عاشت مدينة نابل مؤخرا وعلى امتداد يومين على وقع الاحتفال بمهرجان «الجرّة» في دورته الأولى وذلك بمناسبة خمسينيتها والتي تضمن عدة عروض احتفالية وذلك بحضور كل من والي الجهة ووزيرة المرأة وكاتب الدولة للتعاون الدولي في الحكومة المؤقتة. «جرة نابل» كما يحلو للبعض تسميتها أصبحت والشجرة التي بوسطها رمزا للمدينة له أحباؤه عبر العالم. «الجرّة» ما تزال صامدة بشجرتها في مكانها منذ مفتتح شهر جويلية من سنة 1962 وفي ذلك قصة واقعية ننقلها عن بعض المطلعين. ففي تلك الفترة اقترح أحد مهندسي الأشغال على المجلس البلدي بنابل انشاء شارع كبير يربط وسط المدينة بالبحر وهو الشارع الذي يحمل حاليا اسم الحبيب بورقيبة. وصادف في تلك الفترة أن نمت قرب محطة القطار شجرة اشتد عودها فلم يشأ المهندس أن تُقتلع لذلك استوحى لها طريقة مميزة للحفاظ عليها، وتكفل بعض الحرفيين في الفخار بصنع جرة ضخمة احتوت هذه الشجرة وحمتها من التلف، مما يعني أن الشجرة قد سبقت وضع الجرة، وظلت تنمو داخلها. «الجرة» وشجرتها تجاوزت شهرتهما وقيمتهما الفنية والتاريخية حدود الوطن القبلي، فقد أصبحت زيارة مدينة نابل مقترنة بزيارتهما، وأصبحتا المحددين الرئيسيين لاتجاهات المدينة ومكانا لضرب المواعيد. وبالرغم من عراقتها وقيمتها الفنية فان متساكني مدينة نابل لم يعيروها الاهتمام الكافي من قبل ما عدى بعض المحاولات التي قام بها بعض الشبان منذ أشهر قليلة بمناسبة خمسينيتها واعادة تلوينها الا أنها لم ترتقي في مضمونها إلى ما ينتظره عشاق رمز مدينة نابل. سنة 2012 كانت الانطلاقة الرسمية للدورة الأولى لمهرجان «الجرة» وهي بادرة أطلقتها لجنة الشباب والرياضة والثقافة صلب النيابة الخصوصية لبلدية نابل. الاحتفالات التي استمرت على مدى يومين كانت على مستوى «الجرة» بشارع الحبيب بورقيبة حيث نُصبت خيمة عملاقة رافقها تنشيط موسيقي مكثّف اشتملت على عدة أنشطة على غرار تقديم معرض للصور تعرّف بمدينة نابل على مرور سنوات خلت، ورشة حيّة لصناعة الفخار، ورشة تصوير للأطفال. ومن جهة أخرى رافق والي الجهة محمود جاء بالله وزيرة المرأة سهام بادي وكاتب الدولة للتعاون الدولي علية بالطيب وعدة شخصيات أخرى في زيارة إلى المدينة العتيقة بأزقتها وأبوابها وسوق البلغة حيث أقيمت فيما بعد مائدة مستديرة بعنوان «تاريخ الخزف في نابل» قُدمت خلالها لمحة عن تاريخ الفخار وبعض الصناعات التقليدية في مدينة نابل على مدى العصور. وتميزت احتفالات الفترة المسائية باشعال الشموع حول «الجرة» التي أضفت عليها مسحة جمالية ورونقا خاصا أثار اعجاب جميع الحاضرين.