برز على المشهد السياسي العربي انقسام حاد بين الدول العربية حول بعثة المراقبين ومدى التزام دمشق بالبروتوكول... فيما كذبت الجامعة العربية روايات المنسحبين من فريق بعثتها إلى دمشق مشددة على استمرار مهمتها المنوطة بعهدتها. وفي تلازم وتماهِِ في الخطاب شكلا ومضمونا أكدت واشنطن والدوحة على أن الشكوك باتت تتزايد حول بعثة المراقبين في سوريا. هجوم على البعثة والأسد وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية في سوريا لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى. وأضافت في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير خارجية قطر حمد بن جاسم : أعتقد أنه من الواضح لي ولبن جاسم ان بعثة المراقبين ينبغي ألا تستمر إلى أجل غير مسمى... لا يمكن أن نسمح للنظام السوري ان يفلت من العقاب. على حدّ زعمهما معا. وعلقت على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد بالزعم «أنه بدلا من تحمل المسؤولية فما سمعناه من الرئيس الأسد في خطابه الذي ينطوي على «سوء نية بشكل مفزع» حسب قولها لم يكن سوى انتحال أعذار وإلقاء اللوم على دول أجنبية وأضاف أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها سينتظرون التقرير النهائي بشأن بعثة المراقبة عندما ينتهي أجل تكليفها في التاسع عشر من جانفي الجاري. وبذات النغمة والمصطلحات كرّر حمد خطاب هيلاري حيث قال إن الشكوك تتزايد بشأن فاعلية المراقبين وإنه لا يرى إلى الآن ان البعثة ناجحة حسب تقييمه. وأضاف ان التقرير النهائي قد يساعد في تحديد الخطوات التالية بشأن الأزمة ولم يحدد بالضبط ما يقصدون من عبارة «الخطوات التالية» إلا أنه لمح إلى خيار التدويل عبر إشارته إلى أنه يأمل في حل الأزمة السورية إلا أن الحكومة السورية لاتساعدهم حاليا. إلا أنه في الطرف المقابل من هذا الخطاب السياسي ذي العناوين التصعيدية التدويلية أخذت الجزائر موقفا قد يساهم ولو جزئيا في إحداث التوازن بين الاقطار العربية في موقفها حيال سوريا. الجزائر تتدخل حيث عبرت الجزائر على لسان قائد ديبلوماسيتها مراد مدلسي عن اعتقادها بأن الحكومة السورية اتخذت خطوات لنزع فتيل الأزمة في البلاد مشيرا إلى أن حمل المعارضة للسلاح ينذر بأعمال عنف أوسع نطاقا وأضاف مدلسي : قد تكون هذه الخطوات غير كافية إلا أنها حقيقية مؤكدا أنه جرى إطلاق سراح بضعة آلاف من السجناء وهناك أيضا انفتاح لوسائل الإعلام... قد يكون انفتاحا غير كامل إلا أنه حقيقي. وما بين هذين الخطابين، استبقت جامعة الدول العربية كل من تسول له نفسه الانسحاب من بعثتها إلى دمشق عبر تأكيدها أن رئيس البعثة هو المكلف والمعتمد الوحيد للإدلاء بتصريحات حول عمل الوفد العربي. تكذيب ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عن ديبلوماسي عربي قوله إن ما ذكره أنورمالك المراقب الجزائري المنسحب عار تماما من الصحة فقد كان ملازما للفراش في مقر إقامته بأحد الفنادق السورية بسبب مرضه. وأضاف أن مالك تابع للجنة العربية لحقوق الانسان ومقرها باريس ويخدم أجندات أجنبية وتربطه علاقة مصاهرة مع رئيس المجلس السوري المعارض برهان غليون. بدوره، أكد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي أن الناطق الرسمي الوحيد باسم فريق المراقبين هو الفريق الدابي أما ما يتعلق باسم شخص من المراقبين جاء في إطار منظمة حقوقية تعنى بحقوق الانسان من أوروبا وكلامه في الإعلام فنحن لا نريد التوقف عنده أو التعليق عليه وما يصدر عن الدابي هو المعتبر أما ما دونه سواء أكان من يزايد أو ينافق فهذا لا يعبر عن الجامعة أو بعثتها أو أي شيء آخر. ونقلت مصادر إعلامية متطابقة عن عضو ثان في الفريق نيته الانسحاب والمغادرة من سوريا بحجة ان البعثة لا تخدم المواطنين ولا تقدم أي شيء. من جهته قال عدنان الخضير رئيس غرفة عمليات المراقبة بالجامعة إن المراقبين سيستأنفون خلال الساعات القادمة عملهم بعد توقفهم لمدة يومين عقب هجوم اللاذقية نافيا تعليق ارسال المراقبين إلى سوريا. ومن جانبه، قال رئيس بعثة مراقبي جامعة الدول العربية في سوريا الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي في وقت لاحق من مساء أمس إن ما ذكره أحد المراقبين على إحدى القنوات الفضائية «لا يمت للحقيقة بصلة» مشيرا إلى أنه ليست هناك أية صعوبات في عمل البعثة. وشدّد الدابي، في تصريح للصحافيين في دمشق، على أن «ما صرح به المراقب أنور مالك عبر إحدى القنوات الفضائية لا يمت للحقيقة بصلة»، مشيراً الى أن «ما قاله ليس صحيحاً». وقال إن «مالك منذ أن تم توزيعه ضمن فريق حمص، لم يغادر الفندق طيلة 6 أيام ولم يشارك أعضاء الفريق النزول إلى الميدان، متعللاً بمرضه الذي يحول دون مرافقة الفريق في جولاته داخل حمص». وأضاف أن «مالك» وقبل مغادرته دمشق بيوم طلب السماح له بالسفر للعلاج في باريس وتمت الموافقة له، لكنه غادر قبل اتخاذ الإجراءات التي تستلزم سفره ومن دون أن يسلّم العهدة التي تسلمها لمشاركته في المهمة في حمص، ولم ينتظر استخراج تذكرة للسفر وسافر على حسابه الخاص». ولفت رئيس بعثة مراقبي الجامعة الى أن مالك حنث بالقسم الذي أدّاه، إضافة الى أن ما صرّح به إنما يقع على مسؤوليته الشخصية وهو ما يؤكده أعضاء الفريق الذي ذهب إلى حمص. ودعا وسائل الإعلام إلى تحري الدقة في ما تنشر، وأن تلتزم برسالتها في المنهجية والموضوعية.