخصص معين،من أجل مغادرة هذا المركز والعمل في مركز طبي آخر،وطبعاً بدل أجر مادي أعلى وربما التشارك في نسبة من الأرباح اذا كان للطبيب سمعته وشهرته.
والمسألة لم تعد قصراً على استغلال السوق المقدسي من قبل المؤسسات والمراكز الطبية الإسرائيلية،بل تجد أنه في ظل الأزمات المالية التي عاشتها وتعيشها المستشفيات والمراكز الطبية في القدس،يجري التعاقد معها من قبل تلك المراكز على الهامش وبأسعار أقل،بما يجري التعاقد معه مع المستشفيات الإسرائيلية،وسياسة الخصخصة تلك نتج عنها إغلاق الكثير من العيادات الخاصة،وأيضاً الهدر للأموال الفلسطينية،حيث أنك تجد في بعض القرى مركزين أو أكثر تابعة للمراكز الطبية الإسرائيلية في نفس الشارع والحي.
وهذه السياسة تنتج غياب الرقابة المهنية،ويصبح الهم الأساسي هو الربح،حيث تلجأ تلك المراكز الطبية الى توظيف مقاولين بأقل الأسعار،يقومون بالترويج لخدماتها،وفي كل المراكز الطبية بمختلف مسمياتها،ترى هناك تركيز على الطب العلاجي،وغياب للطب الوقائي من تثقيف وتوعية،فهذا النوع من الطب لا يحقق أرباح وغير مشمول في تجارة (الرأس) وغيرها.
ومن هنا نرى أنه يتوجب على نقابة الأطباء الفلسطينية،تفعيل دورها في مدينة القدس،ووضع خطط وآليات تحد من تأثير وسيطرة المراكز الطبية الإسرائيلية على الوضع الصحي في مدينة القدس،وأيضاً هذا ليس واجب نقابة الأطباء وحدها،بل وزارة الصحة الفلسطينية،والتي تتحمل مسؤولية مباشرة في هذا الجانب،فكما سيطرة وزارة المعارف الإسرائيلية على أغلب قطاع التعليم في القدس،حيث نشرت وعممت ثقافة التجهيل بين أبناء شعبنا،فهي تعمل على تدمير القطاع الصحي بالكامل،بحيث يتم ربط الإنسان الفلسطيني المقدسي صحياً بالكامل،مع المؤسسات والمراكز والمستشفيات الطبية الإسرائيلية.
وفي النهاية يبقى الإنسان الفلسطيني المقدسي المغلوب على أمره هو الضحية،حيث أن دعم صموده وبقاءه ووجوده،هي شعارات بلا رصيد،فلا وجوده ولا صحته ولا تعليميه من أولويات السلطة الفلسطينية في هذه المجالات.
القدس – فلسطين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.