توترات ،وصراعات ، وانقسام وحملات تشويه ..ومعطيات تنخر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من الداخل ،لعب رئيسها دورا أساسيّا فيها ممّا يدفع الى طرح استفهام جوهري حول إمكانية تحويل وجهة عملها والسطو على قرارها . تونس الشروق: صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ،ومدونون ،وأعضاء سابقون في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتناقلون بشكل مُكثّف محاولة أطراف حزبية السطو على هيئة الانتخابات ودفع عدد من أعضائها الى الاستقالة . وينتصرون إلى رئيس الهيئة نبيل بفّون واصفين إيّاه «برجل الدولة « الذي يقف ضد مؤامرة تستهدف تقويض مسار الانتقال الديمقراطي في تونس . كل هذا لم تُصدر الهيئة ولو بيانا توضيحيّا يضع النقاط على الحروف ويوضّح للرأي العام التونسي حقيقة ما يحدث داخل الهيئة . انقسام مجلس الهيئة حقيقة الأمر تتمثّل في أن مجلس هيئة الانتخابات يشهد منذ فترة ،وتحديدا منذ تجديد أعضائها وانتخاب أعضاء جُدد ،خلافات حادة مما جعله ينقسم الى «أنصار بفّون « وباقي المجلس . ويدفع أنصار بفّون إلى تمكين الرئيس من نفوذ أوسع وصلاحيات أكبر من التي منحها إياه القانون المُحدث لهيئة الانتخابات ، في حين تتمسّك المجموعة الثانية بأن كل ما يمكن أن تُمارسه الهيئة من مهام يخضع لتنصيص دقيق وفصول واضحة لا تخضع للتأويل . بدأ الخلاف من هذه النقطة ليمتد إلى تفاصيل أخرى . فالمجموعة التي وقفت على طرف نقيض لنبيل بفّون فوجئت أكثر من مرة بالزج بأسماء عناصرها في سياقات عدّة لا علاقة لها بها ،مثل الحديث عن ضغط حزبي يُمارس على هذه المجموعة لتقدّم استقالتها من الهيئة ،إضافة إلى التشهير بها والادعاء بأن لها انتماءات حزبية في حين يفرض القانون المُحدث للهيئة أن يكون أعضاء الهيئة مستقلّين ،أما عن التصويت الحزبي داخل البرلمان لهذه العناصر حتى تتمكن من عضوية الهيئة فهو ينسحب على نبيل بفون مثلما يشملها . مدير قاعة العمليات انطلقت الحملة ضد كل من نبيل العزيزي، وعادل البرينصي، وسفيان العبيدي وبلقاسم العياشي. حيث تواترت أسماؤهم في كل ما يُكتب عن الهيئة . ثم امتدت الى رضا الميساوي وهو مدير قاعة العمليات الخاصة بالتسجيل للانتخابات . فهذا الشخص الذي حقّق نجاحا باهرا بتحقيق مليون و 300 الف مسجل جديد في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة أصبحت تطاله سهام التشويه والزج باسمه في ملفات لا علاقة له بها ، بعد أن تردّد إسمه كانتداب ناجح في الهيئة ومُرشّح لعضويتها أو الحصول على موقع قيادي فيها . سلسلة من الحملات التي امتدت منذ فترة واتخذت نسقا تصاعديّا في الفترة الأخيرة وحلقات من التدوينات والنصوص التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ، لم تشمل سوى المجموعة التي دخلت في خلافات مع رئيس الهيئة نبيل بفّون وهو ما جعل أصابع الاتهام توجه اليه بشكل مباشر خاصة ان العناصر التي كتبت عن تفاصيل الاجتماعات المغلقة والجلسات الرسمية داخل الهيئة تُعرف بقربها من بفّون وعلاقتها الوثيقة به ،يُضاف هذا الى عدم نشر رئيس الهيئة نبيل بفون اي توضيح رسمي عما يتم نشره من تشويه للهيئة يمكن ان يعمّق أزمة الثقة في عملها . شبهة سياسية خارج سياقات ما يحدث داخل الهيئة من خلافات وإمكانية تأثير ذلك على العملية الانتخابية التي تفصلنا عنها أسابيع قليلة ،برزت داخل الهيئة معطيات أخرى أشد خطورة. فالخلاف بين رئيس الهيئة نبيل بفّون وباقي الأعضاء لم يعد مجرّد خلاف تقني اداري. بل امتد الى ما هو أخطر فالهيئة شهدت مؤخرا عملية انتخاب حاول من خلالها الأعضاء حسم ملف حزب حركة نداء تونس في ما يتعلق بالانتخابات الجزئية لبلدية باردو. وكان موضوع التصويت حسم ملف الشرعية القانونية إما لقائمة مجموعة الحمامات التي يتزعمها سفيان طوبال او لصالح مجموعة المنستير التي يتزعمها حافظ قائد السبسي . وبعد التصويت لصالح مجموعة سفيان طوبال ( 5 أعضاء مقابل 4) قام رئيس الهيئة بإلغاء النتيجة وتمزيق الوثائق مطالبا بضرورة إحالة الملف الى المحكمة ،بالرغم من أن بعض الأعضاء طالبوا منذ بداية الجلسة بضرورة إحالته الى القضاء لكنه رفض ذلك . واجب البرلمان في التحقيق خروج الملف من السياق التقني الإداري الى ما يشبه الشبهة السياسية ، التي أصبحت أقرب الى اليقين بالنسبة الى عدد من أعضاء الهيئة ،يجعل الامر أكثر خطورة في ظل محاولة تحويل وجهة حقيقة ما يحدث داخل الهيئة الى حديث عن عزم مجموعة بعينها تقديم استقالتها . وهذا الامر يدفع الى ضرورة عقد جلسة حوار مع رئيس الهيئة وأعضائها في البرلمان وحسم هذا الملف نهائيا وغلق الباب امام محاولة توظيف الهيئة لصالح أي حزب في الانتخابات التشريعية او مرشح للانتخابات الرئاسية . ولا يمكن في هذا السياق التعويل على أي مؤسسة أخرى باستثناء البرلمان باعتبار أن النصوص التشريعية أسست لرابط قانوني بين الهيئات الدستورية ومجلس نواب الشعب . *استمالة قرار الهيئة لا يمكن السطوة على قرارات الهيئة في علاقة بتغيير نتائج الانتخابات لكن يمكن استمالة قرارها في علاقة بالحملات الانتخابية وسبر الآراء ، وتجاوز الهيئة عن اخلالات أحزاب معينة في الحملات الانتخابية وعدم معاقبتها يجعلها تستفيد بشكل مباشر وغير مباشر من الهيئة .