أقال العاهل المغربي محمد السادس مؤخرا، كاتب الدولة في وزارة الخارجية، أحمد لخريف، وجاء في البيان الصادر عن الحكومة المغربية، أن سبب الإقالة يعود إلى اعتزام أسبانيا منح الجنسية لعدد من المغاربة، ينحدرون من المناطق التي كانت تحت الحماية الأسبانية، مثل منطقة الريف المغربي، ومنطقة الصحراء الغربية، التي يتنازعها المغرب وجبهة البوليساريو. يذكر أن أحمد لخريف هو الوزير الوحيد في حكومة عباس الفاسي، الذي ينحدر من أصول صحراوية، بينما كانت الحكومات السابقة تعين ناشطين صحراويين في مناصب عليا، وخاصة الذين ينشقوا عن جبهة البوليساريو، مثل وزير الصحة السابق، بيد الله الشيخ، ولم يذكر البيان ما إذا كان أحمد لخريف قد أصر على الحصول على الجنسية الأسبانية، ليكون إصراره هو سبب الإقالة، وكانت أسبانيا قد بدأت منح الجنسية للمغاربة الذين أقاموا عدة سنوات على أراضيها، وهو ما ينطبق على أحمد لخريف، كما ينطبق على عدد من المسئولين المغاربة، حيث درس أحمد لخريف في إحدى الجامعات الأسبانية، قبل عام 1974 تاريخ انسحاب أسبانيا من الصحراء الغربية، وقبل عام من المسيرة الخضراء، التي قادها الحسن الثاني. فقد تحصل لخريف على الإجازة في شعبة الفلسفة بجامعة كومبلوتنسي بمدريد سنة 1976، وعمل من سنة1976 إلى 1978 أستاذا بالسلك الثاني في مادة اللغة الإسبانية بمدرسة "لاباس" التابعة للبعثة الثقافية الإسبانية بالعيون. ومن سنة1978 إلى 1986 تولى مهمة مدير مؤسسة تعليمية بالعيون قبل أن يشغل منصب مندوب جهوي لوزارة السياحة بالعيون إلى غاية 1997 .
هل سيطالب الصحراويون بالعودة إلى أسبانيا؟ من الواضح أن سبب الإقالة يعود إلى تعقيدات قضية الصحراء، أكثر من عودته إلى أن وزيرا مغربيا تحصل على جنسية أخرى، وهو ما يعني رفض العاهل المغربي للخطوة الأسبانية، التي قد تضفي مزيدا من التعقيدات على ملف في غاية التعقيد، خاصة وأن الحكومة الأسبانية قررت منذ عدة سنوات منح الجنسية الأسبانية إلى جميع المواطنين الصحراويين، الذين شملهم إحصاء عام 1974، مما يعني أنهم قد يستغلون ذلك للقول بأنهم ليسوا مغاربة وإنما أسبان، الأمر الذي قد يترتب عليه حل آخر لقضية الصحراء، بعيدا عن تقرير المصير الذي تنادي به البوليساريو، والحكم الذاتي الموسع الذي تطرحه المغرب، مما يعني عودة الصحراء إلى السيادة الأسبانية، ولكن هذه المرة بقرار من سكانها.
ممنوع إسقاط الجنسية المغربية على صعيد آخر لا يلغي القانون المغربي الجنسية من أي مواطن تحصل على جنسية أخرى، وربما يعود السبب إلى زيادة عدد الجاليات المغربسية في الخارج، وتحويلاتها المهمة للاقتصاد الوطني، بما في ذلك قضاء العطلة الصيفية في البلاد، ومردود ذلك على قطاع السياحة وغيره من القطاعات الخدمية، وحتى الآن نجح المغرب في الحفاظ على علاقات وثيقة مع المهاجرين، إلا أنه وفي هذه السنة تحديدا ارتفعت أصوات في المهجر تطالب الحكومة المغربية، بالتوقف عن اعتبار المهاجرين تحت وصايتها، وخاصة عندما سافر عدد من الأئمة الهولنديين من أصول مغربية إلى المغرب، دون أن يحصلوا على إذن السلطات الهولندية التي تدفع رواتبهم، كما أن جميع المغاربة في المهجر يحتفظون بجنسية البلد الذي يعيشون فيه، وبالجنسية المغربية التي تمنع القوانين المغربية التنازل عنها، لدرجة أن اليمين المتطرف الهولندي تحرش بعدد من السياسيين من اصول مغربية، مثل أحمد أبوطالب، كاتب الدولة في وزارة العمل والشئون الاجتماعية، والذي أصبح عمدة لبلدية روتردام، وأيضا عضوة البرلمان خديجة عريب، التي رفضت التنازل عن جنسيتها المغربية، خاصة وأنه لا يوجد قانون في هولندا يمنع الهولندي من الاحتفاظ بالجنسية المزدوجة، ويبدو أن الساحة السياسية الهولندية تشهد بعض التغيير في هذا السياق، حيث يطالب حزب العمل الذي ينتمي إليه أحمد أبو طالب بسن قانون يمنع الهولنديين من الاحتفاظ بالجنسية المزدوجة، وترى زعيمته الجديدة أن التنازل عن الجنسية السابقة أفضل طريقة أمام المهاجرين للاندماج الكامل. يذكر أن مطالبة المغرب المستمرة باستعادة مدينتي سبتة ومليلية من أسبانيا، لعبت دورا مهما في استصدار هذا القانون الفريد، فالبرغم من أن المغاربة الذين يعيشون في المدينتين بحملون الجنسية الأسبانية إلا أن المغرب يعتبرهم مغاربة، ولا يريد لهم الانسلاخ عن هويتهم، حتى يمكنه استعادة المدينتين ذات يوم، ولعله ينظر إلى حملة التجنيس الأسبانية بريبة، فأفضل طريقة لصرف المغرب عن المطالبة باستعادة المدينتين هو منح الجنسية لسكان الصحراء الغربية، التي يطالب بها المغرب أيضا. في حين تسمح معظم الدول العربية لمواطنيها بحمل جنسيتين، وخاصة البلدان التي لها جاليات كبيرة في الخارج، تمنع بعض البلدان مثل مصر حاملي الجنسية الثانية من تبؤ مناصب رفيعة في الدولة، حفاظ على الأسرار العليا للدولة. حتى الآن لم يدل الوزير المغربي السابق أحمد لخريف بأي تصريح حول الموضوع، وكأنه يؤكد أنه من الأفضل أن تكون مواطنا أسبانيا على أن تكون وزيرا مغربيا. أحمد لخريف