لم يفاجأ أحد على الإطلاق في العالم بأسره بالجريمة البشعة التي ارتكبها الكيان الصهيوني باغتيال الشهيد محمود المبحوح، لأن هذا الكيان سبق له أن اغتال الشعب الفلسطيني بأكمله، ووضع بعض أبنائه في الأسر والبعض الآخر في المنفى . واغتيال قائد من قادة المقاومة ليس إلا استمراراً في سلسلة الاغتيالات التي رافقت الكيان الصهيوني منذ كان فكرة في رؤوس أصحابه، إلى أن أصبح كياناً عدوانياً يقوم على الحروب والاغتيالات . ومن أبرز الاغتيالات التي نفذها هذا الكيان في الأقطار العربية اغتيال غسان كنفاني ورفاقه في بيروت في وضح النهار، واغتيال “أبو أياد” و”أبو جهاد” في تونس . أما الاغتيالات في الأرض المحتلة فلا حصر لها، وتكفي الإشارة إلى اغتيال الشهيد المقعد الشيخ أحمد ياسين رضوان الله عليه . وبعد يوم واحد من اغتيال المبحوح، وقبل أن تتضح فضيحة الموساد أكثر فأكثر، التقيت أحد الباحثين الأجانب، وأردت أن أعرف منه مصدر الاغتيال بوصفه باحثاً أجنبياً فقال لي بالحرف: وهل هناك شك في المصدر، إنه جاهز الموساد مائة في المائة، فقلت له وما دليلك على ذلك؟ أجاب: ابحث عن المستفيد، ذلك ما يقوله المحققون . وهل هنا من مستفيد في عمل اجرامي كهذا غير تل أبيب، وما لا شك فيه أن كل إنسان في العالم على يقين أن يد الموساد وراء هذه الجريمة، وهي اليد الملطخة بدماء الفلسطينيين منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وربما حصل هذا الجهاز المرعب على مساعدات لتسهيل مهمته من جهات أخرى، لكنه هو المسؤول الأول عن التدبير والتنفيذ، وهو ما أكدته صحافة الكيان الصهيوني، التي تتباهى بمثل هذا الإنجاز الدموي . لقد نجح “الموساد” في اغتيال الشهيد المبحوح، لكنه الأكثر فشلاً في تاريخ هذا الجهاز القذر، إذ لم تمر سوى أيام قليلة حتى اتضحت أبعاد فضيحته المدوية، وأثبتت أن هذا الجهاز كالكيان الذي يسيّره تماماً، لا يتورعان في اتخاذ أي أفعال شنيعة لتحقيق أهدافهما الشريرة، ومطاردة المقاومين البارزين في القيادات الفلسطينية بأساليب تعود عليها بأسوأ العواقب، وآخر - وربما لم يكن آخر - ما تفتقت عنه الذهنية الصهيونية استخدام جوازات بأسماء اشخاص من جنسيات أوروبية موثوق بها، لتغطية مهمة مجرمي الموساد، وتمكينهم من اختراق أمن الدول العربية وغير العربية، من دون خوف من إحراج الدول التي يتم استخدام جوازاتها لمثل هذه الأفعال القذرة . ما يبعث على الحيرة في موضوع اغتيال الشهيد المبحوح، هو صمت الدول الكبرى، وعدم إدانتها لهذه الجريمة المرتبطة بفضيحة نادرة المثال للموساد، بفضل يقظة شرطة دبي، وحرص الأجهزة الأمنية في هذا البلد العربي على رصد المشبوهين ورصد تحركاتهم بالصوت والصورة، وهو ما لا يحدث في أي قطر عربي آخر . أخيراً، إنه من حسن حظنا وحظ البشرية جمعاء، أن الكيان الصهيوني كلما حاول أن يرمم صورته البشعة تجاه العالم، أو يخدع القابلين للخديعة، ارتكب ما هو كفيل بأن يجعل صورته القبيحة تزداد قبحاً وسوءاً، وذلك جزاء وفاقاً . الخليج:السبت ,27/02/2010