Titre    عاجل: شاهقة مائية تظهر في قرقنة    اتّفاق مبدئي بين المكتب الجامعي والمدرب سامي الطرابلسي    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية في هذه الجهات..    الملاسين : محاصرة مجرم خطير محل 45منشور تفتيش    الدورة الثالثة لمهرجان الإبداع الفني في الصحراء "نجع الفن" من 27 أكتوبر الى 02 نوفمبر بدوز    مطار يمنع العناق لأكثر من 3 دقائق    مختصّة في أمراض الكلى: ماء الحنفية يحتوي على كميات أقلّ من النترات    رسميا: قطيعة بالتراضي بين الترجي الرياضي والبرتغالي "ميغيل كاردوزو"    عاجل/ ميناء حلق الوادي: ضبط أكثر من 1 كغ من الكوكايين على متن باخرة قادمة من الخارج    القيروان: 4 وفيات في حادث قاتل    كميّات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة المنقضية    خمس أسباب تدفعك للاستقالة من شركة طيران خليجية    27 نائبا يمضون على مقترح تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي    عاجل/ الحوثيون يستهدفون قاعدة عسكرية في "تل أبيب" بصاروخ باليستي    بطولة الكرة الطائرة للسيدات: تعيينات مواجهات الجولة الإفتتاحية    الشبيكة: ثلاثة قتلى واصابة ستة أخرين في حادث مرور    محمد صلاح يضع شرطا واحدا لتجديد عقده مع ليفربول...ماهو؟    الدورة السابعة من روحانيات من 30 أكتوبر إلى 2 نوفمبر    انطلاق اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين    نقابة الفلاحين تقترح على الدولة بيع لتر زيت الزيتون ب10 دينارات    صفاقس: إستئناف الدروس مع تأجيل الإمتحانات    عاجل/ معطيات وتفاصيل جديدة بخصوص قيام طبيبة ببث عمليّة جراحية في المباشر على "تيك توك"..    البنك الوطني الفلاحي: ارتفاع طفيف في الناتج البنكي الصافي موفى سبتمبر 2024    رسمي: الترفيع في طاقة استيعاب مراكز الفحص الفني    الصندوق العالمي للطبيعة يدعو الى بناء المواجل لمواجهة شحّ المياه في تونس    وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تنظم المشاركة التونسية في المعرض الدولي للفواكه والخضرمن 5 الى 7 نوفمبر 2025 ببرلين    الحرس الوطني يدعو الى توخي الحذر تحسبا لتساقط كميات هامة من الامطار بهذه الولايات    المهدية: تعليق الدروس بعدد من المعتمديات بسبب التقلبات الجوية    بريتني سبيرز... تثير الجدل بفستان زفاف وطرحة عروس    التقلبات الجوية: أبرز تدخلات الحماية المدنية خلال 24 ساعة الماضية..    محرز الغنوشي: الرجاء التنقّل الّا للضرورة القصوى بهذه المناطق    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    عاجل/ بسبب الأمطار: تأجيل الجلسات بجميع محاكم هذه الولاية إلى وقت لاحق..    تقرير: تعافي القطاع الفلاحي يدفع نمو الاقتصاد الوطني    سليانة: وضع 10 ألاف و150 قنطارا من البذور الممتازة منذ بداية الموسم بمراكز التجميع    الحكم ب 20 سنة سجنا على رئيس الأسبق لدولة بيرو    الفنانة شيرين تدخل موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية..ما القصة؟    "أعطونا ما سرقتم منا".. ملك بريطانيا يتعرض لموقف محرج في البرلمان الأسترالي    ما هي إشارات Bookmark المرجعية، وكيف تستخدمها على باب نات؟    عاجل/ رجة أرضية بهذه الولاية..    الحماية المدنية تسجيل 484 تدخل    اجتماع طارئ للجامعة العربية    المهدية: لجنة مجابهة الكوارث تقرر تعليق الدروس ب7معتمديات    النجم الساحلي يكشف عن التركيبة الجديدة للاطار الفني لاكابر كرة القدم بقيادة محمد المكشر    عملاق الزمن الجميل: جميل الدخلاوي ... وداعا    الدورة الثالثة لمهرجان نجع الفن...«رملة» مشروع موسيقي ضخم يجمع كريم الثليبي بزياد الزواري    ساقية سيدي يوسف ..يوم تنشيطي للترغيب في المطالعة    أصبح ظاهرة متفشية في مؤسساتنا التربوية .. التدخين يقتل أطفالنا في صمت !    وفاة الإعلامي جميل الدخلاوي    مستقبل قابس ينهي العلاقة التعاقدية مع المدرب عبد المجيد الدين الجيلاني    لن تتجاوز 35 دينار: الأسعار الجديدة للحوم الأبقار    ديوان الإفتاء: إمرأة وإبنتها تعتنقان الإسلام    نادين نجيم تنفي صحة الشائعات حول انفصالها عن خطيبها    تأثير الكافيين على وزن الجسم والإصابة بالسكري    بعدك يا نصر الله، بعدك يا سنوار    يا يحي .. خذ القضية بقوة..    مفتي الجمهورية في زيارة لشركة مختصّة في انتاج زيت الزيتون البكر وتعليبه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤشر القراءة الوطني 0،58 ٪:المكتبات العموميّة قليلة... والقرّاء أقل
نشر في الشروق يوم 26 - 12 - 2018

رياضة «الزمقتال» ودروس التشدّد الديني نجحت في استقطاب روّاد المكتبات
أول كلمة أنزلت على رسولنا الكريم «اقرأ» وورد في حديث منسوب إلى الرسول (صلعم) «ان مداد حبر الطالب أقدس من دم الشهيد».. كما ورد: «اطلبوا العلم ولو في الصين».. وكل هذا يدل على مكانة القراءة والاقبال على طلب العلم في حياة الشعوب.. في تونس مؤشر اقبال التونسي على المطالعة لا يكاد يذكر.. ونسق بعث المكتبات يتعثّر.. لماذا ينفر التونسي من القراءة وطلب العلم مع أن رقي الشعوب يمر حتما عبر الاقبال على المعارف والعلوم.
تونس/ الشروق: أسماء سحبون صور طارق سلتان
عليك الحذر وتوسيع خطوتك قبل الدخول ففي المكان فوهة متداعية لبالوعة تطهير قد تتهاوى فيها. بعدها ستتوقف عند باب كبير يقودك الى مكان شبيه بالقبو تشع فيه بقايا ليل بارد وصباح لا تأتي شمسه. تنكمش فيك الحياة وانت تتقدم داخل ارجاء المكان الذي هو من أقدم المكتبات العمومية في العاصمة.
تقع المكتبة في شارع تجاري يعج بالحياة فنهج راضية الحداد هو احد اشهر شوارع المدينة الحديثة الذي يشتهر بمحلاته ويعج بالحرفاء والمارة دون ان يشعّ دفء الحياة في ذلك المبنى الساكن فيه منذ عام 1962 وهو تاريخ تأسيس المكتبة.
وضع مأساوي للمكتبات
دخلنا مكتب امينة المكتبة شريفة جبران حيث لا يشبه المكان المكاتب بل هو عبارة عن جزء صغير من المبنى تملؤه الرطوبة وفيه بعض الكتب وسقف مثقوب. ينفتح باب المكتب على فضاء مخصص لكتب الأطفال تراصت فيه الكتب القديمة في رفوف تعلو حيوط يسكنها الخراب وفي الواجهة زجاج مكسور واجواء تقطع رغبة الأطفال في المطالعة وهو ربما ما يفسّر الغياب الكلي لروّاد ذلك الفضاء.
في الجزء الاخر من المبنى توفّر المكتبة 70 مقعدا لروادها وهو فضاء نشط يصل فيه معدّل الزيارات اليومية لروّاد المطالعة من شباب وكهول 200 وفقا لما ذكرته شريفة جبران.
المفاجأة الوحيدة السارة في ذلك المبنى هو إصرار القرّاء على المجيء اليومي "وقد بلغ الامر ذات مرّة حدّ تحدّيهم للمطر حين انهمرت قطراته من السقف وتراكمت المياه تحت ارجلهم وهم يجلسون الى الكراسي. يومها رفضوا المغادرة وقالوا ان ما يجمعهم بالمكتبة علاقة روحية لا تكترث لمجمل نقائص المكان هكذا تقول شريفة جبران بنخوة المتفائل المنتصر.
بعض الزوار هم شباب قادمون من ضواحي العاصمة اختاروا التردد على مكتبة راضية الحداد لما تتميز به من خصوصية تاريخية ومن اريحية تفسدها النقائص المتراكمة سنة بعد أخرى وفقا لزوار المكان.
اسعد إسم مستعار لشاب رفض التحدث الينا بهوية كاملة قال انه لا يفهم لماذا تتجاهل السلطات استصلاح المكتبة ويقترح فسح المجال لتبرعات القرّاء في صندوق تبرعات يومي عسى ذلك يساعد على ترميم ما يمكن ترميمه في المكتبة ويساعد على حماية الكتب من تسربات الامطار ويساعد على توفير الخدمات الضرورية لزوّار المكتبة (مثل المرحاض).
انهيار عدد القرّاء
هو حال الكثير من المكتبات التي سهت عنها الصيانة والتي ما تزال تحيا بروّادها. فيما تعاني بعض المكتبات الأخرى ورغم حداثتها وجمالية مبناها من غياب الزوار وهو حال المكتبة العمومية بسيدي حسين والتي لا ياتيها القراء وحيث اضطرت الامينة الى الاستعانة بوجه من أبناء الحي لتامين المكتبة وعدم الاعتداء عليها. والسبب يعود أساسا الى خراب منسي سهت عنه الدولة وهو بقايا مقرّ حزب التجمع المنحل والذي تم حرقه ابان الثورة فتحوّل الى وكر للمنحرفين وحرم القرّاء من التردد على المكتبة والتي تعتبر من إنجازات الثورة في الحي إذ تم احداثها بعد الثورة.
وتشير ارقام المعهد الوطني للإحصاء الى ان عدد المكتبات شهد تطورا طفيفا بين عام 2011 و2015 لتنضاف 17 مكتبة جديدة (بينها مكتبتان متنقلتان) وبالتالي زادت طاقة استيعاب المكتبات ببضعة الاف جديدة وزاد عدد العناوين في المكتبات ليناهز 3.89 مليون عنوان بالنبسة لكتب الكهول والشباب و2.9 عنوان بالنسبة لكتب الأطفال وحوالي 20 الف عنوان جديد بالنسبة لكتب المكتبات المتنقلة. إلاّ ان هذا التطور الإيجابي لم تقابله زيادة في عدد القرّاء وفقا لارقام المعهد الوطني للإحصاء إذ شهدت السنوات الأربع الأولى للثورة تراجعا بحوالي 287 الف قارئ كما شهدت اشتراكات الأطفال هبوطا ملحوظا بين العامين 2014 (بلغت 104987 اشتراكا) و2015 (بلغت 67398 اشتراكا). كما سُجِّل تراجع في عدد الكتب المستعارة قُدِّر بمئات الالاف من العناوين.
حركة عكسيّة للارقام فيها زيادة طفيفة لعدد المكتبات وفيها انحدار كبير لعدد القراء وعدد الكتب المستعارة فإلى اين ذهب القراء في تلك السنوات؟
بحثنا في الوجهات الممكنة للقرّاء فوجدنا زيادة بقاعتين فيما يتعلق بدور السينما (21 قاعة في 2011 و23 قاعة في 2015) ولا نعتقد ان مئات الالاف من المغادرين للمكتبات العمومية قد استقطبتهم القاعتان الجديدتان. وعثرنا على زيادة في عدد دور الشباب ب14 دارا جديدة بين 2011 (313 دار شباب) و2015 (327 دار شباب). وعثرنا أيضا على زيادة ب32 قاعة رياضة عمومية (161 في 2011) و232 قاعة رياضية خاصة سجّلت وحدها زيادة في عدد المنخرطين ب10 الاف منخرط. إذن عثرنا على وجهة بعض القرّاء والذين قد يكونون توجهوا، بالتوازي مع تطورات المناخ السياسي الذي سيطر عليه الاسلاميون أنذاك بجناحيهما المتشدد والمعتدل، الى تعلّم رياضة "الزمقتال" الشهيرة في تلك السنوات في تونس.
انفجار عدد المساجد
تتبعنا الخطى فبحثنا في عدد المساجد والجوامع بعد الثورة، حيث تحولت المساجد وفقا للمناخ السياسي والاجتماعي الذي وفّره الإسلاميون بعد الثورة الى فضاءات لتعلّم دروس التشدّد الديني واستقطاب انصار للحركات الجهادية المتطرفة ولاستقطاب مقاتلون لتسفيرهم الى ليبيا وسوريا، فوجدنا عددها يتكاثر بشكل اسرع بكثير من تكاثر الفضاءات الثقافية والفكرية فعدد المساجد بلغ بين 2010 و2017 حوالي 4480 مسجدا وهو العدد الذي لم يتجاوز 3595 مسجدا خلال العشرية التي سبقتها أي تسجيل زيادة ب885 مسجدا خلال سبع سنوات فقط عن العدد الجملي للمساجد خلال عشر سنوات.
وبرز التناقض الواضح بين الأرقام فيما يتعلق بعدد المكتبات العمومية مقارنة بعدد المساجد من ذلك نذكر ان عدد المساجد بلغ 495 مسجدا في صفاقس والحال ان عدد مكتباتها لم يتجاوز 27 مكتبة. وفي مدنين توجد 15 مكتبة مقابل 363 مسجدا وفي سيدي بوزيد توجد 18 مكتبة مقابل 312 مسجدا وفي القيروان توجد 18 مكتبة أيضا مقابل 296 مسجدا وفي نابل توجد 62 مكتبة عمومية مقابل 279 مسجدا وفي المهدية 21 مكتبة مقابل 228 مسجدا وفي القصرين توجد 19 مكتبة مقابل 204 مسجد.
حدث هذا في الوقت الذي خاض فيه المجتمع التونسي معركة النور والظلام معركة التشبث بالمشروع الحداثي التونسي وبالمساواة والحريات الفردية والخاصة والحريات العامة ومعركة فرض سلطان القدسيّة على افواه المتحدثين باسم الله ومن نصبوا انفسهم خلفاء لله في الأرض واوصياء على المقدّس. فالمساجد والجوامع جعلوا منها فضاء للتعبئة السياسية لمصلحة الإسلاميين وفضاء لالقاء دروس التشدد الديني في تلك السنوات وصناعة الإرهابيين بدل ان تكون المكتبات المنارة التي تنير الجزء المظلم في العقول وتفتح باب النقد والاختلاف. توفرت السيولة في ايدي هؤلاء لتشييد المساجد الجديدة والتي ستكون لاحقا فضاءات التعبئة خاصتهم فيما تم التغاضي عن تخصيص ميزانية لصيانة المكتبات العمومية.
في تلك السنوات وفي الوقت الذي انهار فيه عدد القرّاء تنامت دروس التشدد الديني وصناعة الإرهابيين بفضل المناخ السياسي الذي وفّره الإسلاميون بشقيهم المتشدد والمعتدل فكانت الفضاءات الدينية مخابر لصناعة الإرهابيين والقتلة من الشباب واليافعين وذلك عبر الاستماع الى خطب شيوخ متشدّدون قادمون من الخليج العربي ولتلقّي دروس في التشدّد الديني والسيطرة بالقوة على المنابر لتمرير الخطابات السياسية المتسترة باسم الدين. والمؤسف ان المكتبات العمومية في تلك الفترة بوضعها السيئ في بنيتها التحتية ونقائصها الجمّة فشلت في المحافظة على عدد قرّائها من تحوّل بعضهم الى التردد على المساجد وبالتالي الدخول في متاهات التشدد والإرهاب وحمل السلاح ضد الدولة والتورط في الاغتيال.
في المحصلة يستمر الوضع غير المتكافئ في إمكانيات الفضاءين فالمساجد ما تزال، بامكانياتها المادية المحترمة، تحت طائلة خطباء اغلبهم منتمون حزبيا ويتم عبرها التحكم في عقول الناس لتوجيههم في الانتخابات فيما تحافظ المكتبات العمومية، بامكانياتها المنهكة في خسارة قرائها ومن هنا تتضح معالم حصيلة هذه المعركة المجتمعية التي نخوضها طيلة ثماني سنوات.
3.7
ملايين هو العدد السنوي لزوّار المكتبات العمومية 92 بالمئة منهم تلاميذ وطلبة فيما لا يتجاوز عدد المعطلين عن العمل 1.26 ٪.
55 ٪
من روّاد المكتبات يطلبون كتب الادب والشعر والبقية يبحثون في الدراسات الاجتماعية والإنسانية والكتب العلمية والتقنية.
4480
هو عدد المساجد خلال السبع سنوات التي أعقبت الثورة مسجلا زيادة ب885 مسجدا جديدا عن العشرية السابقة فيما لم يتجاوز عدد المكتبات العمومية 423 مكتبة تعاني العديد من النقائص.
0.58
هو مؤشر القراءة الوطني بمعنى ان معدل القراءة لا يتجاوز نصف كتاب سنويا لكل تونسي.
287
الفا هو حجم النقص المسجل في عدد القراء خلال الفترة الفاصلة بين 2011 و2015.
7.4
ملايين كتاب توفرها المكتبات العمومية في عدد مقاعد بمعدل مقعد واحد لكل 320 مواطنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.