لن، ولن تصيبه "سكتة نضالية" أبدا.. لا، ولن تأخذه سنة ولا نوم على درب النضال.. لا، ولن يتأوّه أبدا، تحت سياط الدكتاتورية وعذاباتها... فهذا الرجل ملقّح ضد "السكتات النضالية"، مهما كان نوعها.. وهو طود شامخ في مهب العواصف السياسية، ورياحها الصرصر، لا يخشى سوط دكتاتور، ولا لومة ديمقراطي... إنه ديناصور سياسي يتحدّى الانقراض ويأبى الخضوع والخنوع، نهل من منابع النضال، وشرب كثيرا على القذى، وقال هامسا وصارخا، أكثر من مرة: لا.. في وجه الطاغية بن علي وزبانيته.. هذا الديناصور السياسي الذي ضل طريقه في دراسة الطب بفرنسا، فحوّل وجهته إلى الحقوق، ونال شهادة تونسية لحما ودما، ومعرفة في المحاماة، خُدع كغيره "بمبادئ" السابع من نوفمبر المقيت، فانخرط "بوعي" في ديمقراطية الرمال المتحركة "النوفمبرية"... هذا الديناصور السياسي، وبعد حصول حزبه "التجمع الاشتراكي التقدمي" على الاعتراف القانوني في "العهد البنعلي"، أمضى بصفته أمينا عاما لهذا الحزب على "الميثاق الوطني"، ذلك الميثاق النفاقي/الخداعي، الذي طرحه المخلوع، صانع "التحوّل البارك"، والذي وعد، من خلاله، بنظام ديمقراطي، ولكن، ما بالطبع لا يتغير، فقد نكث المخلوع عهده ووعده.. وكان "لديناصورنا" المخدوع/المغدور بعض المهمات "النوفمبرية"، فقد تجلبب بجلباب الممثل الشخصي للمخلوع في دول الخليج ( !!!)... وناله سواد الفحام مالا وابهة مزيفة.. هذا الديناصور السياسي، ثار، فجأة، على "الاصطفاف المعارضي"، ولم يقبل أن يكون ديكورا لواجهة سياسية في ظاهرها تعددية، وفي باطنها وحقيقتها دكتاتورية.. وكان ذلك في سنة 1991، حين كشر المخلوع عن أنياب نظامه البوليسي في معالجته للقضايا السياسية، وشهر عصاه القمعية في وجه كل من يخالفه الرأي، وكل من يخرج عن سرب المطيعين الخانعين... هذا الديناصور السياسي، الذي يعانق اليوم سنته السابعة والأربعين في محراب النضال الشامل، باعتبار أنه انخرط في العمل السياسي، منذ نعومة لسانه وشبابه، في سن العشرين، صلب التيار القومي التقدمي ثم في اليسار الاشتراكي، وقد تعرض من أجل نشاطه المعارض إلى أربع محاكمات في عهدي بورقيبة وبن علي، حكم عليه، فيها، بأكثر من 32 سنة سجنا.. كما اكتوى بنار الاقامة الجبرية، والابعاد والنفي في ربوع وطنه، وأدمته الغربة، فحرم من "ريحة البلاد" لاجئا في فرنسا، هاربا عبر الجزائر... هذا الديناصور السياسي، تجرّأ فتحرش بالغانية "الرئاسية" لمزاحمة المخلوع على سدة الحكم، ولكن سدّت أمامه الطرق، سياسيا ودستوريا... ولم يفتر "ديناصورنا" في النضال من أجل الديمقراطيات والحريات، ولم يتوان في التنسيق مع كل الأطياف السياسية بينها، الإسلاميون في إطار جبهة 18 أكتوبر... كما عانق كل سبل النضال، من ذلك دخوله أكثر من مرة في إضراب جوع احتجاجا على انتهاكات كل حقوق الإنسان والتنكيل بالديمقراطية الذي كان يقترفه النظام البائد.. هذا الديناصور السياسي، وبعد الثورة، طرح نفسه الرئيس المنتظر، مرددا بالحاح "المستقبل يبدأ من هنا" يبدأ من "شخصه" ومن رفيقة دربه في النضال، ووريثته في الأمانة العامة لحزبه... وتأتي رياح انتخابات 23 أكتوبر الماضي بما لا يشتهيه "ديناصورنا"، وخاب أمله في الدخول إلى قصر قرطاج من "بابه الرئاسي"، فاصطف من جديد، وبأنفاس جديدة في طابور المعارضين، وهو الآن "المايسترو" الذي يحرّك حاضرا وغائبا، أوتار المعارضة في أشغال ومداولات المجلس الوطني التأسيسي... وهكذا لن، ولن تصيبه "السكتة النضالية"... إنه الديناصور السياسي، المناضل الشامل، وعلى الدوام، الأستاذ أحمد نجيب الشابي... ومازال "المستقبل قدامك" يا سي نجيب( !!!)...