غالبا ما يؤدي التركيز و"التبئير" حول تنامي التطرف وكراهية الآخر في المجتمعات العربية والمسلمة دون التوقف بالمتابعة والتحليل الى ما اخذت تشهده المجتمعات الاوروبية من " انزياح "نحواليمين ومن تبني أفكار لا تخلومن عنصرية ومن كراهية للأجانب . ولا شك ان تنامي هذه النزعة يعود الى أسباب ترتبط بالديناميكية الخاصة بهذه المجتمعات سواء من حيث تنامي الاحساس بالأزمة الاقتصادية او وطأة التهرم السكاني المخيف الذي تعيشه اوروبا اولتحول "اثارة المخاوف " الى ورقة رابحة في المواعيد الانتخابية . ولكن لهذه النزعة تداعياتها المؤكدة والتي لا تخلومن خطورة على المجتمعات العربية لأنها تمس شريحة هامة من ابنائها وبناتها وهم المهاجرون الذين يعيشون في اوروبا. ذلك ان قراءة سريعة لتوجهات الرأي العام في دول الاتحاد الاوروبي والى نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية تشير الى تنامي حضور اليمين والى ان هذا «الغزو» اليميني مرشح لمزيد التطور والتنامي . ومن خلال متابعتي الفاعلة للحياة السياسية الألمانية فاني لا اخفي امتعاضي من تغير توجهات الرأي العام في هذا البلد الذي عانى من النازية ودفع ثمنا باهظا للتخلص منها ومن انعكاساتها المدمرة ولكنها تعيش حاليا على وقع عودة واضحة للنازية في ثوب جديد في ظاهره ولكنه يحافظ على نفس المقاربة العنصرية للشعوب والديانات الأخرى . واذ كنت حريصا على لفت انتباه اصدقائي من السياسيين الألمان الى الدلالات الخطيرة لتمكن النازيين الجدد من الحلول محل "فيلي براندت" الذي كان رمز ألمانيا المنفتحة والمتفاعلة ايجابيا مع محيطها الاوروبي والعالمي فإني اعتقد ان اصحاب القرار في الدول العربية وبشكل خاص في تونس مدعوون للتفكير في تداعيات صعود اليمين في اوروبا على المهاجرين ووضع السياسات الكفيلة بالتعاطي الايجابي مع هذا الصعود المخيف . وفي تقديري فان أول خطوة يجب الانطلاق منها تتمثل في توقع تواصل ظاهرة صعود اليمين على امتداد العشرية المقبلة على الأقل في ظل الأزمة الاقتصادية المرشحة لمزيد التنامي وتشتت القوى الوسطية وخضوع قطاعات واسعة من الرأي العام الاوروبي لإغراء الشعارات البسيطة التي تجعل «المهاجر» احد مظاهر الأزمة وسببها. والمهاجرون في حاجة الى سياسات تشعرهم بالاطمئنان في مجتمعات القبول والى اشكال احاطة مبتكرة من جانب الدول والى اجراءات وسياسات توطد علاقتهم باوطانهم. والى جانب ما يتعين على الحكومة بذله من جهود في الاحاطة لا بد ان تكون للاحزاب السياسية مكانة للمهاجرين في برامجها وايضا في علاقاتها مع الاحزاب الاوروبية لانه من الضروري ان تتشكل آليات ضغط وتأثير تونسية وعربية في السياسات الاوروبية بما من شأنه ان يشعر المهاجرين بأنهم غير منسيين وبما يؤثر في السياسات الاوروبية خدمة لمصلحة الطرفين في التعاون والعيش المشترك.