عندما يكون المدرب لا يثق في اختياراته الشخصية تكون الطامة الكبرى.. هذا هو حال النادي الافريقي اليوم ذلك أن المدرب نبيل الكوكي لا يثق في إمكاناته واختياراته ولذلك أراد أن يعوض كل هذا بالتربصات المغلقة التي كانت لها انعكاسات سلبية جدا على اللاعبين. هزيمة الأمس أمام الترجي كانت بسبب الانهيار المعنوي قبل أن تكون بسبب الاختيارات الفنية والجاهزية البدنية وهذا الانهيار المعنوي كان بالدرجة الأولى بسبب التربصات طويلة المدى التي اختارها الكوكي ويمكن القول إن نادي باب الجديد حطّم كل الأرقام القياسية حتى بالمقارنة مع برشلونة وريال مدريد وكل الفرق العالمية.
تذمّر واضح قبل لقاء الترجي خاصة عندما توقفت البطولة حتى يفسح المجال للمنتخب فضل الكوكي الدخول في التربصات وحرم اللاعبين من ممارسة حياتهم الطبيعية وهذا ما أثر سلبا على المجموعة والأجواء داخل الفريق وكانت هناك تشكيات وتذمرات من عديد اللاعبين مثل مبنزا الذي فرض عليه الكوكي الحياة بعيدا عن زوجته وكذلك الذوادي دون نسيان جابو الذي كانت ردّة فعله عنيفة أحيانا كلما تعلق الأمر بالتربصات طويلة المدى. والحقيقة أن أغلب المحيطين بالفريق لم يتفطنوا الى التذمرات لأن اللاعبين أجلوا الاعلان عن ذلك الى ما بعد ضمان التأهل الى ال«بلاي أوف» ولكن تأجيل الاعلان عن التذمر لم يحجب الانعكاس السلبي على اللاعبين الذين فقدوا الرغبة في اللعب.
ب «KO» بعد «دربي» الأمس لا بدّ من الاشارة الى أن ماهر الكنزاري هو الذي أحدث الفارق وهو الذي انتصر على الكوكي والأكيد أن المحلّلين وقفوا على ذلك لأن مدرب الترجي خطّط كما يجب وغير الرسم التكتيكي ولعب بالطريقة التي يجب أن يلعب بها عندما عوّل على ثلاثي دفاعي في وسط الميدان (المولهي والراقد وتراوي) وهو ما ضمن التفوق في هذه المنطقة الحسّاسة من الملعب أما مدرب الافريقي، فلم يغيّر أي شيء بعد عديد التربصات واللقاءات الاعدادية، بل أكثر من ذلك فإنه عجز عن تعويض ماهر الحداد رغم أنه أقصي منذ بعض الأشهر بل أكثر من ذلك فإن «جهل الكوكي» الكروي جعله يعتمد على نفس الطريقة المألوفة والتي تقوم على اختراق المنافس من المحور حيث يوجد مدافعان (الذوادي وعنتر يحيى) وثلاثي في وسط الميدان ورغم أن كل خلق اللّه كان يعلم أن الترجي سيلعب بهذه الطريقة ولذلك يمكن القول إن الكنزاري أسقط الكوكي بالضربة القاضية الفنية ولقّنه درسا من الصعب أن ينساه وعلى الكوكي أن يتعلّم انطلاقا من الأمس أن كرة القدم علما يكاد يكون صحيحا والمدربون الذين يتقاضون الملايين مطالبون على الأقل باختيار الخطة المناسبة على مقاس المنافس وليس اعتماد نفس الخطة كامل الموسم ولو أصبحت الأندية تلعب دائما بنفس الخطة فإن أي فريق لا يستحق أكثر من شهر لتدريب لاعبيه على الخطة المطلوبة ثم ينسحب لينهي اللاعبون الموسم بمفردهم. لا بدّ من الاشارة الى أن الكنزاري في الحقيقة متعود على الفوز بالقاضية الفنية وسبق له أن فعل ذلك مع معلول.
غريبة كروية طوال فترة التحضير للدربي كانت الأخبار القادمة من سوسة وقبل ذلك من العاصمة تؤكد أن الكوكي قرّر أخيرا أن يعوّل على ثلاثي في وسط الميدان هم البراطلي «بيفو» وأمامه «بيفو يساري» الذوادي وفي الجهة المقابلة مبنزا وهذه في الحقيقة غريبة كروية لم يجد الزمان بمثلها وأعتقد أن أي مدرب مبتدئ لا يمكن أن يقع في هذا الخطإ لأن الذوادي مهاجم وليس لاعب وسط دفاعي والحقيقة أن الافريقي لا يمكنه أن يفوز أمام أي منافس إذا لعب بتلك الطريقة وبذلك التمركز وهذا التمركز الخاطئ هو الذي فرض التشنّج على اللاعبين لأن لاعبا يعول عليه المدرب في غير مركزه سيجعله عرضة للانتقاد.
فاقد الشيء لا يعطيه كنا أشرنا منذ فترة الى أن الافريقي الذي ضخّ المليارات كان عليه أن ينتدب مدربا في حجم الرصيد البشري وكذلك مهاجما في مستوى الرصيد البشري (رغم المجهودات التي يبذلها القصداوي المسكين) ولكن بعض المأجورين والذين قادهم التزلف والشعبطة للصحافة قالوا إن ذلك يدخل في باب «التنبير» ولكن للأسف تأكد الجميع الآن أن مركز المدرب والمهاجم في حاجة الى المراجعة الفورية ولولا هدف جرجيس في آخر اللقاء الذي فرض التعادل على النادي البنزرتي لسقطت أكثر من 30 مليارا في الماء.