هي رسامة وبارعة في صناعة الخزف ولأنها تعشق كل ما هو فني وتقليدي بعثت السيدة عايدة باللاغة مشروعا ثقافيا ساهم في تنشيط السياحة الثقافية في جهة الوطن القبلي وبالتحديد «بتكرونة». فبين آثار «تكرونة» الضاربة في عمق التاريخ شيدت السيدة عايدة باللاغة فضاء ثقافيا وسياحيا أطلقت عليه اسم «الصخراء الزرقاء» تكريما منها للأستاذ المرحوم الطاهر قيقة صاحب كتاب «الصخرة الزرقاء» أصيل منطقة تكرونة. سعيا منها للمحافظة على التراث وعلى تنشيط السياحة الثقافية واضفاء حيوية جديدة على منطقة تكرونة المتميزة بآثارها البونيقية وخلق قطب سياحي جديد كان مشروع الفضاء الثقافي والسياحي الذي يضم متحفا يحتوي على كل مظاهر وأدوات منزلية بربرية تقليدية ويضم هذا المتحف حوالي 250 قطعة أثرية ترصد عصور الأدوات المنزلية المستعملة في التنظيف والطبخ والصيد عبر قرون عديدة. وتقول السيدة عايدة باللاغة إن هذا المتحف هو عصارة مجهود جبار ولم يخرج الى النور إلا بعد جهود مضنية تمثلت بالأساس في تحملي للعديد من المشاق حيث اضطر يوميا لقطع مسافة تقدر ب220 كلم ذهابا وايابا من منزلي إلى تكرونة موطن أجدادي للإشراف على هذا المشروع الثقافي البحت. بالاضافة الى ذلك أنفقت مبالغ مالية هامة من أجل اعادة ترميم وتهيئة الاطار المكاني وهذا الأمر لم يخل من الصعوبات فقد كنت مضطرة لاستعمال مواد البناء نفسها التي بنيت بها الآثار القديمة التي أصبحت نادرة الآن وباهظة الثمن وحتى طريقة البناء كانت تتطلب مني ايجاد يد عاملة مختصة وهذا الأمر في حد ذاته صعب ومكلف من جهة أخرى كان لا بد من القيام بدعاية اعلامية للتعريف بهذا الموقع السياحي والثقافي الجديد وبذلك قمت بالاتصال بجميع وكالات الأسفار الأجنبية والتونسية الموجودة بتونس وحتى الموجودة بالخارج وأسست موقعا الكترونيا وخصصت معلقات اشهارية عن قرية تكرونة والتعريف بموقعها الجغرافي اما المشكل فتمثل في صعوبة الحصول على رخصة من معهد المحافظة على التراث. **لهؤلاء أدين بنجاح مشروعي وتضيف السيدة عايدة باللاغبة نجاح مشروعي لم يكن بالأمر الهين فبالاضافة الى مجهوداتي الشخصية ورغبتي الملحة في اثبات ذاتي وتدوين اسمي ضمن قائمة الساعين للمحافظة على تراث تونس ولا أنكر أن هذا المشروع ولد وبعث للوجود بعد وقوف عدة أطراف الى جانبي وأذكر منهم بالخصوص السيد منذر الزنايدي الذي ساعدني كثيرا من أجل حصولي على الرخصة التي تخو^ّل لي تأسيس مشروعي الثقافي أثناء وجوده على رأس وزارة السياحة انذاك. كما أدين بنجاح مشروعي الى الاستاذ الفنان والرسام والمبتكر في مجال صناعة الخزف والصناعات اليدوية التقليدية السيد علي باللاغة وهو أستاذي الذي تعلمت على يديه أصول الرسم وصناعة الخزف فهذا الرجل مدني بكل القطع الأثرية البربرية وساعدني على تأثيث المتحف في مختلف الأدوات التي كان يستعملها سكان قرية تكرونة منذ آلاف السنين. ولا أنسى كذلك مدى التشجيع الذي لقيته من زوحي الذي آمن بقيمة المشروع الذي عقدت العزم على بعثه فقد وفر لي مختلف الحاجيات سواء كانت مادية أو معنوية لبناء المتحف وتشغيله. وتضيف السيدة عائدة قائلة لا يمكنني أيضا أن أنكر تعاون أهالي تكرونة معي وحرصهم على انجاح هذا الفضاء الثقافي والسياحي ايمانا منهم بجدوى ومنفعة هذا الفضاء لكافة سكان المنطقة والبلاد التونسية ككل وتمثلت مساعدتهم لي بالأساس في مجهوداتهم الجبارة التي بذلوها سواء من خلال جلب مواد البناء ونقلها الى المتحف أو تمكينهم من بعض القطع الأثرية النادرة لاثراء المتحف. **نظرة طموحة تنظر السيدة عائدة باللاغة الى المستقبل بنظره كلها تفاؤل وأمل وترى أن النجاح الذي حققته من خلال تزايد عدد السياح والتونسيين المقبلين على اكتشاف فضاء «الصخراء الزرقاء» غير كاف وأن طموحها أكبر من ذلك بكثير فهي تطمح الى توسيع المتحف حتى يتسع الى آلاف القطع الأثرية وكذلك بناء مطعم مختص في تقديم الأكلة التونسية التقليدية هذا على المستوى الشخصي أما على مستوى أوسع فيتمثل طموحها في وضع برنامج عام من قبل وزارة السياحة يتمثل في احداث ورش حية مختصة في الصناعات التقليدية واليدوية كالنسيج والخزف والفخار وغيرها من الأنشطة التي من شأنها أن تضفي الحركية على قرية تكرونة وجعلها قطبا سياحيا جديدا.