أعلن جمال الجريدي رئيس جمعية المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا ان «سلاح» الاعتصام والوقفات الاحتجاجية مازال متواصلا ويأتي كردة فعل على عدم جدية المعالجات المطروحة. «رغم ان الثورة قامت من اجل تحقيق كرامة المواطن.. والنهوض بالتشغيل... الا ان المعطّلين عن العمل لم يحظوا بعد بمعالجة جوهر قضيتهم.. لذلك سنواصل الاعتصامات والاحتجاج...» هذا ما أكده السيد جمال الجريدي رئيس الجمعية التونسية للمعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا ل«الشروق».. وأضاف ان هناك اعتصاما أسبوعيا كل يوم أربعاء.. اضافة الى مسيرات ووقفات احتجاجية في ولايات صفاقس وتونس وسيدي بوزيد وعدد من الولايات الأخرى. كما أكد على وجود اضرابات جوع لعدد من المعطّلين عن العمل. وقد تكثّفت الاعتصامات والاحتجاجات منذ شهرين.. أي بعد صدور عدد من المناظرات التي لم تستجب مقاييسها لانتظارات المعطلين بعد الثورة. أزمة.. وحلول سحرية وردّا على الاتهامات الموجهة للمعتصمين والمطالبين بالتشغيل رغم ما تعرفه البلاد من أزمة اقتصادية وفترة حرجة.. يقول جمال الجريدي «إنّ المعطّلين لا يطالبون بحلول سحرية.. لكنهم يطالبون بالجدية وبدراسة الأزمة من كل جوانبها. كما يطالبون بالشفافية لا مواصلة تقديم الوعود واللغة الخشبية التي تعوّدوها من النظام السابق. ويعتبر رئيس الجمعية التي تضم حوالي عشرة آلاف منخرط أن هناك تفاعلا مع وزارة التشغيل وتعاونا مع المجتمع المدني.. وتطالب الجمعية بظروف عيش كريمة للمعطّل عن العمل.. فصحيح ان منحة ال200 دينار قد فتحت أبوابا لعيش الكثير من العائلات، لكنها مازالت محددة بسنة واحدة.. كما تطالب الجمعية بمجانية النقل حتى لا ينعزل العاطل عن العمل عن الحياة الاجتماعية وعن حضور الندوات والملتقيات الفكرية، وعن التنقل للبحث عن عمل.. ومن المطالب الاخرى للمعطّلين عن العمل نجد المطالبة بمجانية العلاج.. وتمثل هذه الحلول حلولا وقتية لحفظ ماء الوجه والكرامة. ويقول جمال الجريدي : «نطالب بأن نصنع الحلول معا.. وبالاشتراك مع وزارة التشغيل والأطراف المعنية.. وان نكون شريكا فاعلا في ايجاد الحلول.. لا أن نكون مجرد منفذين لآليات وأوامر..» وأكد ان عمل الجمعية الذي انطلق منذ سنة 2008، هو عمل قانوني ولا يتجاوز المعمول به.. معطّلون لنصف قرن!! تبدو حكايات المعطّلين عن العمل من المنخرطين في جمعية المعطّلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا أقسى من الخيال.. فوسط المعطّلين وجدت «الشروق» حالات لمعطّلين تجاوزوا العقد الرابع والخامس من عمرهم. ومن بين الحالات وجدنا رجب المجاهدي (50 سنة) وهو مهندس كيمياء، شهدت له مقاعد الجامعة بأهليته ونجاحه.. تخرج سنة 1987.. هو أصيل ولاية المنستير.. لكن مواقفه السياسية و«لسانه الحر» جعلته يعانق عملا لشهر واحد سنة 1992.. قبل ان يطلقه العمل نهائيا ويبقى عاطلا عن العمل. رجب المجاهدي واصل حياته في العمل في الفلاحة وهو اليوم يحلم بتشغيله وايجاد كرامته في العمل.. كما يحلم بتشغيل ابنته الطالبة! أما جميلة الدڤاشي فقد كانت تحلم بتدريس الانقليزية.. والحصول على مكانة اجتماعية طيبة يوفرها لها عملها كأستاذة.. لكنها تخرجت من كلية الآداب وبلغت 47 سنة، ولم تحظ بعد بفرصة العمل. بدوره مازال العجمي الشاردة (48 سنة) يعاني من البطالة رغم حصوله على الاجازة في اللغة العربية.. وقد اضطر لكسب قوته من خلال العمل في حضائر البناء و«المرمّة».. أما سعيد الجربي (44 سنة) والمتحصل على اجازة في الفلسفة، فلم يتردد بعد ان ذاق مرارة البطالة في العمل في بيع بعض الخضار في السوق. وتبدو حالة لطفي السفيني الصحية (47 سنة) الاكثر هشاشة، حيث يعيش ظروفا عائلية مأساوية وحياة قاسية في المتلوي، وكان لطفي المتحصل على اجازة في الفلسفة صاحب فكر مرموق.. وتوقع له الكثيرون بدور رائد في المجتمع.. لكن هيهات.. حالات كثيرة أخرى مازالت تذرف دموع البطالة وتأمل في غد أفضل.. وكلها تعلم ان الحلول ليست سحرية.. ولكن الاصغاء وحسن التدبير والشفافية كافية لصون كرامتهم واعطائهم الامل في غد أفضل! وللإشارة فإن بعض المعطّلين حُرموا من العمل لأسباب سياسية أو بسبب رفض النظام السابق لحرية التعبير.