شهدت الساحة الوطنية مؤخرا جملة من الاحداث لعل اهمها «مظاهرة اكبس» والجدل حول تاريخ 23 اكتوبر بين من يعتبرونه اجلا تنتهي بعده الشرعية ومن يؤكد انه غير ملزم قانونيا,اضافة الى عودة التجاذبات حول النقاب تزامنا مع اقتراب بداية الموسم الدراسي, واقصاء تونس من منتدى دافوس، «الشروق» رصدت رأي محمد الكيلاني الامين العام للحزب الاشتراكي اليساري. مظاهرة اكبس
اساس مظاهرة اكبس ارباك الراي العام الديمقراطي وبث الرعب فيه تحت شعار «اكبس». ما معنى هذا الشعار؟ انه يعني الخنق ,فهل ان الشعب التونسي لم يعان من الخنق حتى يتم خنقه الان؟
هذا الشعار دليل على ان هؤلاء الناس ليس لهم صبر على حريات التونسيين, مثل حرية الاحتجاج و حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة. ليس لهم استعداد لقبول صورة الإنسان التونسي المتحرر والضحوك والبشوش والمرح ,يردونه «كابسها» واذا أمكن ان يكون ملتحيا او اذا كانت امراة تكون منقبة او متحجبة...لكن ليست هذه تونس التي اعرفها منذ ما يقارب 50 سنة. اليوم بالذات اكبس هي للدخول في مرحلة جديدة فحركة النهضة امام تحديات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وهي تريد ان تقول ان التونسي لا يحكم الا بالعصا,وهذه فكرة ديكتاتورية واستبدادية ينبغي مقاومتها والشعب التونسي سيرد عليهم ,بعد ان جلبوا اناسا لاحتلال الشارع لانهم يملكون اموالا لنقلهم و توفير الاكل لهم وتمكينهم من اجرتهم ... لكن الشعب التونسي لن يطمع ولن يقبل هذا ولن يكون قاصرا.
الجدل حول 23 اكتوبر
من الزاوية القانونية لا وجود لاجل ملزم للمجلس التأسيسي, لكن القضية ليست قانونية بل هي قضية مصداقية وصدقية فحركة النهضة التزمت بان لا تتجاوز مدة عمل المجلس التاسيسي سنة لكتابة الدستور ثم تاتي الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية, وهذا التزام معنوي واخلاقي .
كما ان رئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر صرح بان 23 اكتوبر ستكون آخر مرحلة وآخر أجل لانهاء كتابة الدستور, اضافة الى ان الحكومة ورئيسها حمادي الجبالي ورموز حركة النهضة قالوا إن 20 مارس سيكون موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية لكننا نرى اليوم حسب مسودة رزنامة لجنة التنسيق والصياغة ان اكتوبر 2013 هو الاجل المحدد.
حركة النهضة تراجعت عن التزاماتها واصبحت القضية قضية ثقة ومصداقية وتاريخ 23 اكتوبر هو تاريخ انتهاء الشرعية لان الطرف المقابل فقد الصدقية والمصداقية ,والشرعية تقاس من هذه الزاوية, وهذا الاجل هو خط حدود معنوي وسياسي واخلاقي . لسنا باعة كلام ويجب ان يلتزم السياسيون بما يقولونه ,الا اذا وجدت حالات طارئة والشعب هو الذي يقوم بتقييمها.
المؤتمر التوحيدي للوطنيين الديمقراطيين
الوطنيون الديمقراطيون لم يدعون الى مؤتمرهم وهم احرار في ذلك ,وحسب تقديري مازال امامهم الكثير ومازال هناك من من العائلة الديمقراطية خارج هذا الاطار التوحيدي . هي خطوة في اتجاه توحيد فصيلين قد تكون متبوعة بخطوات اخرى اذا ركزوا في مناقشة الخلافات لكنني لا اتصور حدوث نقلة نوعية بعد هذا المؤتمر.
عودة الجدل حول النقاب
النقاب طرح في السنة الماضية كاحد الموضوعات الخلافية الرئيسية لكن العلم والمعرفة لا يحتملان المزيات المجهولة ويجب ان يحصل تفاعل بين مصدر المعلومة ومن يتلقاها ولا يستطيع كل طرف التعامل مع الآخر كمجهول لديه ...من هذه الزاوية لا يقبل النقاب اذا لم يتفاعلا طرفا المعرفة في الفهم وفي التساؤل وفي التوضيح ..يصبح مصدر المعلومة وكانه يخاطب المجهول.
النقاب اصبح من الموضوعات الرئيسية زيادة على مشكلة الامتحانات واطمئنان الطالب على نفسه حتى وان بقي حامل النقاب سلمي طول حياته فتبقى هناك دائما حالة من الارتياب وعدم الاطمئنان .ونحن اليوم إما ان نصبح كالجامعات الخليجية او ان ننفتح على المستقبل, نحن امام امتحان عسير إما ان نخرج منه او ان نتجه اكثر نحو مزيد التراجع و التخلي عن المكاسب الحضارية والثقافية لتونس.
كل التراجعات التي حصلت لتونس وكل الانزلاقات بعض الاطراف تريد تتفيهها انما هي ستؤثر بصورة مباشرة على الوضع الدولي لتونس, انا كاشتراكي ارى الحلول والمقترحات التي لا تضرني في الرأسمالية, الحلول التي لا تضر الاقتصاد والكادحين .
البحث عن حلول انتقالية وممكنة في اطار المحيط الدولي امر طبيعي, ومن لا يرى هذه الحلول لا يمكن ان يكون سياسيا ينفع تونس, وبهذا فان طرد تونس من منتدى دافوس سيؤثر على علاقاتها الدولية و الحلول التي كان يمكن ان تجدها لمشاكلها.
وها نحن نلاحظ هذه الايام تبعات هذه الانزلاقات كزيادة الاسعار التي اصبح التونسي لا يستطيع تحملها, وهذا نتيجة السياسية الانطباعية والانفعالية والمغامرة. تونس في حاجة اليوم الى برنامج انقاذ وطني, انقاذ الشعب من تدهور اوضاعه للفقر, ونريد ان تكون كل القوى مستعدة على تحمله وتعمل الضغط ومساعدة البلاد على الخروج من أزمتها.