من المؤكد إن إسرائيل لم تكن مقتنعة أو واثقة تماما من صدق نوايا الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما وتعهداته في أكثر من مناسبة بالوقوف الى جانبها في السراء والضراء, رغم إن الرجل كان صادقا مئة بالمئة, وبانه سوف يبذل الغالي والنفيس أكثرمما فعل المجرم بوش الصغير نفسه من أجل الحفاظ على تفوّقها العسكري والسياسي والاقتصادي على العرب وجيرانهم, والصمت المطبق على كلّ جريمة ترتكبها في أي مكان وبأي سلاح طالما إنها تتصرّف وفق مبدأ"حق الدفاع عن النفس" الذي يخصّها هي وحدها فقط. وُيمنع على الآخرين أي حقّ آخر سوى الاستسلام والخضوع المطلق لها. وصحيح إن إسرائيل دولة عنصرية تقودها عصابات من القتلة المحترفين عسكريين أو مدنيين لا يمكنهم أن يسيطروا أو يكبحوا في دواخلهم غريزة القتل وسفك الدماء والتلذذ يرؤية الخراب والدمار في مدن وقرى الفلسطينيين أو العرب, لكن الصحيح أيضا إن إسرائيل, وبسبب علاقتها المصيرية مع أمّها الحنون جدا أمريكا, بحاجة الى إختبارأي رئيس جديد يضع قدمه في المكتب البيضاوي في واشنطن. فهي التي تُعبدالطريق, بالدولارات والاعلام والدعاية لكل مرشّح للرئاسة الأمريكية. والويل كل الويل لمن ينكر جميلها. وأستطيع القول جازما بأن جميع من يرشّحون أنفسهم للرئاسة الأمريكية يخشون إسرائيل واللوبي الصهيوني أكثر من خشيتهم من الشعب الأمريكي بكل طبقاته وفئاته وأطيافه الاجتماعية. ولا أذكرإن رئيسا أمريكيا قضى أربع أعوام في منصبه بسلام دون أن تقيم له إسرائيل "حفلة سمر" دموية مع العرب والفلسطينيين. وهاهي اليوم, بحملتها العسكرية العدوانية على غزة وجرائمها البشعة بحق الأبرياء, بدأت في تحضيرالطقوس الاحتفالية لتنصيب الرئيس الأمريكي الجديد باراك حسين أوباما. وهذه المرّة على الأشلاء المتناثرة في كلّ مكان لمئات الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى العزل من شعب غزّة. ولا ندري ما هو شعور وإحساس السيد باراك أوباما عندما ينظرفي عينيّ إبنتيه الصغيريتين كلّ يوم وهو يرى ويسمع ويقرأ إن العشرات من أمثالهنّ في غزّة الذبيحة, لم يرتكبن أي ذنب لا بحقّ إسرائيل ولا بحق أنبياء بني صهيون, تقطّع أوصالهنّ وتطحنهنّ الأسلحة الاسرائلية الأمريكية الصنع,الأف 16 والأباشتي تحديدا؟ لكن يبدو إن باراك أوباما"مؤدّب" أكثر من اللازم, فاختارالصمت المطبق رغم إن السكوت من الرضا خصوصاإذا تعلّق الأمر بالكيان الصهيوني. فهو لا يريد إزعاج أو التطاول على المجرم بوش الصغير لأن هذا الأخير ما زال في منصبه. وحتى يأتي يوم العشرين من يناير لكي يفتح باراك أوباما فمه ربما بنصف همسة عتاب يقولها للقتلة الصهاينة فان غزة سوف تغرق بدماء ودموع وأشلاء ساكنيها. أما أنظمة العار والخذلان والخزي العربية فلم يبقّ لديها شيئا تفعله, بعد أن فقدوا كلّ ماء وجوههم القبيحة وأصابهم الشلل والزهايمر سياسيا,غيرالهرولة بكامل لياقتهم ولباقتهم المعهودة الى مجلس الامن الدولي - الأمريكي, والبكاء والنواح والتوسّل على أعتابه كأنهم شحاذين ضاقت بهم السُبل. وإذا بامريكا, التي تجد متعة بالغة في إهانتهم وإذلالهم والسخرية منهم, تبصق في وجوههم بآخر فيتو"حقّ النقض" بقيَ في جعبة المجرم بوش الصعيرالذي أراد أن يضعه وساما آخرا ملطّخا بدماء آلاف الفلسطينيين على صدرالكيان الصهيوني القاتل. ومع كلّ هذه الجرائم البشعة والعمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل, وخلفها بطبيعة الحال إمبراطورية الشرالأمريكية, والتي لا تميّز بين بشرأو حجرأو شجر, فكلّ ما هو موجود على أرض فلسطين يُعتبر بالنسبة لها عدو لدود يجب إبادته عن بكرة أبيه. وهذه هي برقية التهاني"الخاصة جدا" التي أرسلتها دولة إسرائيل الفاشية الى الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بمناسبة دخوله الرسمي, بعد أقلّ من إسبوعين, الى البيت الأسود, وكرالشر والجريمة والارهاب الدولي. [email protected]