تعتزم المملكة العربية السعودية تنظيم محادثات سلام لوقف الحرب الروسية الاوكرانية بمشاركة اكثر من 40 دولة ، وهو أهم تحرك عربي ودولي خلال هذه الفترة التي تشهد احتدام الصراع خاصة في شرق اوكرانيا. إضافة الى تزامن هذا التحرّك الديبلوماسي الخليجي مع تعليق اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود ، وهو الملف الذي ارعب عديد الدول الراغبة في الحصول على الحبوب ووضع حد لشبح المجاعة الدولية. ويسود تفاؤل حذر حيال فرص نجاح هذه القمّة المرتقبة، التي تسبقها اجتماعات تمهيدية تنطلق اليوم السبت ، على اعتبار ان للمملكة السعودية علاقات متينة وقوية مع طرفي الصراع خاصة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتواصل بشكل ايجابي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وكذلك للمملكة علاقات قوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي الذي حضر القمّة العربية الاخيرة التي احتضنتها جدة في شهر ماي الماضي بعد استدعائه من قبل القيادة السعودية التي تعهدت بتقديم مساعدات مادية لكييف. وما يجعل الآمال والتطلعات تتوسع بخصوص هذه القمّة هو نجاح السعودية خلال الفترة الماضية في التوصل الى تفاهمات هامة بين روسيا وأوكرانيا في ملف تبادل أسرى الحرب بعد وساطة قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووافقت خلالها روسيا على الإفراج عن أسرى من مواطني المغرب وأمريكا وبريطانيا والسويد وكرواتيا. وهي خطوة تحسب للدبلوماسية السعودية التي نجحت في هذه المهمة الإنسانية الحساسة بعد ان عجزت بقية القوى الدولية المتشدقة بثقلها السياسي والأمني عن ذلك. وتكتسي قمّة السلام المرتقبة التي تقودها السعودية أهميتها كذلك من الدور الديبلوماسي السعودي على المستوى الإقليمي والدولي خاصة بعد رعايتها لعديد المبادرات السياسية في عدة دول كلبنان والعراق وليبيا. هذا اضافة الى دورها البارز في التوصل الى تفاهمات في الملف السوداني. فالرياض رعت مؤخرا محادثات سلام بين طرفي النزاع في السودان واقنعت الخصوم بالمفاوضات وتم التوصل الى اتفاقيات لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين قبل ان تنهار الهدنة على وقع التعنت السياسي لفرقاء السودان. فالشيء الإيجابي الذي يبشر بإمكانية التوصل إلى اتفاقيات للسلام هو قدرة السعودية على اقناع كبرى القوى الدولية للانخراط في مسار الحل السياسي لما لها من علاقات جيدة مع عديد القوى الدولية كالصين وأمريكا والدول الأوروبية إضافة طبعا إلى علاقاتها مع روسيا وأوكرانيا. عيون العالم ستتجه خلال الفترة المقبلة إلى المملكة العربية السعودية وسط توقعات بأن تنجح في اختراق الصراع الروسي الاوكراني الذي ارهق العالم وكانت تداعياته سلبية وكارثية على أغلب الدول. ومن المنتظر وفق بعض التسريبات الأمريكية ان يقبل النظام الاوكراني بعدة شروط لوقف الحرب بحسب ما سرّبته الصحافة الامريكية حيث قال ضابط المخابرات الأمريكية السابق سكوت ريتر ان الدول الغربية ستجبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على التخلي عن جميع المطالب من روسيا خلال محادثات السلام في المملكة العربية السعودية. ورغم كل بوادر الانفراج والآمال المعلقة على قمة السعودية للسلام ، إلا ان هذه المحادثات لن تكون هينة و سيكون من الصعب ايقاف الحرب بشكل شامل بسبب حرص بعض الاطراف الغربية على إطالة أمد الصراع. ولكن من المتوقع ان تكون هذه القمّة السياسية منعرجا حاسما في مجريات الصراع الروسي الأوكراني وقد تصبح هذه القمّة السعودية بمثابة الارضية الصلبة لأي مفاوضات مستقبلية للتوصل الى تفاهمات كبرى لوقف الحرب بشكل نهائي. ناجح بن جدو