نظمت جمعية صيانة مدينة توزر وجمعية أفق الجريد بالشراكة مع وكالة التعاون الألماني مؤخرا ندوة بعنوان الماء بالجريد واشتملت على مداخلات علمية لمختصين وباحثين حول اشكاليات المياه بالجريد. انطلقت الدورة بمداخلة الأستاذ أحمد ممو باحث في اختصاص المياه الجوفية بالجنوب التونسي حول اشكالية المياه الجوفية المشتركة وعنونها ب«التصرف في الموارد المائية الجوفية العابرة للحدود بين الصراع والتعاون : مثال الصحراء الشمالية» وتعرض فيها الى المياه المشتركة بين تونسوالجزائر وليبيا والاستغلال المكثف لها والمخاطر الناجمة عن الافراط في استغلالها والأطر القانونية المنظمة لهذا الاستغلال فأشار الى أن استغلال المائدة المائية المشتركة حسب الاتفاقية المحددة بين الدول الثلاثة هي 10% لتونس و20% لليبيا و70%للجزائر الا أنه لم يتم احترام هذه الاتفاقية ففي الجزائر الاستغلال عشوائي وفي ليبيا الاستغلال مفرط وعادة ما ينشأ عن الاستعمال المكثف صراعات لابد من تطويقها بادارة تشاورية وللتحكم في الموارد .
وتناول السيدان لحمادي المومني رئيس قسم المياه للفلاحة وقيس الحاجي رئيس دائرة الموارد المائية بالمندوبية الجهوية للفلاحة بتوزر الحالة الراهنة للموارد المائية بالجريد فأشارا الى أن الجريد مياهه جافة أوشبه جافة واشعاعه شديد وموارده المائية محدودة فهي 234 مم3 بالنسبة للمائدات السطحية و174,3 للمائدات العميقة والمعدل السنوي للأمطار لا يتجاوز 100 ملم والتبخر كبير وملوحة المياه مرتفعة فهي بين 2 و5،3 / ل ومستوى الماء ينخفض 1 متر سنويا والمائدة غير متجددة واستغلالها في تطور .
اثر ذلك قدم الدكتور الشهباني بالأشهب باحث بمعهد الأراضي القاحلة بمدنين تقييما لتقنية الري بالموزع المردوم في ضيعات مثالية للزياتين والقوارص والنخيل وعرض نتائج تجاربه منها استهلاك أقل بمرتين من الري قطرة قطرة وتحقيق انتاجية أفضل بثلاث مرات بنفس كمية الماء .
الحوكمة الرشيدة للماء
ولقيت مداخلة الباحثة سعاد موسى رئيسة جمعية المواطنة والحوكمة حول الحوكمة الرشيدة للماء في القطاع الفلاحي بالبلاد التونسية الرهانات والتحديات استحسان الحضور وفيها استعرضت الحقبات التاريخية المتعاقبة التي تم خلالها سلب الجماعة قدرتها على التحكم في الواحة واستغلال الماء واعطاء الدولة لنفسها حق صنع القرار وتنفيذ الخيارات ومراقبتها فارتبطت الجمعيات المائية بمنظومة الفساد وظهرت ثورة مائية بعد الثورة والمطلوب اعادة حوكمة الأوساط الواحية الخصوصية وارجاع القدرة لها على التحكم والتصرف ومن شروط الحوكمة المشاركة في صنع القرار والمحاسبة والحد من الفساد .
وأكد الأستاذ ياسين البراني في مداخلته «مياه الري بالجريد : مقاربة خرائطية» على اعتبار الواحة منظومة متكاملة وضرورة وضع مخططات واستراتيجيات واستعرض المنظومة المائية بالجريد والتي شهدت عديد التحولات وتستدعي التعديل والتجديد.
وأبرزت المداخلة الأخيرة للأستاذ فتحي بوليفة أستاذ بكلية العلوم الانسانية بسوسة حول الماء والسياحة مشكل استنزاف القطاع السياحي للمياه بالجريد فأصحاب النزل حفروا آبارا بطرق غير قانونية وتستهلك أضعاف الاستهلاك المحدد لها والسائح يستهلك 6 مرات ما يستهلكه المواطن في توزر من المياه والسياحة الاستشفائية مدرجة بالمخطط التنموي للجهة كمشاريع أكيدة في حين أننا أوشكنا على انهاء ما هوموجود من مخزون المياه الحارة والقاري الوسيط غير مجد لاستعماله في السياحة الاستشفائية .
وتخلل المداخلات نقاشات ندد فيها متدخلون بالفساد الاداري المعطل لأحياء الواحة وتنميتها واستنكر البعض على المنظمين للندوة تقديمهم للمشاكل دون اعطاء الحلول واقترحوا حلولا منها تحلية مياه البحر وجلبها الى الجريد في صورة عدم توفر المياه بالمائدة العميقة خاصة وأن التحلية تتم بالطاقة الشمسية واعادة رسكلة مياه النزل واستعمالها في الري واعداد دراسة علمية لشطي الجريد والغرسة لدورهما الكبير في جودة التمور ومزيد التعمق في دراسة التربة واحداث معهد أوهيكل يعنى بالبحث عن البدائل وتطوير نظم مراقبة اتلاف المياه المشتركة بين تونس وليبيا والجزائر وتمكين فلاحي الواحة القديمة من حقهم التاريخي في الري المجاني ومراجعة كلفة المياه والطاقة الشمسية .
ووردت أغلب هذه المقترحات بالتوصيات الصادرة عن الندوة مع توضيحها واضافة أخرى ومنها التوصية بانعقاد ندوة بخصوص المجامع المائية لمناقشة مطلب الفلاحين بحلها أو تغييرها بمنظومة جديدة واستعمال وسائل جديدة في الري مثل تقنية الري بالموزع المردوم إذ أثبتت جدواها في قطاع النخيل.