كانت القصرين الواجهة الأولى للثورة و قدمت العديد من أبنائها شهداء و فداء للوطن. إنها ما كانت تقوم بلعبة الصبيان في الشوارع بل كانت تنادي بحقوق أبنائها و كانت تطالب بالبنية التحتية و التنمية الجهوية و العدالة بين الجهات و بين أبناء الوطن الواحد و رفض العنصرية و التمييز . كانوا جرحي و شهداء القصرين الشهيدة يجوبون الشوارع و صدورهم عارية أمام القناصة القتلة الذين تبخروا اليوم في الهوي مثل أوكسيد الكاربون و لا أثر لهم . أبنائها من أطلقوا يوم 12 جانفي لما أنزلوا صورة المخلوع ذات الحجم الكبير من علي جدار وكالت التيليكوم كلمة ديغاج للظالم و هم من طالبوا بالشغل استحقاق يا عصابة السراق و هم من قالوا خبز و ماء و الطرابلسية و بن علي لا و هم من قالوا القصرين تريد إسقاط النظام. مرت الأيام تلوي الأخرى و أبناء القصرين ينتظرون وصول القطار السريع الذي سيربط بين القصرين و صفاقس وبين القصرين و سوسة و بين القصرين و تونس و ينتظرون أيضا متي سيتم إنجاز الطريق السيارة بين القصرين و تلك الجهات و بين القصرين و التنمية و بين القصرين و الاستثمار و بين القصرين والسياحة الداخلية و بين القصرين و التشغيل. القصرين كانت و مازالت محاصرة و القصرين ما زالت مظلومة و القصرين مازالت محرومة و القصرين ما زالت تعاني و القصرين لا من يذكرها لأجل هذا كرر إسمك يا حبي يا غالية علي قلبي و لا أبالي. القصرين لا تتوسل ولا تتمسكن إنها تراقب سير الأمور من بعيد و علي كثب. القصرين صابرة و تعلمت الصبر و لا تتكلم إلا قليلا و لا تغضب إلا عندما ينكسر خاطرها وتسيل دماء أبناءها فأحضروا وقتها بأسها ولا منكم من يقدر أن يقف أمامها. فهي التي تغير الأمور بالقوة و لا تخاف ولا ترهب و لا تتألم وقتها وحتي الآلام تزيدها قوة لقد تعودت القصرين المشي علي الجمر و النوم علي الأرض وتوسد الحجر و الالتحاف بالسماء و اكل أعشاب الأرض و شرب حليب النعاج وتعودوا أبناء القصرين شرب الماء المعفن و المالح و مائهم يدعب في السواقي ذاهب ليسقي غيرهم و صح لهم و فيه شفاء. لا أود أن أكثر من وصف المظالم التي سلطت علي القصرين فإنها لا تحصي و لا تعد وإنها مسجلة في سجل لا يضيع فيه شيئا عند الله و لكن أتوجه إلي أحبتي في الحكومة الجديدة و أقول : 1)ألا ترون أنه حان الوقت لتضميد جراح القصرين و رد الاعتبار إليها و رفع المظالم عنها و الاعتناء بها كما ينبغي. 2) ألا ترون أنه من واجبكم الشرعي أن تعترفوا بدور القصرين في تاريخ تونس الحبيبة؟ 3) إن القصرين يا حكومة الثورة في حاجة أكيدة و ملحة لإنجاز مقبرة ذا شأن عظيم لشهدائنا الأبرار من الاستقلال إلي اليوم تليق بمقامهم لما قدموه لتونس و أبنائها وتسمح لنا و لأبنائنا و للأجيال القادمة قراءة تاريخنا المغيب و تفادي نسيانه و لأجله ثرنا. للمقال بقية إن شاء الله أخوكم في الله قعيد محمدي