شهدت الاستثمارات الفلاحية بولاية المهدية في السنوات الثلاث الأخيرة تطورا مهمّا، حيث فاق المعدل السنوي للاستثمارات المصادق عليها 40 مليون دينار سنويا في عديد المشاريع الواعدة والمجددة، إلا أنه يبقى في حاجة إلى قرارات جريئة.
وعلى الرغم من التطور الحاصل في قيمة الاستثمارات الفلاحية بولاية المهدية، وبروز عدد من المشاريع الواعدة والمجددة على غرار تربية الأسماك، والتحويل الأولي، والتعليب، وتربية الأرانب، والفطريات، إلا أن عديد الإشكاليات والصعوبات ما تزال قائمة، بل وتمثل حجر عثرة أمام تدفق الاستثمارات الخاصة في قطاعي الفلاحة والصيد البحري. مصدر مسؤول من المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالمهدية أكد أن دفع الاستثمارات الخاصة في القطاع الفلاحي يبقى رهين توفر عديد العوامل، والقضاء على مختلف العراقيل والصعوبات لعل من أبرزها تسوية الأوضاع العقارية، وإتمام المسح الإجباري بهدف توفير الضمانات الكافية للحصول على القروض، وتهيئة مناطق صناعية تتوفر فيها كافة المرافق الضرورية لتركيز المشاريع التحويلية، والإسراع في تبسيط الإجراءات الخاصة بتغيير صبغة الأراضي الفلاحية بالنسبة للمعتمديات التي لا تتوفر على مناطق صناعية، إضافة إلى مراجعة القوانين الخاصة بالقروض العقارية (السن، المبالغ المقدمة...) مع إعطاء الأولوية للباعثين في شكل شركات فلاحية عائلية لتفادي تشتت الملكية، وصغر حجم المستغلات.
وفيما يتعلق بالتمويل شدّد نفس المصدر على ضرورة الشروع في إسناد القروض المؤطرة (crédits supervisés) على غرار ما كان معمولا به في قطاع الحبوب والأعلاف بولايات الشمال، وحثّ مختلف المؤسسات البنكية للتدخل لتمويل القطاع، وعدم الاقتصار على البنك الوطني الفلاحي الذي تبقى مساهمته محدودة مقارنة بحجم الاستثمارات المطلوبة لانجاز المشاريع، والترفيع في مدة الإمهال الحالية لاسترجاع القروض المسندة من قبل البنك التونسي للتضامن، وبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة باعتبار عدم كفاية مهلة السنة ليدخل المشروع حيز الإنتاج وبالتالي القدرة على تسديد الدين، واعتماد جدولة ميسرة للديون مع طرح فوائض الدين والتأخير.
وأضاف: المطلوب اليوم في الجانب التشريعي هو مراجعة بعض المقاييس الفنية الواردة بمجلة التشجيع على الاستثمار، والمقاييس الفنية المعتمدة لإسناد الامتيازات الفلاحية لاقتناء مراكب الصيد البحري خاصة المتعلقة بحجم المراكب مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جهة وطاقة المستثمرين المالية، واعتبار مشاريع التحويل الأولي للمنتوجات الفلاحية من مشمولات وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية في كل الحالات (مندمجة في إطار مشاريع فلاحية أو غير مندمجة)، إلى جانب إعفاء كل التجهيزات الخاصة بالمشاريع الفلاحية والصيد البحري، والخدمات المرتبطة بها، والتحويل الأولي من الأداء على القيمة المضافة.
فهذا القطاع المهم والحيوي في اقتصاد البلاد يحتاج إلى توحيد الهياكل المكلفة بتشجيع الاستثمار، وتمكينها قدر الإمكان من الاستقلالية وتبسيط الإجراءات الإدارية، فضلا عن تأهيل مكاتب الدراسات الخاصة بالقطاع الفلاحي ومنح الأولوية للمهندسين الفلاحيين بهدف ضمان جدوى الدراسات المنجزة، وتأهيل قطاع التأمين حتى يشمل أقصى ما يمكن من مكونات الاستثمار بما يمثل ضمانة للبنك وللمستثمر على حد سواء.