تتداول عديد وسائل الاعلام مؤخرا تصريحات لقياديي حركة 18 اكتوبر حول إمكانية عودة هذا التحالف الى المشهد السياسي التونسي كما تنقل أخرى تصريحات معارضة ومع حلول الذكرى السنوية هناك أسئلة تطرح من قبل الكثيرين فهل ان حزب. العمال والحزب الديمقراطي التقدمي وحركة النهضة وحزب التكتل جمعتهم الدكتاتورية وفرقتهم الديمقراطية؟ ولماذا؟ للإجابة على هاته الأسئلة توجهت «الشروق» الى عدد من المشاركين في هيئة 18 أكتوبر وكانت أجوبتهم كالتالي:
عبد الرؤوف العيادي «حركة وفاء»
ما جمعنا هو البرنامج السياسي واتفقنا حينها على حد أدنى من المطالب زمن الدكتاتورية ولم يجمعنا الموقف المبدئي من الدكتاتورية لكن جمعتنا مطالب مثل المساجين السياسيين والحقوق المدنية.
اليوم أسباب الفرقة يطول شرحها اتصور ان اختلاف الرأي والمقاربات هي ما خلف نوعا من انفراط عقد 18 أكتوبر، كان من المفروض ان يتجدد البرنامج لكن لم يحصل ذلك كما انه هناك صراع من أجل السلطة.
الصراع هو ما فرقنا فكل يرى في نفسه الأقدر على الحكم ومن هو في الحكم يرى انه قام بخطوات في ادارة البلاد لكن الشعار الذي يجب ان يرفع حسب رأيي هو المحاسبة أي محاسبة التجمع واتحاد الشغل الذي حمى قياداته في مؤتمر طبرقة.
اليوم هناك قوى يمكن ان تلتقي ان حصل حوار بينها وتقييم واضح حول الأوضاع الحالية ونحن نطالب بتصحيح المسار والصراع سيكون واضحا بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة.
حمة الهمامي «حزب العمال»
بالفعل جمعتنا الدكتاتورية على أساس حد أدنى كان مطروحا حينها وكان واضحا وظرفيا لكن بعد الثورة تغيرت المعطيات والظروف فكل الأطراف معترف بهم والمساجين السياسيين غادروا السجون، الصراع اليوم حول القضايا الكبرى والجوهرية وهي تفرق وفرقت من قبل.
التكتل مثلا خرج من 18 أكتوبر قبل سقوط بن علي والنهضة تراجعت وانكمشت على نفسها بسبب الصراع داخلها بين شق المصالحة مع بن علي والشق الآخر كذلك الحزب الديمقراطي التقدمي أعلن نهاية التجربة عندما أراد المشاركة في الانتخابات.
اليوم الأطراف الحاكمة وخاصة حركة النهضة تراجعت عن الاتفاقات مثلا في وثيقة علاقة الدولة بالدين ما تحمله ليس ما تطرحه النهضة اليوم كذلك هم يرفضون الاشارة الى المواثيق الدولية في الدستور في حين اننا اشرنا اليها وكنا نؤكد على وجودها في وثائق 18 اكتوبر أيضا هم يضربون حرية الاعلام اليوم وحرية العقيدة وهم يحاولون تقسيم المجتمع الى مسلمين وعلمانيين اضافة الى استقلالية القضاء التي يرفضون التنصيص عليها واحترامها.
تجربة 18 أكتوبر انتهت باعتبار ان عددا من مكوناتها اليوم في السلطة ويتنكرون حتى لالتزاماتهم السياسية لكن العودة الى الحديث عن هيئة 18 اكتوبر من قبلهم اليوم هو من قبيل المغالطات السياسية والتضليل، نحن اليوم في مرحلة جديدة ولها متطلبات جديدة.
حركة 18 أكتوبر فرضها واقع الدكتاتورية العنيف على الشعب التونسي وعلى قواه السياسية والديمقراطية المختلفة واعتقد انها الظاهرة الأولى من نوعها في العالم العربي والاسلامي حيث توحدت القوى اليسارية والاسلامية والاشتراكية اللبرالية والشيوعية وغيرها وهذا يؤكد نضج كل القوى في مواجهة الديكتاتورية.
الثورة جاءت بتراكم الجهد وتضحيات الشباب وبالرغم من دور حركة 18 أكتوبر التي توصلت الى عديد الاتفاقات في قضايا خلافية بين الفصائل ووحدتهم على الحد الأدنى الديمقراطي وهي حرية الاعلام وأمس الاول كنا في اضراب من اجله الى جانب العفو التشريعي العام وحرية التنظيم وفعلا توحدت كل القوى حول هدف مشترك.
ما الذي وقع بعد 23 أكتوبر في الحقيقة كنا متحالفين ولم ننس العمق الخلافي الذي يمكن ان يظهر وخاصة الريبة حول ازدواجية الخطاب عند حركة النهضة التي عندما امضت على حرية التنظم والاعلام وحرية المرأة وقد صدر كتاب يجمع تلك النصوص فهل كانت النهضة مقتنعة؟ ام انها اعتمدت ما يسمى الآن ازدواجية الخطاب؟ لقد تنكرت لأهداف 18 أكتوبر ونأسف لذلك.
ان نتنافس ديمقراطيا هذا طبيعي ومتفق عليه ومن حق النهضة ان تبني أهدافها وان تناضل لأجلها لكن ليس من حقها ان تمنع الآخرين عن ذلك وان تقبل التداول السلمي على السلطة وان ترفض اعادة الهيمنة على المسار الديمقراطي.
ما عبر عليه راشد الغنوشي مؤخرا من انهم لم يتمكنوا بعد من الجيش والادارة والأمن خطير ولا يتماشى مع تونس التي انجزت الاستقلال بأقل التكاليف ثم الديمقراطية وازاحة النظام البائد بأقل التكاليف مقارنة بجيراننا وانخرطنا في عملية نجحنا فيها حتى 23 أكتوبر.
كان من الطبيعي ان يكون حزب مثل حزبنا في المعارضة وتلك هي الديمقراطية والشعب هو الفيصل لكن ان تلتف النهضة على هاته المبادئ والروح النضالية التي سادت العشرية الأخيرة ونحن نحتفل بذكرى 18 أكتوبر 2005 يؤسفني ما يحصل واتمنى ان يعود الرشد الى المشهد التونسي وان تكون الديمقراطية هي الفيصل بين الناس والالتفاف عليها هو الخيانة.