13 لوحة بين السريالي والتشخيصي وظفت فيها تقنيات وشّحت بها الفنانة التشكيلية نجوى بالفقيه الغنوشي فضاء قاعة «أدونيس» بكلية الآداب بسوسة. مكتب الساحل (الشروق) هو معرض من معارضها العديدة وهو خلاصة أكثر من عشرين سنة في مجال الفنون التشكيلية. وإن اختلفت التقنيات المستعملة من الزيتي، الأكريليك والزيتي الباستيل وتعددت الألوان والتي طغى عليها الأزرق فإن المعاني والتعابير يحركها الحدس فلا لوحة حُدّدت مواضيعها أو موادها مسبقا حسب ما أكّدته الفنانة نجوى بل إنها تضع جميع الألوان والمواد أمامها في ورشتها وما إن تقف أمام لوحتها البيضاء حتى تأخذها الإرهاصات والتداعيات والإلهامات إلى عالم آخر تحول المساحة البيضاء إلى مشاهد وجدانية وجودية فكرية فلسفية يمتزج فيها الواقع بالخيال. ولا تخلو هذه اللوحات من حضور قوي للمرأة سواء بالتصريح أو بالتلميح إلى جانب مكانين لا زمن يحددهما وهما السماء والبحر، وإن لم يتجليا بوضوح في لوحات فإن لونهما الأزرق الرمزي يطغى على أغلب لوحاتها، مثلما تعجز الرسامة عن قراءة لوحاتها شفويا ليس نقصا ولكن لأنها ترى أن الفن التشكيلي لا لغة تحويه أو تشكله بل هو قراءة وجدانية يكون بطلها المشاهد فاللوحة متى انتهت من رسمها تصبح ملكا له وتبقى في لهفة لقراءاته مهما كان منبعها أو دوافعها فهي تستمد معاني لوحاتها من قراءة الآخر وتفاعلاته. وعن الدافع الذي جعلها مهووسة إلى هذا الحد بالفن التشكيلي قالت الفنانة نجوى «علاقتي بالألوان والرسم بدأت منذ الطفولة حيث وفر لي والداي عدة مواد ووجدت نفسي منغلقة على هذا العالم ومنفتحة على العالم الخارجي أستمد منه تشكلاته ومكوناته لأنقلها على الورقة كما رُسمت في مخيلتي، ولعلّ الشحنة الأكبر التي بقيت في لاوعيي وتجسمت بعد اكتمال الوعي تتمثل في نصيحة الزعيم الحبيب بورقيبة الذي التقيته في سن الخامسة من عمري عندما حملني أبي إلى كرنافال أوس سنة 1968 وحضنني بورقيبة وسألني عن اسمي وعن رغباتي فقلت له إني أحب الرسم وحدثته عن رسوماتي فقال بورقيبة لأبي «هذه البنت سيكون لها شأن كبير في الرسم شجعوها على ذلك وتوجه لي قائلا «لا تنقطعي عن الرسم وعندما تكون لك مجموعة من اللوحات ارسليها لي». وأضافت «بقيت تلك الكلمات مرتسمة في ذهني وفي وجداني أستمد منها عزيمة لا توصف مع دعم عائلتي والمقربين مني وعمّقت هذه الهواية بالدراسة والتكوين فلا أغيب عن تربص داخل أو خارج تونس وكذلك زيارة مختلف المعارض حتى أصقل موهبتي ولا زلت أتعلم وتمكنت من تحقيق بصمة خاصة بي وتأثرت في بداياتي بكلود موني، هونري ماتيس سلفادور دالي والفن بالنسبة لي هو إحساس وإلهام ودخلت هذه الفترة في فن النحت وسأعرض قريبا عدة لوحات في هذه التجربة».