تونس «الشروق» شهر واحد فقط يفصلنا عن شهر رمضان... شهر واحد فقط وذاك السؤال الذي طالما بحثت له عن إجابة مايزال يسكن عقلي... إلى من ستؤول سياسة موائد الافطار هذا العام؟ أي مصير لآلاف العائلات التي تعودت الافطار الجاهز ونيل القليل من الهبات في كل مناسبة وبغير مناسبة وسط أجواء التصفيق الحارّ... أي مصير للآلاف الذين جعلوا منهم عبيدا وورقة رابحة لملء الفراغات أثناء مهمة الكذب على الشعب... أي مصير لأسس المنظمات والهيئات الخيرية التي تستغل أسماءهم لجمع المليارات وتلقي إليهم بالفتات في صناديق مقرونة وكسكسي وحشايا من الموس وقوارير زيت وفارينة وهي بضائع يقع الحصول عليها وجمعها من المصانع بعنوان ضريبة غير علنية تحت شعار «المدّ التضامني...»؟ الآلاف من روّاد موائد الافطار هل ستشملهم الثورة؟ هل سيتحرّرون من أغلال العمل الخيري... هل سيدخلون مرحلة جديدة لا يكونون هم فيها مجرّد أداة سياسية حقيرة... لكسب رهانات تغطي فظائع سياسة الحكومة؟ أسئلة كثيرة ماتزال بالبال... موائد الافطار على الأبواب... الآلاف من المواطنين كانوا مسجليّن في قائمة العبيد الخاضعين لحكم الطاغوت... الآلاف عاشوا رهائن المناسبات السياسية والخيرية والدينية والعالمية... ليحصلوا على فتات الاعانات... الآلاف من التونسيين هذا حالهم اليوم ومنذ سنوات في زمن كان بالامكان أن نوفر لكل واحد منهم فرصة عمل ومورد رزق. اتركوا أيها الساسة فقراءنا في خير، اتركوا الجياع والمنكوبين والعطشى وعابري السبيل، اتركوهم بلا صناديق... اتركوهم بلا مقرونة، بلا كسكسي، بلا زيت، بلا طحين بلا كراسات أو كتب مهترئة بلا محافظ درجة عاشرة بلا أحذية قديمة أو ملابس نجمعها على وقع احتفالات بالملايين تبثها كل وسائل الاعلام وتمنح لبعض الأقلام الامتياز. اتركوا أيها الساسة فقراءنا في خير... اتركوا لهم كرامتهم، اتركوهم بلا ملابس العيد المستولى عليها من المصانع عنوة... اتركوهم بخير... فقط امنحوهم الفرصة لكي يدخلوا سوق الشغل... سوق العمل... سوق الحياة... اتركوهم يعملون ويعملون... وبعرق جبينهم سيشترون «المقرونة» وملابس العيد والكرامة وموائد الافطار... بعرق جبينهم تنجح الثورة ونحترم دماء الشهداء... اتركوهم... نعم اتركوا فقراءنا في أمان... أما أنكم أيّها الساسة تخافون... نعم تخافون من الفقراء... نعم تخافون أن تفقدوا أدوات العمل السياسي. تخافون من ثورة الجياع... تخافون من استقلالية الفقير الذي يعمل... لن يقبل يومها أن يمدّ يده الى «زيتكم» والى «طحينكم» والى كتبكم المدرسية المهترئة... لذلك... لا نريد «موائد افطار»، لا نريد لسياسة العبيد أن تعود... نريدها ثورة للفقراء... ودمتم أيها الساسة نخرا للوطن... دمتم سندا للفقراء فقط اتركونا بلا «موائد افطار»...