أجمع المتدخلون في الملتقى الاول لجبهة الاصلاح وهو حزب ذو مرجعية سلفية حصل مؤخرا على تأشيرة العمل القانوني على التمسك بالشريعة الإسلامية عقيدة ومنهج حياة ونظام حكم مؤكدين على أن «الاسلام شريعة متحركة صالحة لكل زمان ومكان». وحضر هذا الملتقى الذى انعقد أول أمس الأحد في قصر المؤتمرات بالعاصمة تحت شعار «الشريعة مسارنا والإصلاح خيارنا» رئيس حزب حركة النهضة وعدد من السياسيين والمحامين والقضاة اضافة الى ناشطين في المجتمع المدني.
الثبات... والمرونة
وفي تقديمه لهذا الحزب قال محمد خوجة رئيس الجبهة «نحن ببساطة مسلمون نؤمن بالإسلام عقيدة ومنهج حياة نتمسك بالكتاب والسنة ونلتزم بهما قولا وعملا، عقيدتنا هي أساس فكرنا وركيزة تربيتنا وهي عقيدة أهل السنة والجماعة بفهم سلف الأمة الصالح».
وأكد خوجة البعد الشمولي للإسلام و قدرته على استيعاب كل أنماط الحياة بتوازنه واعتداله قائلا في هذا الصدد: إنّ «اسلامنا يجمع بين الثبات والمرونة ويؤمن بالتعايش السلمي وبتدافع الحضارات لا بصراعها» مضيفا في نفس السياق «نحن ننظر الى الإسلام كقوة دافعة وطاقة بناءة وفكر تقدمي وتركيبة جامعة بين المادية والروحانية».
كما شدد على ارتباط الدين بالسياسة وعلى عدم الفصل بين الدولة والدين وعلى ان الشريعة الاسلامية هي المرجع في نظام الحكم قائلا إنّ «الله يعبد في المساجد كما يعبد في البرلمانات وفضاءات الحكم والتشريع والاسلام بمصدريه القرآن والسنة جاء بشريعة متحركة في ثبات متحركة بحراك المجتمع وثابتة ثبات الوحي وهي صالحة لكل زمان ومكان».
وقدم فؤاد بن صالح عضو المكتب السياسي ومدير العلاقات الخارجية بالجبهة محاضرة بعنوان «الدين والدولة في الفكر السياسي الاسلامي» اكد فيها بالخصوص أن السياسة في نظر جبهة الاصلاح هي «ادارة شؤون الناس بما يرضي الله وهي عقد بين الحاكم والمجتمع على أساس قيم العدل والمساواة وتحكيم الشرع».
وعن علاقة الديني بالسياسي اعتبر المحاضر ان المظلة الدعوية لا تكفي وان المظلة السياسية هي الفريضة الغائبة داعيا الى ضرورة الربط بين الدين والسياسة ومنتقدا المفاهيم التي تقوم عليها الدولة المدنية والتي «تقصي الدين والشريعة عن نظام الحكم» حسب قوله.
كما اعتبر بن صالح ان مفهوم المواطنة يقوم على اعطاء الحقوق للأقليات بما يمكنها من الحكم وتولي أمر الأمة في حين ان الاصل في التشريع الاسلامي حسب رأيه ان لا يتولى أمر الامة الا المسلمون، وانتقد الديمقراطية بمفهومها العلماني معتبرا انها يمكن ان «تبيح حراما وتحرم حلالا باسم سيادة الشعب».
الشريعة وتطبيقاتها
أما صالح البوعزيزى الناطق الرسمي باسم الجبهة فقد عرف الشريعة بانها «السعي إلى ضبط الافراد والجماعات وسائر المؤسسات بمرجعية الوحي وفق المصلحة والمفسدة» ونفى في هذا الصدد أن تكون الشريعة مقتصرة على الجانب الجنائي المرتبط بإقامة الحدود مؤكدا أنها تشمل كل جوانب الحياة ومقترحا اعتماد مبدإ التدرج في تطبيقها.
وتوجه بنداء الى من أسماهم «شباب الصحوة الاسلامية» داعيا اياهم الى المساهمة في عملية الاصلاح والبناء ومقارعة الفكر بالفكر ونبذ العنف، كما دعا الفرقاء السياسيين الى التواصل مع الجبهة والبحث عن المشترك واصفا التيارات العلمانية بأنها «تعيش غربة مكان وزمان وتعزف خارج اطار العمق التاريخي للأمة».
وعن التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لجبهة الاصلاح قال عزالدين مصباح إن الجبهة ملتزمة بمبادئ الاقتصاد الاسلامي كما نصت عليها أمهات كتب الاقتصاد الاسلامي التي تعتمد على الأحكام الإسلامية.
وانتقد في هذا السياق ما وصفها ب «الخيارات الاقتصادية الفاشلة» التي تم اعتمادها طيلة العشريات الاخيرة ولم تخلف حسب رأيه الا «اقتصادا هشا أدى الى تراكم المديونية وعجز ميزانية الدولة المتواصل واسهم في اختلال النسيج الاجتماعي وارتفاع نسب التضخم».