رئاسية 2024: الإعلان عن نتائج الانتخابات سيكون من قصر المؤتمرات بالعاصمة    منظمة الأعراف : ''لا يمكننا إجبار الغرفة الوطنية لأصحاب الفضاءات التجارية الصغرى على الانخراط في الاتفاقية الجديدة''    تونس تستضيف ولأول مرة منتدى الطاقة المتجددة في افريقيا    بنزرت: النظر في الاجراءات الكفيلة باستكمال انجاز مشروع سد الدويميس    سيدي بوزيد: تواصل حملات مراقبة المطاعم والمطاعم الجامعية والمبيتات المدرسية    150 سيارة كهربائية فقط في تونس رقم ضئيل لا يرتقي للتطلعات    مصر والأردن والعراق: إسرائيل تدفع المنطقة إلى حرب شاملة    عاجل : حريق بمجمع حبوب بمعتمدية السرس    غدا نهائي بطولة إفريقيا لكرة اليد أصاغر: المنتخب الوطني يواجه نظيره المصري.    المدافع الفرنسي رافايل فاران المتوّج بكأس العالم 2018 يعتزل    المنزه : تفكيك عصابة دولية مختصة في ترويج الأقراص المخدرة    الولايات المتحدة تمول مبادرة شبابية لإكتشاف التراث الثقافي في القصرين    سحب مُضاد حيوي : وزارة الصحة تطمئن التونسيين    الجامعة التونسية لكرة السلة: إلغاء الجلسة العامة العادية الإنتخابية.    مبابي مهاجم ريال مدريد يعاني من إصابة عضلية    رسمي: انخفض ب 10 دنانير...هذا سعر تلقيح ''القريب''    بلدية صفاقس:جلسة عمل لمواصلة التنسيق والإعداد لإنجاز مشروع الحديقة الذكية النموذجي "SMART GARDEN"    في شواطئ الشابة وسلقطة: البحر يلفظ 13 جثة.    الكاف: حادث مرور يُسفر عن وفاة شخص واصابة آخر    الافراج عن الطالبة مودة الجماعي    لجنة التشريع تواصل النظر في مقترح القانون المتعلق بتنقيح قانون الانتخابات والتصويت عليها    تفاصيل القبض على مروج مخدرات بحوزته مواد مخدرة من الكوكايين والقنب الهندي..    الدائرة الجنائية تصدر حكمها على رجل الأعمال لطفي عبد الناظر وصهر الرئيس السابق بلحسن الطرابلسي..    هيئة الإنتخابات تصدر بلاغًا هاما..#خبر_عاجل    عاجل/ حزب الله يعلن مقتل هذا القائد في غارة صهيونية على ضاحية بيروت..    سحب نوع من دواء ''أوڤمونتان'' من الصيدليات لهذه الأسباب    كميات الأمطار المُسجلة اليوم    التيكتوكوز ''وحش الكون'' وبناتها في قبضة الامن    المجمع المهني للصناعات السينمائية يختتم يوم الخميس ورشات التفكير المخصصة لبحث مشروع إصلاح هيكلي للقطاع    الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس ..وهذا موعده..    أقل الدول معرضة للمخاطر السيبرانية في العالم 2024    الحماية المدنية:377 إصابة خلال 24ساعة.    مفزع/بالأرقام: هذه حصيلة المحجوزات الديوانية خلال سنة 2024..    تونس: 1200 موقع واب فقط يعتمد الدفع الالكتروني    مدعومة بتحسن الطلب: السياحة الدولية تستعيد نسق تطورها    عاجل : أمريكا تعفي دولة عربية من'' الفيزا''    الرابطة الأولى: تشكيلة إتحاد بن قردان في مواجهة النادي الصفاقسي    الرابطة الأولى: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة مستقبل سليمان    وزير الصحة يدعو إلى تسريع إستكمال برامج الرقمنة الصحية    المرشد الإيراني: قوة حزب الله أكبر من أن تنهزم أمام إسرائيل والاغتيالات لن تهزه    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    النجم الساحلي: تأهيل آخر المنتدبين .. وإدارة الأولمبي الباجي تطالب بمنحة تكوين هذا اللاعب    استعداد الجانب الياباني لمزيد تطويره وتدعيمه لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة في تونس    2 أكتوبر: الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس    اليوم..الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس    أغلب التونسيين في لبنان يعملون كإطارات في قطاعات التعليم العالي والطب والخدمات والسياحة    حالة الطقس اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024..    الأمن، عمليات الترحيل وتجنيس الأجانب... أبرز مقترحات وزير الداخلية الفرنسي الجديد بخصوص الهجرة    إسبانيا.. "براد بيت مزيف" يحتال ب360 ألف دولار على امرأتين    متابعة تنفيذ توصيات لجنة التراث العالمي باليونسكو الخاصة بملف إدراج جزيرة جربة على لائحة التراث العالمي    الشاعر والروائي عبد الجبار العش في ذمة الله    كسوف حلقي للشمس يوم 2 أكتوبر 2024 : هل سيشاهده التونسيون ؟    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة السادسة لأيام قرطاج لفنون العرائس    سحب هذا المضاد الحيوي: هيئة الصيادلة توضّح    سرقة ''ألماس'' أحمد سعد في ايطاليا    متحور جديد من كورونا ينتشر بسرعة في 15 دولة    الرابطة الاولى - حسام بولعراس يقود مباراة الملعب التونسي ونجم المتلوي ونضال بن لطيف حكما للقاء الاتحاد المنستيري والنجم الساحلي    المتحف الوطني بباردو: افتتاح معرض "صلامبو من فلوبار إلى قرطاج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في الحصانة التي يتمتع بها أعضاء مجلس نواب الشعب
نشر في الشروق يوم 11 - 11 - 2019

ظهرت خلال الفترة الأخيرة وبمناسبة الانتخابات التشريعية التونسية مجموعة من الحملات التي انتشرت بصفة ملحوظة عبر وسائل الإعلام وخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول الحصانة التي يتمتّع بها أعضاء مجلس نواب الشعب. ولتوضيح معنى الحصانة والغاية منها وكيفية رفعها عن النّواب التونسيين، نساهم بهذه القراءة.
تكفل الدساتير لأعضاء المجالس البرلمانية حصانة وذلك لعدم مؤاخذتهم عمّا يبدونه من أفكار وآراء خلال ممارسة أعمالهم سواء في الجلسات العامة أو في أعمال اللجان البرلمانية وهو ما يطلق عليه عدم المسؤولية البرلمانية. كما لا يجوز بالحصانة اتخاذ أية اجراءات جزائية ضد عضو مجلس الشعب (ما عدا حالة التلبس) إلا بعد رفع الحصانة عليه.
وتزول هذه الحصانة عن عضو البرلمان إذا ضبط في حالة تلبس إذ أن حالة التلبس هي حالة تسقط معها الحصانة لأن الجريمة تكون مؤكّدة.
ظهرت الحصانة البرلمانية في انقلترا سنة 1688 على أثر قيام الثورة الإنقليزية وإقرار الوثيقة الدستورية، حيث نصّت هذه الوثيقة على أن حرّية القول والمناقشات والإجراءات داخل البرلمان لا يمكن أن تكون سببا للملاحقة القضائية أو محلا للمساءلة أمام أي من المحاكم. وإقرار هذه الحصانة كان أساسا لحماية النواب من سلطات الملوك، وليس حمايتهم من المواطنين. وكانت هذه الحصانة مقتصرة على الدعاوى المدنية إضافة إلى الإجراءات الخاصة بالدعاوى الجزائية البسيطة.
ولهذا فقد كان من الممكن دائما القبض على عضو البرلمان في أي جريمة دون رفع الحصانة عليه، كما استثنت من الحصانة البرلمانية الجرائم التي ترتكب من أعضاء البرلمان ضدّ المحاكم وقد أطلق على هذه الجرائم "جرائم إهانة المحكمة". وقد حدث تطور هام خلال القرن الثامن عشر في مجال الحصانة البرلمانية بصدور قانون ينظم أحكامها ويضع بعض القيود والضوابط لكيفية مباشرتها.
أما في فرنسا فقد أقرت الحصانة في معظم المواثيق الدستورية بنفس المضمون الذي كانت عليه في المواثيق الإنقليزية، فقد وقع التنصيص عليها في قرار الجمعية التأسيسية الفرنسية الصادرة سنة 1789، ثم في دستور سنة 1791، ثم في دستور 1795 وكذلك كل الدساتير المتتالية.
أما بالنسبة لتونس فقد تضمّن دستور 1959 فصلين حول الحصانة البرلمانية (26 و27). أقرّ الفصلان أنّه لا يمكن تتبّع عضو مجلس النواب أو مجلس المستشارين ( أضيف بعد تنقيح سنة 2002) أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها أو أعمال يقوم بها لأداء مهامه النيابية داخل كلّ مجلس. كما لا يمكن تتبّع أو إيقاف أحد أعضاء مجلس النواب أو مجلس المستشارين طيلة نيابته في تهمة جنائية أو جناحية ما لم يرفع عنه المجلس المعني الحصانة. أما في حالة التلبس بالجريمة فإنه يمكن إيقافه ويعلم المجلس المعني حالاّ على أن ينتهي كل إيقاف إن طلب المجلس. وخلال عطلة المجلس يقوم مكتبه مقامه.
أما بالنسبة لدستور الجمهورية الثانية (دستور 2014)، فقد تضمن في فصله 68 ما يلي: "لا يمكن إجراء أيّ تتبّع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو بمجلس نواب الشعب، أو إيقافه، أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها، أو أعمال يقوم بها في ارتباط بمهامه النيابية." أما الفصل 69 حول التمسّك بالحصانة وحالة التلبس، فقد أقرّ، أنّه إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة، فإنه لا يمكن تتبّعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة. أمّا في حالة التلبّس بالجريمة فإنّه يمكن إيقافه، ويعلم رئيس المجلس حالّا على أن ينتهي الإيقاف إذا طلب مكتب المجلس ذلك.
أما بالنسبة للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب فقد خصّ الحصانة بباب كامل وهو الباب الرابع الذي يحتوي ستة فصول (الفصول من 28 إلى 33). ونجد في هذه الفصول:
يتمتّع عضو مجلس نواب الشعب بالحصانة طبقا لأحكام الفصل 68 من الدستور. ويمكن للنائب المعني عدم الاعتصام بالحصانة.
يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المقدم من السلطة القضائية مرفقا بملف القضيّة إلى رئيس مجلس نواب الشعب. ويتولّى رئيس المجلس إعلام المعني وإحالة طلب رفع الحصانة ومرفقاته إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تتولّى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة أحد زملائه من الأعضاء لإبلاغ رأيه أمام اللجنة. تتولّى اللجنة النظر فيما يعرض عليها من ملفات وإعداد تقارير في شأنها في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة. ترفع اللجنة تقريرها إلى مكتب المجلس الذي يحيله إلى الجلسة العامة.
ولا يجوز لأي عضو لا ينتمي إلى هذه اللجنة حضور أشغالها إلا للإدلاء بأقواله أو الإجابة على أسئلة اللجنة وفي حدود المدة الضرورية للاستماع إليه.
عندما يكون المعني بطلب رفع الحصانة عضوا بهذه اللجنة، تنظر اللجنة في ملفه دون حضوره إلى حين رفعها التقرير بشأنه.
ويتم طلب إنهاء إيقاف عضو باقتراح من عضو أو أكثر وبقرار يتخذه المجلس على ضوء تقرير لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية الذي يتم تقديمه في أجل أقصاه ثماني وأربعون ساعة وبعد الاستماع إلى صاحب الاقتراح أو إلى أول من أمضى في تقديمه.
ينظر المجلس في هذه الطلبات على ضوء التقرير الذي تعده اللجنة والذي يوزع على كافة الأعضاء قبل انعقاد الجلسة العامة. ويتمّ الاستماع إلى تقرير اللجنة ثم إلى العضو المعني إذا رغب في ذلك أو لمن ينيبه من زملائه الأعضاء. ثم يتخذ المجلس قراره في خصوص طلب رفع الحصانة أو إنهاء الإيقاف بأغلبية الحاضرين من أعضائه. ويتولى رئيس المجلس إعلام من يهمهم الأمر بقرار المجلس. وتكون الجلسات المتعلقة بالحصانة سرية. وإذا اتّخذ المجلس قراره برفض طلب رفع الحصانة أو اقتراح إنهاء الإيقاف، فإنه لا يمكن تقديم طلب أو اقتراح ثان يتعلق بنفس الأفعال التي كانت موضوع الطلب الأول أو الاقتراح المرفوض.
وبالتّالي فإن النائب وبنصّ الدستور محصّن ضد أيّ تتبع قضائي أو إيقاف أو محاكمة لأجل آراء أو اقتراحات أو أعمال مرتبطة بمهمته وهذا أمر ضروري لحسن أدائه ولتوفير كل الضمانات له.
أما بالنسبة للحالات الأخرى ومنها إقرار الدستور عدم إمكانية التتبّع طيلة المدة النيابية إذا تمسك النائب بالحصانة وكذلك تقديم النظام الداخلي لضمانات كبيرة تبدو في ظاهرها مرتبطة بجملة من الإجراءات الداخلية، إلا أنها تزيد في تحصين النائب ضد أي تتبع قضائي. ويعتبر تنقيح الفصول الواردة بالنظام الداخلي خلال المدة النيابية القادمة أمرا ضروريا لإيجاد توازن بين الضمانات المقدّمة للنائب والتحصين النهائي أمام التّتبّعات القضائية. كما أن إقرار مدوّنة سلوك خاصة بالنواب تفرض عليهم التقيّد بمجموعة من الضوابط داخل المجلس وخارجه ستساهم في الحد من طلبات رفع الحصانة.
عبد الباسط الحسناوي
(متصرف رئيس بمجلس نواب الشعب)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.